تصريحات متضاربة..

صحف عالمية تناقش الوضع المأساوي في قطاع غزة وبنيامين نتنياهو يلوح باجتياح رفح

كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها لآخر ملاذين للنازحين في قطاع غزة باستهدافها المكثف لرفح جنوب القطاع ودير البلح وسطه، مما أسفر عن استشهاد مئات الفلسطينيين، وزاد المخاوف من توسيع إسرائيل نطاق عمليتها البرية في المدينتين المكتظتين بالنازحين.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

غزة

تناولت الصحف العالمية الوضع الصحي المأساوي في قطاع غزة، ونقلت شهادات بعض الأطباء عن ما سمي عمليات القتل غير القانونية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين، مشيرة إلى ضرورة إنهاء الحرب في القطاع. 

وتحدث أطباء فرنسيون عائدون من غزة لصحيفة “ليبراسيون” عن مشاهداتهم في القطاع، ووصفوا الوضع بأنه “مأساوي ويفوق التحمّل” مؤكدين أن الجيش الإسرائيلي يمارس قتلا غير قانوني ولا مبرر. 

وقال أحد الأطباء “لقد عملت في مناطق سورية محاصرة، وفي أوكرانيا بعد الغزو الروسي، لكن ما شاهدته في غزة غير مسبوق”. وقالت الكاتب ليف غرينبيرغ في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن الحل الوحيد لإنهاء الحرب على غزة يكمن في الضغوط الدولية والاحتجاجات الشعبية من قبل الإسرائيليين، مشددا على عدم وجود حل عسكري للقضية الفلسطينية. 

وأشار الكاتب إلى أن “خروج إسرائيل من غزة، وإعادة الأسرى والجنود الغارقين هناك في الوحل، ليس أولوية الآن ما دامت القيادة السياسية والعسكرية مستمرة في التمسك بالنصر ورفض الحلول السياسية”.

 وفي مجلة “فورين أفيرز” كتب ألوف بن عن “التدمير الذاتي الذي تمارسه إسرائيل بسياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين” قائلا إنه “لا مفر لإسرائيل من التصالح مع الفلسطينيين إذا أرادت العيش في سلام”. وأكد أنه “لا يمكن للإسرائيليين أن يتوقعوا الاستقرار إذا استمروا في تجاهل حقوق الفلسطينيين ورفض تطلعاتهم بل وحتى وجودهم”. 

وفي صحيفة “غارديان” البريطانية، دعا الكاتب محمد بازي الرئيسَ الأميركي جو بايدن لإجبار إسرائيل على إنهاء الحرب، قبل أن يتصاعد صراع واشنطن مع المليشيات المدعومة من إيران.

 وقال الكاتب إن بايدن يمتلك القدرة على كبح جماح إسرائيل لكنه يرفض استخدامها، موضحا أن واشنطن “بذلت قصارى جهدها لإخفاء حجم شحنات الأسلحة والمساعدات الأميركية لإسرائيل على عكس ما فعلت بشأن الشحنات الهائلة من الأسلحة لأوكرانيا”. 

أما موقع “ميديا بارت” الفرنسي فنشر تحليلا ينتقد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون تكريم الفرنسيين الإسرائيليين الذي سقطوا ضحايا في عملية طوفان الأقصى. وقال التحليل إن موقف الرئيس يكرّس المعايير الغربية المزدوجة ويعمّق الانهيار الأخلاقي والسياسي القاتل في فلسطين، داعيا باريس إلى وضع حد لحالة الإنكار التي تعيشها بخصوص غزة. 

وفي مجلة “نيوزويك” قال محللون إن تصاعد التوتر في البحر الأحمر قد يتسبب في موجة جديدة من ارتفاع التضخم العالمي وعرقلة سلاسل الإمداد، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار. 

ولفت المحللون إلى أن أكبر منطقة تأثرت بالتأخيرات هي أوروبا، مشيرين إلى أن الوصول المحدود عبر قناة بنما قد يضع الولايات المتحدة تحت الضغط أيضا. وقالت “لوموند” الفرنسية إن الصين نأت بنفسها عن الصراع المتصاعد في البحر الأحمر، وتجاهلت الطلب الأميركي بالتدخل لدى إيران. 

وأضافت الصحيفة أن الصين تجني فوائد من بقائها خارج اللعبة، مشيرة إلى أنها تدرك أن تدخلها المباشر بهذا النزاع سيكون له ثمن، فضلا عن عدم تضرر اقتصادها من تعطل حركة الملاحة في البحر الأحمر.

 من جانب آخر قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن النصر الكامل في غزة أصبح في المتناول، وأكد أن حكومته لم تلتزم بأي وعود بشأن الصفقة التي اقترحتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوقف إطلاق النار، لافتا إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة.

 وجدد نتنياهو خلال مؤتمر صحفي وعيده بمواصلة الحرب حتى القضاء على حماس، مشيرا إلى أن تحقيق الأهداف الإسرائيلية في هذه الحرب مسألة أشهر، وأنه لا رجعة عن الانتصار فيها. وقال إنه أخبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن إسرائيل على وشك تحقيق “النصر التام” على حماس، زاعما أن تحقيق “النصر” في غزة سيستغرق أشهرا وليس سنوات. 

وأعلن أن التعليمات صدرت للجيش الإسرائيلي بالتحرك أيضا في رفح والمخيمات المركزية التي وصفها بأنها “آخر معاقل حماس”، على حد قوله. وقال نتنياهو إنه لا يمكن الحديث عن الانتصار في ظل وجود حماس، وإن الاستسلام لشروط الحركة سيجلب كارثة على إسرائيل، مضيفا “إذا انتصرنا على حماس فإن دائرة السلام في المنطقة سوف تتسع”. 

وتأتي تصريحات نتنياهو في حين نقلت القناة الـ12 عن مقربين من بيني غانتس زعيم حزب الوحدة الوطنية عضو المجلس الوزاري الحربي قولهم إن إسرائيل لن تسلم ردها على رد حماس قبل اجتماع الكابينت الأمني والسياسي مساء غد الخميس. 

كما نقلت القناة الـ13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن بعض المطالب التي قدمتها حماس لإبرام الاتفاق لا يمكن تلبيتها. وأضاف المسؤول -الذي لم تذكر القناة اسمه- أن السلطات الإسرائيلية ستبحث ما إذا كانت سترفض اقتراح حماس كليا أو ستطلب شروطا بديلة. 

من جهته، قال القيادي البارز في حركة حماس أسامة حمدان خلال مؤتمر صحفي إن وفدا من الحركة يرأسه خليل الحية سيتوجه غدا الخميس إلى القاهرة، لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار مع مصر وقطر. وقال حمدان إن مواقف قادة الاحتلال تؤكد عزمهم على إطالة أمد العدوان وتضليل الرأي العام الصهيوني.

 وأوضح أن الحركة قدمت ملاحظاتها على المقترح المطروح، بما يضمن وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات. وشدد على أن السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ودعا الإدارة الأميركية إلى الكف عن سياسة دعم الاحتلال التي تقود المنطقة إلى الاشتعال. وطالبت حماس بأن يتم الانتهاء من مباحثات التهدئة التامة قبل بدء المرحلة الثانية، وضمان خروج القوات الإسرائيلية خارج حدود القطاع، وبدء عملية الإعمار. 

وعرضت حركة حماس في المرحلة الأولى إطلاق المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال والمسنين والمرضى مقابل 1500 أسير -بينهم 500 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية- إضافة إلى جميع النساء والأطفال وكبار السن في سجون الاحتلال. كما اشترطت الحركة “وقفا كاملا” للعمليات العسكرية من الجانبين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق السكنية بجميع مناطق القطاع، وإدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا من المساعدات والوقود إلى كل مناطق قطاع غزة خلال المرحلة الأولى. وأوضحت المصادر أن حركة حماس طالبت في المرحلة الأولى أيضا بعودة النازحين إلى أماكن سكناهم، وضمان حرية الحركة بين شمال وجنوب القطاع، وفتح المعابر. 

واشتمل رد الحركة على ضرورة الموافقة على إدخال ما لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت و200 ألف خيمة إيواء إلى القطاع خلال المرحلة الأولى، إضافة إلى إقرار خطة إعمار البيوت والمنشآت الاقتصادية والمرافق العامة التي دمرت، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 3 سنوات. وتتضمن المرحلة الأولى كذلك إعادة تشغيل المستشفيات وترميم المنشآت الطبية المتضررة. 

وفي السياق نفسه حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العالم يدخل “حقبة الفوضى”، مشيرا إلى انقسامات غير مسبوقة في مجلس الأمن الدولي، كما حذر من تداعيات إقليمية خطيرة للهجوم الإسرائيلي المحتمل على مدينة رفح المكتظة بالنازحين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة. وقال غوتيريش، في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، “هذه ليست المرة الأولى التي ينقسم فيها المجلس، لكنها الأسوأ. الخلل الحالي أعمق وأخطر”، وأوضح أن مجلس الأمن غير قادر على التحرّك في مواجهة “النزاعات الفظيعة” الجارية. وقال غوتيريش إنه يشعر بقلق شديد إزاء التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة في المرحلة التالية من هجومه على القطاع. 

وحذر من أن أي هجوم بري على رفح -التي تقع على الحدود مع مصر والمكتظة بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين- ستترتب عليه “تداعيات إقليمية لا تحصى” وقال إن “عملا كهذا سيفاقم الوضع على نحو هائل الذي هو أصلا كابوس إنساني، مع تداعيات إقليمية لا تحصى”. وجدد الأمين العام للأمم المتحدة مطالبته بـ”وقف إنساني فوري لإطلاق النار” والإفراج عن جميع “الرهائن”. 

وجاءت كلمة غوتيريش خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي عقد بطلب من الجزائر للنظر في قرار محكمة العدل الدولية الذي دعا إسرائيل لاتخاذ إجراءات لمنع أي عمل “إبادة جماعية” محتمل في قطاع غزة. 

وكانت الخارجية الجزائرية أعلنت، في بيان في وقت سابق الأسبوع الماضي، أن الاجتماع يعقد “بغية إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل الدولية في ما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي”.

 وكثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها لآخر ملاذين للنازحين في قطاع غزة باستهدافها المكثف لرفح جنوب القطاع ودير البلح وسطه، مما أسفر عن استشهاد مئات الفلسطينيين، وزاد المخاوف من توسيع إسرائيل نطاق عمليتها البرية في المدينتين المكتظتين بالنازحين. 

ووصل عشرات آلاف النازحين إلى رفح منذ الأسبوع الماضي بسبب العدوان الإسرائيلي المكثف على خان يونس في جنوب قطاع غزة. وكان جيش الاحتلال قد أعلن رفح “منطقة آمنة” وأمر سكان الشمال بالنزوح إليها من قبل، وبحسب الأمم المتحدة، يبلغ عدد النازحين في المدينة الحدودية لمصر أكثر من مليون و300 ألف.