"نفط حضرموت".. تدخلات إقليمية قد تعزز تحالف الحوثيين وتنظيم القاعدة

قالت قناة العربية السعودية إن الأجهزة الأمنية اليمنية في محافظة المهرة، أحبطت محاولة إرهابية كانت تستهدف الأجانب،، وعدد تلك الخلية عشرة عناصر إرهابيين كانوا يخططون لتنفيذ أعمال إرهابية ضمن مخطط إجرامي كبير في أماكن متفرقة من المحافظة، دون ان تشير إلى تبعية هذه العناصر لتنظيم القاعدة أو الحوثيين المصنفين على قوائم الإرهاب الأمريكية.

وذكرت القناة على لسان مصدر في وزارة الداخلية اليمنية (إخوان) "أن أفراد الخلية الإرهابية أطلقوا النار على الوحدات الأمنية ما اضطرها لاستخدام القوة وتبادل إطلاق النار مع الإرهابيين، حتى تمكنت من تضييق الخناق عليهم وإجبارهم على الاستسلام والقبض عليهم في وقت قياسي، مشيرة إلى أن عملية تتبع ورصد هذه العناصر كانت عملية نوعية ومعقدة استمرت عدة أشهر تكللت بالقبض على كافة عناصر الخلية الإرهابية.

وجاء الحديث عن ضبط عناصر خلايا إرهابية في المهرة، في ظل تزايد أنشطة الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة والحوثيين خاصة في محافظتي حضرموت والمهرة، والخاضعة لسيطرة قوات محلية تشرف عليها المملكة العربية السعودية.

وتعد محافظة المهرة، واحدة من أبرز المحافظات التي تنشط فيها الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، والتي تظهر علانية في مناهضة السعودية، التي تتمركز بقواتها في المحافظة الشرقية.

خلال السنوات الماضية، برز أسم "علي سالم الحريزي"، وهو ضابط سابق في الجيش الجنوبي، ومسؤول حكومي، وتاجر سلاح، مناهض للسعودية التي اتهمها بتدمير المهرة والسيطرة عليها، ومحاولتها إنشاء مشاريع توسعية في المحافظة.

وتشكل المهرة نقطة صراع بين سلطنة عمان من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، لكن إيران كانت المستفيد الأكبر، تراخي القبضة العسكرية لحكومة الشرعية اليمنية التي تدعمها الرياض، وهو ما مكن أذرع طهران من تهريب الأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ، لكن السعودية لم تدخل في أي صدام مع سلطنة عمان، قبل ان تستعين بها لتقريب حل مع الحوثيين لوقف التدخلات السعودية في اليمن.

تركت السعودية على "استحياء" المهرة لنفوذ عماني، وذهبت صوب وادي حضرموت لتعزيز نفوذ تنظيم الإخوان التي تقول وسائل إعلام سعودية إنه على علاقة بتنظيم القاعدة، اشد فروع قاعدة الجهاد تطرفا في الجزيرة العربية.

واعتبرت صحيفة عكاظ السعودية، التنظيمات الإرهابية "القاعدة وداعش"، بأنهم فروخ تنظيم الاخوان المسلمين.

وتمثل منطقة وادي وصحراء حضرموت، ساحة أمنة تنشط فيها جماعات "الإرهاب" بشكل مباشر ، وهي مناطق يسيطر عليها أو ينشط فيها تنظيم الإخوان (حزب الإصلاح) في اليمن، حيث ترتفع وتيرة الأعمال الإرهابية عند فقدان التنظيم لمنطقة من مناطق نفوذه، وتكون منطقة الوادي والصحراء بحضرموت، منطلقا لهجمات انتقامية، تقول تقارير صحفية إن العمليات الإرهابية تُستخدم كرسالة انتقامية ضد قوات وتشكيلات المجلس الانتقالي الجنوبي، عادة ما تُنفذ هذه العمليات الإرهابية بعد كل خسارة يتعرض لها تنظيم الإخوان.

وخلال السنوات الـ8 الماضية، شكلت التنظيمات المتطرفة، رأس حربة في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي خسر العديد من قياداته العسكرية في عمليات إرهابية، تشير معلومات صحفية إلى أن تلك العمليات أكدت وجود ما اسمته "حالة من الانسجام أو الرضا بين الإصلاح والحوثيين بعد تلك العمليات الإرهابية.

وعادة ما يُظهر إعلام وناشطو كل من الإصلاح والحوثيين فرحة واضحة بهذه العمليات الإرهابية.

وعلى الرغم من سيطرة الإخوان على مدن ومحافظات يمنية عدة، إلا أنهم فشلوا في كبح جماح الاغتيالات، حيث تُعد استمرار الاغتيالات دليلاً على أن المناطق التي يحكمها الإخوان باتت "مرتعاً للإرهاب"، او ان التنظيم هو الحليف الأبرز او المتحكم بتلك الجماعات التي لم يسبق لها واستهدفت أي من القيادات الحوثية او الإخوانية، وهو ما يعتقده جنوبيون دليلا على ان الاخوان والحوثيين يستخدمون التنظيمات الإرهابية ضد خصومهم الجنوبيين. 

ويُشير التزامن بين خسائر الإخوان والعمليات الإرهابية إلى استخدام "الإرهاب" كأداة سياسية، لكن الإرهاب (كأداة سياسية)، بات الورقة التي يستخدمها الإخوان لعرقلة انتشار قوات النخبة الحضرمية في وادي وصحراء حضرموت، وهي مناطق تعتبرها السعودية مناطق عمق استراتيجي لا يمكن التفريط فيها.

ولكن الرياض ليست وحدها من تراهن على الإخوان لبناء استراتيجية (قديمة جديدة)، فأنقرة دخلت مرة أخرى في البحث عن موطئ قدم في أخر معاقل الاخوان في محافظات الجنوب، والخاصة بالجزء الاستراتيجي (وادي وصحراء حضرموت).

تحاول السعودية الحصول على موطئ قدم في ساحل حضرموت حيث تنتشر قوات النخبة المحلية، وتطرح قوات بديلة "هي قوات درع الوطن" المحسوبة على السعودية، التي  تدعم جماعة الإخوان في اليمن لتمكينها من السيطرة على حضرموت، وهو الهدف الذي تتشارك فيه الرياض مع انقرة، في جعل حضرموت وطنا بديلا للإخوان في حال طردهم من مأرب من قبل الحوثيين.

تدعم السعودية حلفائها المحليين للسيطرة على المكلا، بينما تسعى تركيا لتعزيز تواجد الإخوان في وادي وصحراء حضرموت، لكن أبناء حضرموت، يرفضون ما يصفونه بالاحتلال العسكري لأرضهم من قبل "قوات المنطقة العسكرية"، حيث تتناقض مساعي الرياض وأنقرة مع مصالح أبناء حضرموت وتاريخهم.

لكن تبدو هناك مفارقات في التعامل مع الملف اليمني من قبل السعودية وتركيا، حيث تصنف السعودية، الإخوان كجماعة إرهابية، بينما تتحالف مع فرعهم في اليمن، من جهتها، فرضت تركيا تشديدات على الإخوان في أراضيها بينما تدعم فرعهم في اليمن.

لكن يظل الرهان على الإخوان خاسر، خاصة وان هناك تجربة لـ(السعودية وتركيا)، في خسارة شبوة، على الرغم من وجود محاولات عديدة لدعم سلطة قمعية للتنظيم في المحافظة، عقب اجتياح عسكري واسع، كان للرياض وانقرة دورا في بسط نفوذ التنظيم على المحافظة النفطية في أغسطس/ آب العام 2019م.

خسر تنظيم الاخوان وداعميه شبوة، لاعتبارات ان للتنظيم خصومة تأريخية مع الجنوبيين، الذين يقولون ان التنظيم قد حرض على قتل المدنيين الجنوبيين من خلال فتوى دينية تكفيرية أصدرها الاخوان، حين كانوا حلفاء لنظام علي عبدالله صالح.

تؤكد تقارير صحافية على وجود تقاطع مصالح بين السعودية وتركيا، لكن تظل المشكلة في الحلفاء المحليين (جماعة الإخوان)، حيث ترى تلك التقارير إلى أن دعم التنظيم يعني فقدان حالة الأمن والاستقرار في ساحل حضرموت، أكثر المدن الجنوبية استقرارا، وعدم لاستقرار في حضرموت، يعني مزيدا من التعزيز للتحالفات بين الحوثيين (ذراع إيران)، وتنظيم القاعدة المسلح، الذي تشر العديد من التقارير إلى أنه قد أصبح أحد الأدوات لتحقيق مشروع التوسع في المنطقة، معتقدين ان تحالف إيران مع الجماعات المسلحة السنية، يعود الى وجود أمير التنظيم "سيف العدل" في إيران، والذي يضحى بالتحرك لخلق مزيدا من الاصطفاف المسلح مع الحوثيين في مواجهة القوات الجنوبية التي تقاتل في أبين وشبوة.