مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات..
سفينة " روبيمار" ما بين استمرار الكارثة وأمل الحد من مخاطر التلوث في البحر الأحمر (دراسة تحليلية)
يسعى هذا البحث لمعرفة حجم الكارثة البيئية المستفحلة في مياه البحر الأحمر وخليج عدن من جراء الاعتداءات الحوثية على سفينة روبيمار، وكشف التأثيرات والتحديات التي خلفتها، وقد توصل لعدد من النتائج أبرزها: إن التلوث البحري جراء غرق سفينة رونيمار جاءت متنوعة، كالإضرار بالتوازن الايكولوجي ونفوق الثروة السمكية، والأحياء المائية، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، بالإضافة إلى الأضرار الصحية التي تصيب الإنسان جراء التلوث البحري.
المقدمة: تعدُّ ظاهرة التلوث البحري من المشكلات الهامة التي أصبحت تواجه المجتمع الدولي بأسره، لمّا في ذلك من انعكاسات وتأثيرات ضارة على البيئة البحرية نفسها، وعلى مصالح المتعاملين بها. والتأثيرات التي يخلفها التلوث البحري على البيئة البحرية متنوعة، كالإضرار بالتوازن الايكولوجي للبحار وبالثروة السمكية، والأحياء المائية، بالإضافة إلى الأضرار الصحية التي تصيب الإنسان والأضرار الاقتصادية التي تلحق الصيادين وأصحاب الفنادق السياحية.
ولقد كانت كارثة الناقلة "توري كانيون" التي وقعت في شهر مارس من سنة 1967 بمثابة الناقوس الذي نبه العالم لخطورة المشكلة وأبعادها الضارة. فقد كانت هذه الناقلة محملة بما يزيد عن اثني عشر ألف طن من البترول الخام، وعند غرقها تسربت جميع حمولاته بقرب الساحل الإنجليزي الذي تضرر ضررًا جسيمًا، شأنه في ذلك شأن الساحل الفرنسي.
ولقد سعى المجتمع الدولي إلى حماية البيئة البحرية باعتبارها كنزًا لا يفنى للموارد الطبيعية، وملكًا للإنسانية وتراثا مشتركا لها، من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات التي استهدفت الحد من ظاهرة التلوث البحري.
وخلال الثلاثة العقود المنصرمة شهد البحر الأحمر وخليج عدن عدد من التهديدات والأعمال العدائية، سواء أكانت عسكرية أم أمنية أم قرصنة بحرية، أم تلوث بيئي، وقد أشتدّت تلك التهديدات في الفترة لاسيما بعد سيطرة المليشيات الحوثية على عدد من المناطق اليمنية؛ مما دعا القوى الكبرى لتأسيس تحالفات دولية لمواجهة تلك الأعمال الإرهابية، وسعت لإقامة قواعد عسكرية؛ لحماية السفن التجارية وناقلات النفط في المياه الإقليمية من أعمال القرصنة، وأضحى خليج عدن والبحر الأحمر ممرًا عسكريًا استراتيجيًا لمحاربة الإرهاب والقرصنة ومراقبة بؤر التوتر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.
وبينما أزمة الخزان صافر والتي لم تنته حتى الآن والتي بدأت في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثي، إذ تجلت أزمة التهديدات الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن والذي نتج عنه غرق سفينة رونيمار في أعماق البحر الأحمر.
- إشكالية البحث وتساؤلاته:
أن هجمات الحوثيين تهدد بكوارث بيئية واقتصادية كبيرة تتمثل في التلوث البحري وتدمير الثروة البحرية، وستكون لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد اليمني ونشاط الموانئ اليمنية، من جراء توقف سلاسل إمداد النفط والغذاء وبقية السلع، وكذا ارتفاع أجور النقل البحري ورسوم التأمين بصورة مضاعفة، بما ينعكس سلبًا على حياة المجتمع والاقتصاد برمته.
ونتيجة للتخاذل الغربي استمر الحوثي في استهداف حركة السفن في البحر الأحمر، وقام باستهداف السفينة “روبيمار” للمرة الأولى في الثامن عشر من فبراير الماضي قبل أن يستهدفها مرة أخرى في الأول من مارس لتغرق السفينة في خليج عدن بفعل سوء الأحوال الجوية أيضًا، منذرة بكارثة بيئية تبدو أكبر من أن يتم استيعابها، وفي إطار الهدف العام لهذا الدراسة ارتأينا صياغة سؤال رئيس وهو ما هي الآثار والتحديات من جراء غرق سفينة رونيمار في أعماق البحر الأحمر، ويتفرع من هذا السؤال عدد من الأسئلة وهي كالآتي: -
- ما هية التلوث البحري؟
- ماهي الأوجه القانونية لمنع التلوث البحري؟
- ما حقيقة واقعة حادثة الاعتداء على سفينة روبيمار؟
- ماهي التداعيات والمواقف المحلية والإقليمية والدولية من جراء غرق سفينة روبيمار؟
- ماهي الأضرار الأولية المباشرة عن الاعتداء على سفينة روبيمار؟
- ما هي الأثار والتحديات الناتجة عن غرق سفينة روبيمار؟
- ما هي المعالجات والتوصيات للحد من الأضرار الناتجة من غرق سفينة روبيمار؟
- أهداف البحث
1- التعرف على ماهية التلوث البحري
2- التعرف على الأوجه القانونية لمنع التلوث البحري
3- التعرف على حادثة الاعتداء وما نتج عنها من مخاطر واضرار بيئية.
4- تبيان حقيقة التداعيات والمواقف من جراء حادثة الاعتداء والغرق تحديد المخاطر والتحديات المؤثرة على بيئة البحر الأحمر ودول الخليج عدن.
5- تقديم الرؤى والمقترحات التي تسهم في الحد من ظاهرة التلوث البيئي في البحر الأحمر.
- أھمیة البحث:
تتجلى أهمية هذا التقرير من الناحية الموضوعية في أنه سيتناول موضوعا هاما من موضوعات ذات التأثير المباشر على الأمن الغذائي للدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.
- منهج البحث
هذه التقرير هو عبارة عن قراءة استقصائية لظاهرة الاعتداء على سفينة روبيمار من خلال متابعة تطورات الأحداث والموافق التي تحدثت عن هذه الحادثة.
- مطالب البحث
تناول هذا البحث حادثة الاعتداء على سفينة روبيمار وتداعياته البيئية على منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وقد احتوى على خمسة مطالب، هي: المطلب الأول: ما هية التلوث البحري والاوجه القانونية لمنع التلوث البحري، المبحث الثاني: التنوع الحيوي للبحر الأحمر، المطلب الثالث: طبيعة الاعتداء على سفينة روبيمار، المطلب الرابع: تداعيات الاعتداء محليا وإقليميا ودوليا، والمطلب الخامس: الآثار والتحديات، وخلص البحث إلى عدد من المعالجات والتوصيات.
المطلب الأول: التلوث البحري، المفهوم والاوجه القانونية لمنعه.
- تعريف التلوث البحري:
تعددت تعريفات تلوث البيئة البحرية لكنها كلها تدور حول موضوع واحد من بين هذه التعريفات نذكر البعض منها. عرفت اتفاقية هلسنكي لسنة 1974 التلوث البحري بأنه:» قيام الإنسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتصريف مواد أو طاقة في البيئة البحرية، ويترتب على ذلك آثارا ضارة بصحة الإنسان أو بالمواد البحرية أو عرقلة الاستخدامات المشروعة للبحار أو التأثير في خواص استخدام المياه البحرية[1] أو التقليل من أوجه الاستفادة منها
كما عرفت المادة 2 الفقرة 2 من اتفاقية لندن لسنة 1973 الخاصة بمنع التلوث من السفن للتلوث البحري على أنه:» أية مادة يمكن أن يسفر إدخالها إلى البحر تعريض صحة الإنسان للخطر أو بالإضرار بالمواد الحية والحياة البحرية وإتلاف المرافق استجماميه وعرقلة الاستخدامات المشروعة الأخرى للبحر، وهي تشمل أية مادة تخضع للمراقبة بمقتضى الاتفاقية الحالية([2]).
عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 بدورها التلوث البحري في مادتها 1 كما يلي:» إدخال الإنسان في البيئة البحرية، بما في ذلك مصاب الأنهار بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مواد أو طاقة تنجم عنها آثار مؤذية، مثل الإضرار بالموارد الحية والحياة البحرية، وتعريض الصحة البشرية للأخطار وإعاقة الأنشطة البحرية بما في ذلك صيد الأسماك وغيره من أوجه الاستخدام المشروعة للبحار والحط من نوع قابلية مياه البحر للاستعمال والإقلال من الترويح ([3])
وجاء في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982م بأن البيئة البحرية هي "نظام بيئي Ecosystemأو مجموعة من الأنظمة البيئية في المفهوم العلمي المعاصر للنظام البيئي الذي ينصرف الى دراسة وحدة معينة في الزمان والمكان بكل ما ينطوي عليه من كائنات حية في ظل الظروف المادية والمناخية وكذلك العلاقة بين الكائنات الحية بعضها ببعض وعلاقاتها بالظروف المادية المحيطة بها".
بينما اوردته مبادئ مونتريال التوجيهية لحماية البيئة البحرية من مصادر في البر إذا عرفت البيئة البحرية مكانيا "بانها المنطقة البحرية التي تمتد في حالة مجاري المياه الى حدود المياه العذبة بما في ذلك مناطق تداخل امواج المد وممرات المياه المالحة"([4]).
- الأوجه القانونية والتشريعية لمنع التلوث البحري
الاتفاقيات الدولية لمنع ومكافحة التلوث : كما تتلوث المياه الإقليمية والسواحل بالمواد الخطرة أو السامة والنفايات والسواقط ومياه الصرف الصحي وسائر مخلفات السفن البحرية ، فإن انسكاب أو اندلاق النفط من الناقلات يؤدي إلى تلوث ذي آثار مدمرة وكبيرة وذلك بحكم كبر حجم الكميات المنقولة بحراً من النفط ، فحيثما انسكب نفط من ناقلة يجب التحوط باعتبار أن الكميات المنسكبة - في أغلب الأحيان - كميات كبيرة، ولهذا نجد أن الاتفاقيات الدولية في شأن التلوث الناتج من المواد البترولية تفرق ما بين النفط الثقيل ( المنسكب ) والمواد البترولية الأخرى (المتسربة) من وقود السفن أو غيرها.
ولقد تنبه العالم إلى هذا الخطر منذ عام 1954م إذ انعقدت بمدينة لندن في 26/4/1954م اتفاقية دولية لمنع تلوث مياه البحر بالنفط سميت:
[Oil Pollution 1954) International Convention for the Prevaention of Pollution of the See by Oil(1954.
بدأ نفاذ هذه الاتفاقية في 26/7/1958م. عدلت الاتفاقية المذكورة في عام 1962م ، 1969م ،1971م. واستكمالا للجهــود الدوليــة لمنــع التلوث على نحو ما تم الاتفاق عليه في الاتفاقيات أعلاه ، فلقـد انعقدت بمدينة بروكسل ببلجيكا في 29/11/1969م اتفاقية المسئولية المدنية عــن التلف الناتج عن التلوث بالنفط باسم :
( C L C 1969) International Convention on Civil Laibility for Oil Pollution Damage, Brusseis 29 " Nov 1969" .
عنيت هذه الاتفاقية بمعايير تساعد على تقدير وتحديد التعويض الكافي والمناسب لجبر أضرار التلوث بالنفط وعنيت كذلك بضمانة تعويض كل من ملاك ناقلات النفط والجهات التي لحقها الضرر من التلوث.
. في عام 1969م صدر برتوكول هذه الاتفاقية باسم:
(1969) Protocol of the International Convention on Civil Liabillity for Oil Pollution Damage, 1969.
وللتأكيد على نتائج الاتفاقية لمنع التلوث صدرت اتفاقية لندن للتدخل في أعالي البحار أو المياه الدولية لمنع أو درء خطر التلوث حيثما كان وشيكاً وحالاً ولقد سميت:
International convention relating to the Intervention on the High seas in Cases of Oil Pollution Casualties, 1969.
وقد صدرت هذه الاتفاقية بغرض منع أو تقليل أو إزالة أي خطر كبير للتلوث ماثل وحال أو وشيك يهدد سواحل الدول المتعاقدة أو مياهها الإقليمية أو الأماكن السياحية بالبحر الإقليمي أو الجرف القاري للدولة أو صحة البيئة للسكان.
وتكمن أهمية هذه الاتفاقية في أنها تمنح الدولة المتعاقدة الحق القانوني المعترف به دولياً في القيام بأي عمليات تدخل في المياه الدولية وربما حاسب القانون الدولي أي دولة غير متعاقدة على مثل هذا التدخل.
وكثير من الدول التي انضمت إلى هذه الاتفاقية قامت بإصدار تشريعات وطنية تقنن التدخل في المياه الدولية على الوجه المتفق عليه بموجب الاتفاقية المذكورة. واللافت للنظر أن الاتفاقية أتاحت للدولة المتعاقدة التدخل لإنقاذ الناقلة كإجراء تحوطي ضروري وعاجل لحماية سواحل الدولة ومياهها وسكانها من أي خطر وشيك من التلوث وأن لم يطلب قبطانها الإنقاذ حسب ما هو مقرر في القواعد القانونية المتعلقة بإنقاذ السفن.
ولضمانة تنفيذ أحكام وقواعد المسئولية المدنية عن أضرار التلوث 1969م المذكورة أعلاه صدرت في 28/12/1971م بمدينة بروكسل اتفاقية إنشاء أو تكوين صندوق دولي للتعويض عن أضرار التلوث باسم بالنفط:
(Fund 1971) International Convention on the Establishment of International fund for the Compensation of Oil Pollution Damage, 1971.
مصادر دخل هذا الصندوق تتمثل في اشتراكات الجهات المستوردة للنفط في الدولة المنضمة لهذه الاتفاقية. وهذا الصندوق وبجانب ما يوفره من مال للتعويض، فإنه كذلك يدفع مبالغ لتكملة التعويض المناسب إذا ما عجز ملاك الناقلة عن ذلك أو لم يدفعوا التعويض كاملاً أو في الحالة التي لم يتم فيها سداد التعويض كاملاً بسبب أعمال مبدأ تحديد المسئولية بمبلغ أقل أو إذا كان التأمين غير كاف لتعويض المضرور تعويضاً كاملاً، كذلك يضمن الصندوق السداد لمن لم يتسلم التعويض أصلاً أو لمن تسلم تعويضاً غير كاف بسبب أن الناقلة تعتبر - قانوناً - غير مسئولة عن التلف إعمالاً لأي استثناءات تعفيها من المسئولية.
والأهم من كل ذلك أن اتفاقية المسئولية المدنية عن أضرار التلوث عنيت بمعايير تقدير التلف الذي يلحق بالبيئة ومن بين هذه المعايير تكاليف إعادة الحال إلى ما كان عليه وتقدير مدى الضعف الذي أصاب البيئة البحرية من جراء حادثة التلوث بالإضافة إلى تكلفة التدابير الوقائية للحيلولة دون حدوث مثل هذا الضرر مستقبلاً.
لقد أسست اتفاقيتا المسئولية المدنية 1969م ( CLC96 ) وصندوق التعويضات 1971م ( Convention 1971 Fund ) المبادئ والأحكام المتعلقة بالمسئولية المدنية عن التلف بسبب التلوث البحري، بيد أنه قد تم تعديل للاتفاقيتين المذكورتين ببروتوكلين في عام 1992م وأصبح التعديل نافذاً في 30/5/1996م ومن أهم ما جاء في التعديل زيادة الحد الأعلى للتعويضات وتوسيع نطاق أو دائرة الاتفاقيتين الأصليتين المشار إليهما أعلاه (1969م - 1971م ) وتبعاً لذلك فقد أعلنت كثير من الدول انسحابها من الاتفاقيتين الأصليتين وانضمت إلى بروتوكلي التعديل الصادرين في 1992م.
اتفاقية ماريل 1973م /1978م MARPOL 1973/1978
الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن التي انعقدت بلندن في 2/11/1973م Marpol 1973, International Convention for the Prevention of Pollution from ship . تحمل هذه الاتفاقية اسم التلوث البحري Marine Pollution · فيما كان الغرض من اتفاقية 1954م المنعقدة بلندن في 26/4/1954م منع التلوث بالنفط، فإن اتفاقية ماربل 1973م /1978م تسعى لمنع التلوث من السفن من أي مصدر كان. صدرت هذه الاتفاقية بعد خمسة ملاحق Annexes أورد الملحق الأول عدد 26 قاعدة لمنع التلوث بسبب النفط، والثاني تتعلق أحكامه بالتلوث بسبب المواد السامة السائلة Noxious Liquid Substances in Bulk . والثالث تتعلق أحكامه بالتلوث بسبب المواد الضارة المنقولة غير سائبة ( في أقفاص أو براميل أو خلافه ) والرابع تتعلق أحكامه بالتلوث بسبب مياه وأوساخ المجاري ( الصرف الصحي ) من السفن · والخامس يتعلق بالتلوث بسبب النفايات أو القمائم من السفن، ولقد وافق المؤتمر الدولي المنعقد في 1997م بالاشتراك مع لجنة حماية البيئة البحرية علي إدخال ملحق سادس يتعلق بمنع التلوث بسبب تلوث الجو من السفن، وهكذا يبين لنا أن الاتفاقية المذكورة تكاد تحصي جميع مصادر التلوث البحري وتضع في المقدمة التلوث بسبب انسكاب و اندلاق النفط Oil Spill الذي وردت تدابير منعه والسيطرة عليه في الملحق الأول من الاتفاقية المذكورة.
تنص المادة الأولى من الاتفاقية على الالتزامات العامة التي يجب أن تلتزم بها الدولة المتعاقدة وتنص المادة الثالثة على نطاق تطبيق الاتفاقية فأوجبت على كل دولة متعاقدة أن تطبق أحكام الاتفاقية على سفنها وعلى كل السفن الأخرى (ماعدا السفن الحربية أو المملوكة للدولة) التي تسبب التلوث في موانئ الدولة المتعاقدة أو مياهها الإقليمية وسواحلها. وقد نصت الاتفاقية كذلك على حق الدولة المتعاقدة في محاسبة أو معاقبة السفينة التي تسبب التلوث في مياهها الإقليمية وسواحلها. وهذا النص يمنح الدولة المتعاقدة الاختصاص القضائي لنظر منازعات التلوث البحري.
وعلى غرار كل الاتفاقيات الدولية نصت المادة 13 على كيفية قبول الاتفاقية والانضمام إليها بوساطة الدولة التي ترغب في ذلك ويتم القبول عن طريق أحد أمرين: إما بالتوقيع بلا تحفظ حول الإجازة أو القبول أو الموافقة أو التوقيع الذي يخضع للإجازة أو القبول أو الانضمام أو الموافقة فيما بعد. وهذا ما تنص عليه في تواتر الاتفاقيات الدولية سعياً لتأكيد الرضاء الكامل بالاتفاقية وبالطريقة التي تكفل للدولة المتعاقدة حقها في السيادة علــى أرضهــا ومياهها والسيــادة الكاملة لقوانينهــا الوطنية بحسبان أن الاتفاقيات الدولية ليست تشريعاً دولياً نافذاً في حد ذاته في الدول المتعاقدة، فلكل دولة الحق في اختيار الطريقة التي تضــع فيها الاتفاقية الدولية موضـع التنفيذ دونما مســاس بالسيادة الوطنية.
ولقد صدر بموجب الاتفاقية المذكورة بروتوكولان الأول: حول التقارير عن الحوادث التي تتعلق بالمواد الضارة والثاني حول التحكيم لنظر وحسم المنازعات، بالإضافة إلى ملاحق الاتفاقية الخمسة المشار إليها أعلاه وإلى البروتوكولين أعلاه فلقد صدر بمدينة لندن في 17/2/1978م بروتوكول ماربل 1978م باسم
Protocol of 1978 Relating to the international Convention for the Prevention of Pollution from ship.1978.
كما صدر ملحق بتعديلات وإضافات لاتفاقية ماربل 1973م ، وفي عام 1990م صدرت الاتفاقية الدولية للاستعداد والتصدي والتعاون لمنع التلوث بالنفط باسم
The International Convention on Oil Pollution Preparedness, Response and Co operation 1990 .
وقد بدأ نفاذها اعتبارا من 13/8/1995م بعد أن حصلت على النصاب القانوني بانضمام عدد خمس عشرة دولة إليها كما جاء في سياق أحكامها. وهي الآن مطروحة للانضمام بوساطة الدول التي لم تنضم إليها بعد.
هدفت هذه الاتفاقية إلي إيجاد نظام تعاوني فعال بين الدول المتعاقدة للتصدي لحوادث التلوث بالنفط، وتلتزم الدولة المتعاقدة أو المنضمة بتأسيس إدارة أو سلطة وطنية للاستعداد والتصدي بفعالية وعلى نحو عاجل لحوادث التلوث و أن تعتمد كل دولة خطة وطنية للطوارئ تنشأ بموجبها إدارة وطنية تقوم بتوفير المعلومات اللازمة عن مخاطر التلوث والتدريب اللازم وتوفير المعدات اللازمة في الموانئ وعلى سفنها الوطنية وذلك من أجل أن تكون الدولة المتعاقدة مستعدة وبكفاية وفاعلية للتصدي لحوادث التلوث بالنفط أو للاشتراك أو الإسهام مع الدول الأعضاء في الاتفاقية لمكافحة أو درء آثار التلوث. اتفاقية منع التلوث البحري الناجم عن إغراق النفايات وأي مواد أخرى 1972م والتي تعرف باتفاقية لندن. Prevention of Marin Pollution by Dumping of wastes and other Matter 1972.
لا شأن لهذه الاتفاقية بالنفط وإنما تتعلق بتلوث مياه وبيئة البحر بسبب إغراق النفايات أو مخلفات الصناعات في البحر، وفيما كان إغراق بعض من النفايات متاحاً عند بدء نفاذ الاتفاقية في عام 1975م مع الاتجاه لدفن النفايات في باطن الأرض، إلا أن تعديلاً جوهرياً لملاحق الاتفاقية قد تم في عام 1992م منع هذا التعديل إغراق أنواع محددة من النفايات أو مخلفات الصناعة والمواد المشعة أو مواد الإشعاعات الذرية أو النووية أو مخلفات الصناعة وأوساخ ورسابة المجاري في البحر.
وقد صدر في عام 1996 بروتوكول هذه الاتفاقية في لندن (1972) ليعالج الحاجة الماسة إلى إغراق نفايات ومخلفات الصناعة وحرق بعض المواد إلى أن تصير رماداً في البحر بحسبان إن الدول المتعاقدة تسعى إلى خلق توازن ما بين الحاجة إلى الإغراق في البحر وما بين تلوث البحار الناجم من جراء الإغراق أو إلقاء رماد المواد المحروقة في البحر.
تفاقيه الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وتنـص هـذه الاتفاقية في معظـم بنودهـا عـلى أن تتخـذ الـدول منفـردة أو مشـتركة حسـب الاقتضاء جميـع مـا يلـزم مـن التدابـر المتمشية مـع هـذه الاتفاقية لمنع تلـوث البيئـة البحريـة وخفضـه والسـيطرة عليـه أيـا كان مصـدره.([5])
أنشـأت المنظمة العربيـة للتربية والثقافـة والعلـوم أليكسـو( برنامـج بيئـة البحـر الأحمر وخليـج عـدن عـام 1974 بالتعـاون مـع برنامـج الأمم المتحدة للبيئـة )UNEP )كواحـد مـن برامـج البحـار الإقليمية التابعـة لأخر. وتـم تدعيـم برنامـج بيئـة البحـر الأحمر وخليـج عـدن في عـام 1982 بالاتفاقية الإقليمية للمحافظـة عـلى بيئـة البحـر الأحمر وخليـج عـدن والمعروفة باتفاقيـة جـده لعـام .1982 والتـي تشـر بوضـوح إلى التـزام حكومـات الإقليم وعزمهـا السياسي لمعالجة قضايـا البيئـات البحريـة والسـاحلية للبحـر الأحمر وخليـج عـدن مـن خـال أنشـطة مشـركة ومتناسـقة. كـما أن أحـكام هـذه الاتفاقيات جـاءت متماشية مـع مـواد اتفاقيـة الأمم المتحدة لقانـون البحـار 1982حيـث تشـر المادة 123 مـن هــذه الاتفاقية إلى تعــاون الــدول الســاحلية للبحــار المغلقة أو شــبه المغلقة. وتنســيق جهودهــا بالنســبة للحقــوق والواجبــات فيــا يختــص بحاميــة البيئــة البحريــة والحفــاظ عليهـا مـن التلـوث.
وتهـدف خطـة العمـل لهـذه الاتفاقية إلى تلبيـة الحاجـات البيئيـة لإقليم وتعزيـز إمكاناتـه البيئيـة. وتحتـوي خطـة العمـل عـلى أربعـة عناصر وهـي: تقييـم الأحوال البيئيـة، الإدارة البيئيـة، الرتيبات التنظيميـة والإلية والنواحـي القانونيـة. وتسـعى الهيئـة إلى تنفيـذ خطـة العمـل مـن خـال تنسـيق الأنشطة الوطنيـة والإقليمية؛ وتعزيـز مفهــوم التنميــة المستدامة للمناطــق الســاحلية والبحريــة؛ ومــن شــأن هــذه الإجراءات حاميـة الإنسان والبيئـة باعتبارهـا الهـدف الاساسي لخطـة العمـل([6])
المطلب الثاني: تنوع الحياة البحرية في البحر الأحمر
يعد البحـر الأحمر نظامـاً بيئيـاً غنيـاً ومتنوعا حيـث يوجـد بـه أكـر مـن 1200 نـوع مـن الأسماك التـي سـجلت في البحـر الأحمر، ويوجـد حوالي 10 ٪ منهـا في الأماكن الأخرى.
ويتضمن ذلك حوالي 283 نوعاً من العوالق النباتية، و139 نوعاً من العوالق الحيوانية، و300 نوع من الشعاب المرجانية، و485 نوعاً من الطحالب، و283 نوعاً من الطحالب الكبيرة، و9 أنواع من الأعشاب البحرية، و21 نوعاً من النباتات الملحية، و168 نوعاً من شوكيات الجلد (من بينها 20 نوعاً من خيار البحر)، و625 نوعاً من الرخويات، و53 نوعاً من القشريات، و4 أنواع من السلاحف البحرية المهددة بالانقراض، و969 نوعاً من الأسماك، و102 نوع من الطيور البحرية، كل هذه الأنواع باتت مهددة بسبب التسرب هذه الكارثة وكوارث أخرى مماثلة التي قد تتوسع على طول ساحل البحر الأحمر يسبب الصراع الدائر.
والبحر الأحمر مــن أغنــى البحــار بالموارد أمــا أهميتــه الاقتصادية والسياحية فأنه يحتــوي عـلـى ثــروات اقتصاديــة كبيرة، فهــو مــن أغنــى مناطــق الثروات المعدنية البحريـة في العـامل ويحتـوي مـاؤه السـاخن الأجاج عـلى نسـبة مركـزة مـن الأملاح المعدنية وعدد من المعادن الثقيلــة كالحديــد والذهــب والفضــة والنحــاس والرصــاص والمغنسيوم والكالسـيوم كـما توجـد بـه خمسـة أنـواع رئيسـية مـن الموارد المعدنية أهمهـا؛ ورواسـب النفـط والغـاز الطبيعـي، الرواسـب المتبخرة؛ كالجبـس، والهاليـت، والدولوميـت، والفوسـفات، والكربيـت، بالإضافة الى رواسـب المعادن الثقيلـة، مـا يجعـل الـدول الواقعـة عـلى حوضـه تسـتغل تلـك الموارد في تطويـر اقتصادهـا([7])
كان العلماء يأملون أن يكون البحر الأحمر بمثابة ملجأ للشعاب المرجانية بعد تكيفه مع ظروف المياه الدافئة، إذ يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة محيطات العالم.
وقالت مصادر في صناعة الشحن إن الصراع في المنطقة يزيد من تعقيد أي عملية تنظيف وسيثني سفن الإنقاذ عن دخول المياه عالية المخاطر.
تشير الدراسات إلى أنه نظراً لأن الشعاب المرجانية في البحر الأحمر تتكيف مع ظروف المياه الدافئة، فقد تكون أكثر مرونة في مواجهة ارتفاع درجات حرارة المحيطات، ما يتطلب فروقاً أكبر في درجات الحرارة للتبييض، وهي العملية التي تطرد بها الشعب المرجانية الطحالب الملونة التي تعيش في أنسجتها عند تعرضها لإجهاد حراري.
يتميز الشريط الساحلي في اليمن بمجموعة متنوعة من الموائل التي تدعم المجتمعات الساحلية نظراً لأهميتها البيئية والاقتصادية الكبيرة. ويمكن أن تتسبب الكمية الهائلة من النفط المتوقع تسربها في كارثة إنسانية وبيئية تلقي بظلال وخيمة على التنوع البيولوجي لحوالي 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر وتؤثر على الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والشواطئ الرملية والطينية ومزارع الأسماك وغيرها من الموائل البرية والبحرية، إضافةً إلى مئات الآلاف من المجتمعات اليمنية الساحلية. فبسبب البقعة النفطية الطافية تلك، لن يحدث تبادل في الأكسجين بين الهواء والماء (وهي عملية مهمة للحياة البحرية)، وسيتعذر وصول الضوء إلى الكائنات المنتجة التي تعتمد إنتاجيتها الأساسية على عملية التمثيل الضوئي، وهو ما سيؤثر بدوره على الكائنات المستهلكة أيضاً التي تعتمد سلسلتها الغذائية على تلك الكائنات المنتجة. وعندما تصل بقعة النفط إلى شواطئ البر الرئيسي أو الجزر المنتشرة في البحر الأحمر، فسوف تتسبب في أضرار فادحة بالموائل البحرية الساحلية، بما في ذلك أشجار المانغروف والشعاب المرجانية.
في حالة تعرض البحر الأحمر لمسببات التلوث فانه ستتأثر كائنات عديدة إما بسبب امتصاصها للمعادن النفطية السامة الموجودة في المياه أو لأنها ستصبح مغمورة كلياً بالعناصر الملوثة كالنفط والاسمدة والمواد الكيماوئية. وسوف يتعرض 3,441 نوع تقريباً (ملايين الأصناف البحرية) من الكائنات الحية الساحلية للخطر بسبب التلوث البحري، ناهيك عن العدد الهائل من الأنواع الموجودة في المناطق الساحلية للبلدان المجاورة.
المطلب الثالث: حادثة سفينة روبيمار. من الاعتداء حتى الغرق
السفينة روبيمار (بالانجليزية: MV Rubymar) هي سفينة شحن بريطانية مخصصة للبضائع السائبة، ترفع علم بليز، وتديرها شركة جي إم زد (GMZ) لإدارة السفن في لبنان، لصالح شركة تابعة لشركة جولدن أدفنشر شيبينغ (Golden Adventure Shipping S.A) في المملكة المتحدة.
بنت شركة "أونوموشي دوكيارد (Onomichi) " سفينة "إم في روبيمار"، وهي شركة متخصصة في صناعة السفن وتنشط منذ سنة 1943، إذ بدأت عملية البناء يوم 30 أغسطس/آب 1996 وامتدت إلى 27 يناير/كانون الثاني 1997 تاريخ دخولها الخدمة البحرية. وتعتبر " روبيمار" سفينة شحن ضخمة خاصة بالبضائع السائبة، حيث يبلغ طولها 171 متراً وعرضها 27 متراً، وهي مجهزة بمحركات من نوع ميتسوبيشي الذي يوفر 7059 كيلوواط من الطاقة ووزنها في حالة السكون 32 ألفا و211 طنا، وهي قادرة على شحن حمولة متوسطة تقدر بـ19 ألفا و420 طنا، وتعمل "إم في روبيمار" بمحرك قوته 9466 حصانا بخاريا، وهو من نوع "ميتسوبيشي" يصنّعه فرع شركة "أكازاكا" للصناعات الثقيلة ويولّد 7059 كيلوواتا من الطاقة الكهربائية، وقادر على بلوغ سرعة 30 كيلومترا في الساعة.
وقد أطلقت على السفينة خلال فترة عملها عدة مسميات وهي "كين شين" في عام 1997، جزيرة تشاتام في عام 2009، وجزيرة إيكاريا في عام 2020، ثم أعيد تسميتها باسم روبيمار.
في عام 2022، شاركت السفينة في مبادرة حبوب البحر الأسود، حيث نقلت 35 ألف طن من القمح من أوكرانيا إلى مصر أثناء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا[8].
- طاقم السفينة ومحتوياتها
ضمت "روبيمار" في رحلتها الأخيرة طاقما ملاحيا من جنسيات مختلفة مكونا من 24 بحارا، وهم: 11 سوريا و6 مصريين و3 من الهند و4 من الفلبين. وتم إجلاؤهم جميعا إلى جيبوتي". إذ كانت تحمل على متنها 22 ألف طن متري من الأسمدة من فئة 5.1 العالية الخطورة و120 طنا من النفط.
- حادثة الاعتداء على سفينة "روبيمار"
في يوم 19 فبراير/شباط 2024 أطلق الحوثيون على "روبيمار" صواريخ باليستية أثناء عبورها مياه الخليج في رحلة من الإمارات العربية المتحدة إلى بلغاريا، مما أدى إلى إصابتها إصابة مباشرة، وقد أعلنت جماعة الحوثي استهداف «روبيمار» في البحر الأحمر بصواريخ بحرية عدة، ما أدى إلى تعرضها لإصابة بالغة، وأكدت القيادة المركزية الأميركية غرق السفينة روبيمار بعد تعرضها لهجوم بصاروخ أطلقه الحوثيون في 18 فبراير الماضي.
وقال القبطان سامر حجازي، قائد سفينة "روبيمار": "إن السفينة استهدفت من صاروخين إصابة مباشرة، وأصيب خزان الوقود وعنبر 5، ودخل مياه بالمكنة بالكامل، هما بيقولوا استهدفناها عشان مركب بريطاني وكلام ليس له أساس من الصحة". [9]
- الأضرار الأولية من الاعتداء
نجم عنها تسرب نفطي في البحر الأحمر بطول 18 ميلا. إن ما يقرب من 21 ألف طن من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم كانت تحملها السفينة وتمثل خطرا بيئيا في البحر الأحمر. وتسرب الوقود الثقيل من السفينة قبل غرقها مما أدى إلى تجمع نفطي كبير بطول 30 كيلومتراً بالبحر الأحمر فيما تمكن طاقمها من مغادرتها بعد الاستنجاد بسفينة أخرى كانت قريبة.
- حادثة غرق السفينة روبيمار في البحر الأحمر
في 2 مارس الجاري، أعلنت خلية الأزمة للتعامل مع السفينة "روبيمار"، غرق السفينة التي تحمل علم بيليز قبالة السواحل اليمنية، وذلك بعد هجومين إرهابيين للمليشيات الحوثية، وأكدت أن النتيجة كانت متوقعة بعد ترك السفينة لمصيرها لأكثر من 12 يوماً وعدم التجاوب مع مناشدات الحكومة اليمنية لتلافي وقوع الكارثة التي تسببت بها المليشيات الإرهابية المدعومة من النظام الإيرانية.
وأكدت أن غرق السفينة من شأنه أن يتسبب بكارثة بيئية بالمياه الإقليمية اليمنية والبحر الأحمر بشكل عام بسبب تسرب نفطي في البحر بطول 18 ميلا، وسط مخاوف من تسرب مواد سامة من حمولة السفينة البالغة 41 ألف طن من الأسمدة.
ومثل غرق السفينة البريطانية “إم في روبيمار” حدثًا فارقًا ليس باعتبارها أول سفينة يتم اغراقها وتدميرها بالكامل منذ بدء الهجمات البحرية، وإنما، أيضًا، باعتبارها ستلحق أضرارًا فادحة في البيئة البحرية والساحلية في محيط غرقها جنوب البحر الأحمر؛ شاملة بذلك مساحات بحرية، بالإضافة إلى سواحل يمنية، وبخاصة محطات تحلية المياه هناك، علاوة على نفوق الأحياء البحرية، وتحذير خبراء من تسمم بعض الأسماك؛ وانتقال سميتها لمن يأكلها من البشر.
وتعد روبيمار أول سفينة تغرق منذ أن بدأت جماعة الحوثي استهداف السفن التجارية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، وغرقت في منطقة ضيقة بين اليمن وإريتريا على عمق نحو 100 متر (330 قدماً) وترتفع خطوة وقوع كارثة بيئية بسبب الطبيعة الخاصة للبحر الأحمر، بحسب قول إيان رالبي، مؤسس شركة الأمن البحري "آى. آر. كونسيليوم"، حيث يحتوي الممر المائي للبحر الأحمر على نمط مائي دائري يعمل بشكل أساسي كبحيرة عملاقة وتؤثر هذه الحادثة على البيئة بطرق متعددة، وتتراوح آثارها من الآثار الفورية إلى الآثار الطويلة الأمد.
المطلب الرابع: التداعيات والتحذيرات من جراء غرق السفينة
تؤثر الحروب على البيئة بطرق متعددة، وتتراوح آثارها من الآثار الفورية إلى الآثار الطويلة الأمد. ومن أهم هذه الآثار تلوث المياه التي تعد من أهم الموارد الطبيعية التي تتأثر بشدة جراء الحروب. فخلال النزاعات العسكرية، يتم تدمير محطات تنقية المياه وأنابيب الصرف الصحي، مما يؤدي إلى تسرب المواد الكيميائية والملوثات إلى المياه العذبة والمحيطات فضلًا عن غرق الناقلات والسفن نتيجة استهدافها. وهذا يعني تلوث المياه وفقدانها لقدرتها على الاستخدام الآمن والمستدام.
ومن جراء حادثة الاعتداء على سفينة رونيمار تجلت عدد من التداعيات والموافق الرسمية والمدنية وهي كالاتي:
أولا: التداعيات والمواقف الرسمية
1- أكدت المملكة المتحدة أن السفينة "روبيمار" معرضة لخطر التسرب في البحر الأحمر، في ظل مخاطر بحرية مرتفعة بعد قرب غرقها في البحر، إثر الهجوم الذي استهدف السفينة من قبل ميليشيا الحوثي في 18 فبراير. وقالت السفارة البريطانية لدى اليمن، في بيان مقتضب على منصة إكس: "على الرغم من الجهود الدولية لعدة سنوت لتجنب حدوث أزمة سفينة صافر، فالحوثيون يهددون بكارثة أخرى من خلال الهجوم المتهور على السفينة روبيمار". وأضافت السفارة أن "السفينة الآن معرضة لخطر التسرب في البحر الأحمر". وشددت على ضرورة وقف هجمات الحوثيين العشوائية.
2- عبر القائم بأعمال السفارة الصينية، عن قلق بلاده بشأن تهديدات الملاحة في البحر الأحمر والمخاطر البيئية المتفاقمة جرّاء غرق السفينة، مؤكدا دعم الصين للحكومة اليمنية واستمرارها في بذل الجهود لتفادي كارثة ستؤثر على ممر مائي دولي هام.
3- شكلت الحكومة اليمنية، خلية إدارة أزمة للتعامل مع وضع السفينة "روبيمار"، التي استهدفها الحوثيون في خليج عدن، ما أدى لتسرب نفطي بطول 18 ميلا بحريا، في الوقت الذي تشكل حمولة السفينة من الأسمدة والزيوت مخاطر بيئة كارثية. وأكد أن السلطات الحكومية تبذل ما في وسعها للتعامل مع السيناريوهات المحتملة للسفينة المنكوبة حاليا في البحر الأحمر على بُعد نحو 11 ميلاً من أقرب نقطة بر في اليمن، وأنه يجري حاليا اتخاذ الإجراءات مع المعنيين لسحبها من المياه الإقليمية اليمنية بشكل آمن.
4- استعرض الوزير اليمني المخاطر والآثار التي قد تسببها السفينة في الجوانب البيئية والملاحية والاقتصادية والاجتماعية، في حال حدوث أي كارثة وغرق أو جنوح السفينة.. مبينا أن الميليشيا الحوثية استهدفت في 18 من شهر فبراير السفينة بصاروخين موجهين، وذلك أثناء عبورها على بُعد 25 ميلا بحريا من ميناء المخاء في البحر الأحمر، ما أدى إلى تدفق المياه إلى جسم السفينة وتعرضها لأضرار وتسرب كمية من النفط.
5- تشكيل خلية أزمة عن جملة الإجراءات المتخذة الطارئة قال إن "هناك لقاءات متواصلة مع المنظمات الدولية وحددت المشكلة عبر اللقاءات الإلكترونية كما نعقد لقاءات متواصلة مع خبراء في مجال الانسكابات النفطية كون لديهم خبرة في مواجهة مثل هذه الحوادث، وننتظر تحديد خطة معالجة طارئة لمواجهة هذه الكارثة التي منها سرعة سحب السفينة".
6- جاءت ردود الفعل الرسمية في السياق نفسه حيث حذر رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك في تصريحات خلال لقائه في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن من كارثة بيئية كبرى مع إعلان خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة عن غرق السفينة. ودعا ابن مبارك المجتمع الدولي إلى التحرك العملي والعاجل وتشكيل خلية طوارئ دولية لإنقاذ البحر الأحمر ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.
7- حمّل القيادي في الجماعة، مُحمّد علي الحوثي، في تدوينة على منصة إكس، الأحد، مسؤولية ما حصل للسفينة لرئيس الوزراء البريطاني سوناك وحكومته. وقال: “نقول لسوناك أنت وحكومتك تتحملون مسؤولية السفينة (إم في روبيمار)، ومسؤولية دعم الإبادة والحصار في حرب غزة”. وأضاف: “أمامكم فرصة انتشال السفينة بإرسال رسالة ضمانه ممهورة بتوقيع جورج غالاوي بإدخال الشاحنات الاغاثية المتفق عليها حينذاك إلى غزة”.
8- حمّل عضو وفد الجماعة التفاوضي، عبد الملك العجري، مسؤولية أي تلوث بحري جراء غرق السفينة للولايات المتحدة والشركة المالكة للسفينة والشركة المشغلة. إلى ذلك؛ توعدت الجماعة بإغراق مزيد من السفن البريطانية، وقال نائب وزير الخارجية في حكومة الجماعة بصنعاء، حسين العزي، اليوم الأحد، “اليمن سيواصل إغراق المزيد من السفن البريطانية، وأي تداعيات أو أضرار أخرى سيتم إضافتها لفاتورة بريطانيا، باعتبارها دولة مارقة تعتدي على اليمن، وتشارك أمريكا في رعاية الجريمة المستمرة بحق المدنيين في غزة”. وأكد “مَن يؤذي اليمن سنؤذيه”.
ثانيا: تحذيرات مدنية من مخاطر الكارثة
منذ إصابة السفينة "روبيمار" بصاروخ بالقرب من ميناء "المخا" على الساحل الغربي لليمن في جنوب البحر الأحمر، أطلقت العديد من المنظمات البيئية نداءات عاجلة، لتلافى وقوع كوارث بيئية، حتى تم الإعلان عن غرق السفينة بسبب العوامل الجوية والرياح الشديدة في المنطقة.
1- دعت منظمة السلام الأخضر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل عاجل. “حيث يُعتقد أن السفينة كانت تحمل أكثر من 41 ألف طن من سماد نترات الأمونيوم (وغيرها من المواد)؛ مما يشكل خطراً حقيقياً على النظم البيئية البحرية الحساسة في المنطقة، وقال مدير البرامج في المنظمة، جوليان جريصاتي، إنه في حال “لم يتم اتخاذ أي إجراءات عاجلة قد يتفاقم الوضع الحالي، ويتحول إلى أزمة بيئية كارثية. ثم إن أي تسربات نفطية أخرى من المحركات، مع غرق السفينة واختراق هيكلها، قد يسمح باختلاط المياه مع آلاف الأطنان من الأسمدة، والتي يمكن بدورها أن تنتشر في البحر الأحمر وتخل بنظام التوازن البيئي البحري”.
2- عبرت منظمة «إيغاد»، في بيان، عن قلقها البالغ إزاء الكارثة البيئية التي تلوح في البحر الأحمر وخليج عدن، بسبب غرق السفينة قبالة السواحل اليمنية. وقالت المنظمة، وهي مجموعة اقتصادية إقليمية تعمل على التنمية بين بلدان شرق إفريقيا، ويقع مقرها الدائم في جيبوتي، إن السفينة «روبيمار» كانت تحمل أكثر من 21000 طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم والوقود على متنها، وهذا يعادل 200 طن من النفط. وأشارت إلى أن تسرب الوقود سيؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية والحياة البحرية، وتعريض مئات الآلاف من الوظائف في صناعة صيد الأسماك للخطر، بالإضافة إلى قطع إمدادات الغذاء والوقود عن الدول الساحلية. وأضافت أن «بيئة البحر الأحمر ستحتاج إلى أكثر من 30 عاماً للتعافي من العواقب الوخيمة الناتجة عن تسرب الوقود، وحذرت المنظمة من تعطل أحد أكثر ممرات الشحن البحري ازدحاماً، ما يؤثر على الحركة السلسة للسلع والخدمات عبر الممر المائي للبحر الأحمر. ودعت المنظمة «كل الأطراف المعنية إلى الاستثمار في الخيارات السلمية لمعالجة الكارثة البيئية التي تلوح في الأفق في البحر الأحمر وخليج عدن». وذكرت «إيغاد» أنها تواصل النظر في صياغة موقفها المشترك وخطة عملها الإقليمية تجاه هذه الكارثة بهدف ضمان السلامة البحرية وحرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. ([10]
3- حذر خبراء بيئة يمنيون من عواقب تجاهل الوضع الكارثي الناجم عن غرق سفينة محملة بكمية كبيرة من الأسمدة والمواد الكيميائية والوقود. ونبهوا من خطورة تأثير المواد السامة في حمولة السفينة على الأحياء البحرية؛ والتي بعضها لن يموت؛ وبالتالي تكون ضمن صيد الصيادين؛ فتنتقل تلك السموم للبشر من مستهلكي السمك. وأشاروا إلى أن السفن عادة لا تحمل مواد مختلفة الخطورة كأسمدة وزيوت ونفط في نفس الحمولة، مؤكدين أن هذا التنوع في الحمولة يجعل خطر غرق السفينة كبيرًا على صعيد نفوق الأحياء البحرية، وتسمم البعض الآخر دون النفوق. وطالبوا بوجود مركز انذار مبكر ساحلي لمساعدة الصيادين في تحديد أماكن التجمعات الحيوية في البحر، وأخذ عينات من الأسماك والأحياء البحرية لفحصها ومعرفة مدى التأثر بالسميّة
4- ناشدت منظمات المجتمع المدني في العاصمة عدن في بيان لها الجهات المختصة المحلية والإقليم والدولية للقيام بمهامها الإنسانية للحد من هذه الكارثة.
5- أشار الثعالبي عضو خلية إدارة الازمة في اليمن إلى خطورة السماد غير العضوي المتسرب بكميات اعتبرها كارثية في البيئة البحرية كونه يتكون من "نيتروجين وفوسفور وكبريتات ودخول هذه العناصر للبيئة البحرية يحدث خللاً فادحاً في كيمياء البحر". ويوضح أن "سيؤثر بصورة غير عادية على تكوين البيئية البحرية وصحة التنوع الحيوي ناهيك بتسبب هذه المواد على انتشار الطحالب التي تغطي مساحات شاسعة من مياه البحر وتحجب الأوكسجين وأشعة الشمس عن كثير من النباتات والأحياء الدقيقة".
6- صرح محمد الباشا من شركة التحليلات الأميركية نافانتي غروب، إن «مجتمعات الصيد على طول ساحل البحر الأحمر اليمني في الحديدة وتعز ستتأثر بالتلوث»، وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الصيد والإضرار بسبل العيش .ويُعد غرق السفينة روبيمار واحدة من المرات القليلة التي تغرق فيها سفينة وعلى متنها كميات هائلة من الأسمدة في السنوات الأخيرة، وقد يكون الغرق الوحيد في نظام بيئي مرجاني حساس.
7- صرح ديريك مانزيلو، منسّق مراقبة الشعاب المرجانية التابعة للإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، إن إلقاء كمية كبيرة من الأسمدة في المحيط فجأة قد يتسبب في ظهور بعض الطحالب الشديدة جداً.
8- أكد الخبير البيئي، نديم فرج الله، أن خطر المازوت أكبر من خطر الأسمدة. ويقول في حديث لذات المصدر” إن “الديزل يبقى أثره لمدة أطول بكثير من الأسمدة الكيميائية التي يمكن أن تتحلل في فترة زمنية محددة، ربما أسابيع، ويمكن أن تستوعبها الكائنات الدقيقة في الحياة البحرية” وأوضح أن “ضرر الأسمدة آني، بينما الديزل ضرره يبقى مستمرا لمدى أطول بكثير، ويؤثر على الحياة البحرية في القعر (الترسب)، وقد يؤدي لنفوق الأسماك والطيور التي تصطاد الأسماك”. وأضاف أن “ضرر الأسمدة الكيماوية سيكون في المنطقة التي غرقت بها وتؤثر على الأسماك والحيوانات البحرية لأنها تسحب الأوكسجين من المياه، كي تتحلل، وهذه العملية تكون أسرع بكثير من تحلل الديزل (تبخر أو ترسب)”
9- تحدث الباحث رضوان الصميل، وهو خبير بيئي يمني، لـ “القدس العربي” إن أكثر الكائنات الحية تأثرًا بامتصاص المياه لحمولة السفينة من الأسمدة مثلا هي الشعاب المرجانية، التي تعتمد على الضوء، فيما ستعمل آثار التلوث على حجب ضوء الشمس عنها؛ وبالتالي تأثرها كثيرًا؛ وهو ما ينعكس على التنوع الحيوي والبيئة البحرية في منطقة غرق السفينة، علاوة على آثار أخرى ستمتد إلى السواحل وتشمل محطات تحلية المياه وغيرها من العوامل التي ستؤثر على حياة السكان بما فيهم الصيادون.
10- رأى الخبير في الأمن البحري الدكتور علي الذهب أن هناك تأثيرات كبيرة لحادثة غرق السفينة روبيمار، خاصة على صعيد تدفق ومرور السفن التجارية من باب المندب وقناة السويس، حيث سيزداد توجه السفن إلى التحرك عبر رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول القارة الأفريقية.
11- صرحت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء، فإن صناعة صيد الأسماك، وبعض أكبر الشعاب المرجانية في العالم، ومحطات تحلية المياه الواقعة على البحر الأحمر التي تزود الملايين بمياه الشرب، كل ذلك معرَّض للضرر البالغ من خطر تسرب كميات كبيرة من الأسمدة والنفط إلى البحر نتيجة غرق السفينة.
المطلب الخامس: الآثار الناتجة عن غرق سفينة رونيمار
أكد عدد من الخبراء أن هناك عوامل عدة توضح الكارثة لغرق السفينة روبيمار، وهي كالتالي:
- المواد التي تحملها السفينة من أسمدة فوسفات الأمونيا ستذوب في مياه البحر وتلوثه، وستؤدي إلى انخفاض نسبة الأكسجين الذائب في الماء، مما سيؤدي إلى موت الكائنات البحرية، في حين أن بعضها -مثل الرخويات والأسماك- ستحمل هذه السموم وستنتقل عبر الصيد إلى السلسلة الغذائية العليا، وسيؤثر في المجتمعات الساحلية وحتى المناطق الداخلية باليمن، وربما تؤدي إلى انتشار أمراض سرطانية.
- الباخرة روبيمار صُنعت في 1997، أي أنها تعمل منذ 27 عاما، ولذا هي -أيضا- تعدّ نفايات وفقا لعمرها الافتراضي الذي لا يتجاوز 30 عاما.
- حمولة روبيمار الغارقة تبلغ 41 ألف طن، وأعلن أنها تحمل 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة، ولم يتم توضيح نوعية باقي نصف الحمولة للباخرة، مع العلم أن هذه الأسمدة تتكون من فوسفات الأمونيا السائبة غير المغلفة، وهي تشمل -كذلك- مواد كيميائية أخرى.
وتبدو الأضرار الناجمة عن غرق سفينة بحمولة 41 ألف طن من المواد الكيماوية المعروفة وغير المعروفة صعبة الحصر، خاصة أن الحادثة كانت نتيجة هجمات عسكرية في منطقة البحر الأحمر التي تعد من أكثر المناطق توترًا في الوقت الحالي. ومع تنامي الأضرار الاقتصادية والأمنية لهذه الكارثة طالما غابت الجهود الدولية لاحتوائها، إلا أن الأضرار البيئية الناجمة أكثر تأثيرًا لأن انعكاساتها السلبية تمتد إلى فترات زمنية أطول.
مما سبق يؤكد ان هناك اثارا كبيرة ستنتج عن هذه الكارثة سنحاول تلخيصها في الاتي:
أولا: الآثار البيئية:
في شأن ما يتعلق الاثار البيئية التي سيخلفها التلوث النفطي الناجم عن غرق السفينة، يؤكد عدد من الخبراء والمختصين أن الأخطار تنحصر في حمولة السفينة المكونة من المشتقات النفطية المقدرة بنحو 200 طن و80 طن من مادة الديزل واحتواء الشحنة على سماد غير عضوي مكون من فوسفات الأمونيوم الكبريتية التي لها تأثيرات كبيرة في بيئة البحر الأحمر والمنطقة الشاطئية بصورة عامة.
وفي هذا السياق تتضمن المخاطر البيئية الناتجة عن غرق روبيمار ما يلي:
1- تسريب النفط من السفينة سيسبب تشكيل طبقة عازلة على سطح البحر تؤثر سلبا في الاحياء البحرية لتقتل بقع الزيت الأسماك والشعب المرجانية.
2- ذوبان الأسمدة النيتروجينية في الماء سيؤدى إلى امتداد التلوث إلى نطاقات واسعة.
3- تتسبب الحمولة الغارقة في انخفاض نسبة الأكسجين في المناطق المتضررة الأمر الذي سيؤدى إلى نفوق أنواع من الكائنات البحرية مثل الأسماك والرخويات.
4- انتقال السموم للأسماك والرخويات ومنها للبشر عن طريق الصيد، خاصة في المناطق القريبة، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالأمراض السرطانية نتيجة تناول الأسماك الملوثة.
5- تدمير النظم البيئية في البحر الأحمر من الشعاب المرجانية، وأشجار المانجروف الساحلية، والحياة البحرية الغنية والمتنوعة.
6- كمية الوقود التي بدأت بالفعل في التسرب إلى المياه وتمتد بطول 19 ميلاً بحرياً ستؤدى لتلوث المياه وتعرض الكائنات للموت.
7- التأثير في التنوع البيولوجي على الطيور التي ترتاد البحر الأحمر خلال فترة الشتاء المقبل من أوروبا وأفريقيا في خط سير هجرتها الموسمي لأن البحر الأحمر يشكل ملاذاً آمناً للراحة والتكاثر بالنسبة لها".
8- ستفد البيئة البحرية في المنطقة الغارقة بها السفينة إلى فقدان الكثير من الأنواع البحرية، ما يؤدى إلى اختلال السلسلة الغذائية لكثير من الكائنات. [11]
9- يؤدي إلى تكاثر الطحالب الضخمة، الأمر الذي قد يخلق مناطق مميتة للحياة البحرية وحرمان الشعاب المرجانية من الضوء. فبالإضافة إلى بقعة الوقود المتسرب، يمكن لأسمدة كبريتات فوسفات الأمونيوم أن توفر كمية كبيرة من العناصر الغذائية في المياه التي تؤوي الشعاب المرجانية النادرة والثدييات البحرية والأسماك المرجانية، ما يكوّن زبداً رغوياً كثيفاً على المياه.
10- تؤدي الأسمدة في تحفيز النمو المفرط للطحالب، ما يؤدي إلى استهلاك الكثير من الأكسجين بحيث لا تستطيع الحياة البحرية العادية البقاء، وهذا يخلق مناطق ميتة، حيث لا شيء يعيش، وغالباً ما تحتوي الأسمدة أيضاً على بقايا من مواد كيميائية ضارة بالحياة البحرية
11- موت الشعاب المرجانية” بسبب ستتكاثر الطحالب بشكل كبير جدا، وستحدث غطاء فوق سطح الماء وفوق الشعاب المرجانية (تحت الماء)، وتحجب الضوء عنها، وبالتالي ستموت الشعاب المرجانية”.
ثانيا: الآثار الاقتصادية والاجتماعية
أما على الصعيد الاقتصادي فهناك "أخطار مخيفة على بيئة البحر الأحمر باعتبار هذه المنطقة مصدر عيش وارتزاق لمئات الآلاف من الصيادين الذين سيتأثرون بتأثر التنوع الحيوي فيها ناهيك بتأثر مصادر المياه في المناطق المجاورة لها ومحطات تحلية مياه البحر، وبخاصة المناطق التي تعتمد على مياه البحر كمصدر للمياه العذبة".
ويُعد الأسماك مصدر رئيس للاقتصاد وسبل العيش في بلادنا، وتعد الثروة السمكية من القطاعات الواعدة التي توفر فرص عمل وتحقق تنمية اقتصادية للمجتمعات الفقيرة.
إذ تعتمد نسبة كبيرة من سكان بلادنا على قطاع الأسماك وفي حال هذه الكارثة سوف تواجه هذه الفئة أثار اقتصادية واجتماعية.
يعمل أكثر من نصف مليون يمني في القطاع السمكي، منهم 83 ألف صياد ممثلون في 135 جمعية صيد. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 18,500 من العاملين في هذا القطاع (بما في ذلك 17 ألف صياد تقريباً) قد يخسرون وظائفهم وفقاً لإحصاءات منصة "حلم أخضر"، فإن حوالي 126 ألف صياد وعامل من المجتمعات الساحلية في اليمن سوف يفقدون وظائفهم ومصدر دخلهم بعد تدمير موائل 850 ألف طن من المخزون السمكي اليمني في مياه البحر الأحمر.
ويمكن تلخيص الاثار الاقتصادية والاجتماعية في الاتي:
1- ارتطام السفن المارة في البحر الأحمر؛ بسبب حطام سفينة رونيمار في أعماق البحر الأحمر.
2- سيؤثر الوضع الناتج عن الحادثة إلى الإضرار بمصادر أرزاق الصيادين في المناطق الساحلية.
3- تؤثر السلسة الغذائية في البحر الأحمر وعلى المدى البعيد بسبب اراكم السموم.
4- الاضرار بحياة نصف مليون صياد لاسيما في المدن القريبة من حادثة الغرق.
5- ضرب قطاع الصيد في الدول المطلة على البحر الأحمر.
6- تضرر محطات التحلية للمياه في الدول المطلة على حوض البحر الأحمر
7- سيعاني قطاع السياحة أيضاً بشدة بسبب كارثة التلوث تلك، وهو ما سيسفر عن فقدان آلاف الوظائف الأخرى. وسيؤدي كل ما سبق إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم المجاعة، وانهيار الأوضاع الاقتصادية للمجتمعات الساحلية.
8- التأثير سلبًا على الدول التي تلجأ إلى تحلية مياه البحر للحصول على مياه شرب ووصول هذه الأضرار إلى المستهلكين وتسببها في أمراض خبيثة. فضلًا عن أن أثر التلوث البيئي جراء غرق السفينة سيمتد أيضًا إلى آبار المياه سواء السطحية أو القريبة جدًا من مواقع التلوث، وكذلك تلوث محطات التحلية التي تعتمد على مياه البحار سواء في الجزر أو المناطق المتاخمة التي تعتمد على مياه البحر في التحلية واستخدامها مصدرًا أساسيًا للحصول على مياه الشرب([12]).
9- أضرار جسيمة على البيئة البحرية؛ إذ إن هناك أكثر من 500 نوع من أنوع الأسماك مهددة، إضافة إلى الآثار التدميرية على الشعب المرجانية. وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن هناك مئات الآلاف من اليمنيين الذين يعتمدون على الصيد البحري وخاصة الطرق التقليدية في الصيد مما يعني غياب مصدر الرزق لهم.
10- حطام “روبيمار” يعد مشكلة ضخمة في المستقبل القريب ويضاف إلى ذلك انتشار حطام السفينة يسبب أضرار كبيرة للسفن العابرة في الممر لأن هناك مخاطر من الاصطدام بها مما يعيق حركة الملاحة[13]
11- فقدان فرص العمل لكثير من القطاعات لاسيما الصيادين والمزارعين وشاغلي الوظائف في المجال السياحي.
ثالثا: الآثار السياحية والأمنية والصحية
1- إن المخاطر الأمنية الأكبر التي ستمس دول المنطقة هو ما ستتخذه أميركا وبريطانيا ودول الغرب من إجراءات عسكرية لمواجهة هجمات الحوثيين واستهدافهم للسفن التجارية وناقلات الشحن البحرية.
2- تهديد السياحة في دول أخرى مطلة على البحر الأحمر نتيجة لأن الرياح ستقوم بتحريك الملوثات إلى سواحل الدول الأخرى. فيؤثر غرق السفينة على نوعية المياه ووصولها للشواطئ والسواحل، وبالتالي من المتوقع أيضًا أن تؤثر على حركة السياحة في الدول المطلة على البحر الأحمر.
3- الأضرار المباشرة على صحة الإنسان؛ إذ إن المواد التي تحملها السفينة من أسمدة فوسفات الأمونيا ستذوب في مياه البحر وتلوثه، وستؤدي إلى انخفاض نسبة الأوكسجين الذائب في الماء مما سيؤدي إلى موت الكائنات البحرية، في حين أن بعضها -مثل الرخويات والأسماك- ستحمل هذه السموم وستنتقل عبر الصيد إلى السلسلة الغذائية العليا، وسيؤثر في المجتمعات الساحلية وحتى المناطق الداخلية باليمن، وربما يؤدي إلى انتشار أمراض سرطانية.
- التحديات
1- التحديات السياسية
- تتمثل في التخاذل الدولي ليس فقط في محاولات سحب السفينة واللحاق بالكارثة قبل أن تقع ولكن حتى في دعم الحكومة اليمينة المعترف بها دوليًا وتأهيلها للتعامل مع مثل هذه الأوضاع. وربما يرجع هذا التخاذل إلى رغبة في الإبقاء على منطقة البحر الأحمر كمنطقة نزاع، وتحويل هذه المنطقة شديدة الأهمية إلى ساحة تصفية حسابات بين القوى الكبرى والصين من جهة وبين القوى الكبرى وإيران من جهة أخرى. ولكن الواقع أن العالم كله يتضرر من هجمات الحوثي في منطقة البحر الأحمر؛ إذ تتضرر تجارة الصين وكذلك حلفاء الولايات المتحدة مثل الهند. فضلًا عن أن الهجمات أدت إلى رفع أسعار الشحن وبالتالي رفع أسعار السلع النهائية.
2- التحديات الأمنية
- إن استمرار الصراع العسكري في البحر الأحمر قد يحول البحر الأحمر” لمكب نفايات” من جهة ولـ “ساحة تصفية حسابات” من جهة أخرى؛ بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة وتنامي عسكرتها وتحكم الحوثي في هذه المنطقة بدعم وإن لم يكن بتوجيه من إيران التي تعرضت سفينة تابعة لها هي الأخرى للاعتداء من الحوثي فيما وصف بالنيران الصديقة.
- تتداخـل وتتفـاوت أهميـة البحـر الأحمر الاستراتيجية بالنسـبة للقـوى الإقليمية والدولية ما بـن أهميتـه الأمنية والعسـكرية والسياسـية والاقتصادية والاجتماعية والبيئيـة والثقافيـة، ولكـن تبقـى الأهمية الاقتصادية العسـكرية والأمنية شكل هذه الدوافـع للتنافـس الإقليمي على البحـر الأحمر والتخـوم المجاورة لـه مـن قبـل الـدول الكـرى، وهـذا مـا يزيـد القلـق مـن ناحيـة زيـادة نسـبة التلـوث البيئـي - البحـري وبالتالي زيـادة آثـاره الضـارة عـلى الأحياء البحريـة والتنـوع الحيـوي في دول حـوض البحـر الأحمر.
3-تحديات مادية وتقنية
- ضعف الإمكانات المادية والفنية من سحب السفينة قبل غرقها خاصة أنها استقرت في تلك المنطقة لمدة أسبوعين تقريبًا قبل أن تغرق بشكل كامل.
- عدم وجود التقنيات الحديثة للتعامل مع الكارثة وفقا لحالة الطوارئ المتعارف عليها في إدارة الأزمات.
التوصيات والحلول المقترحة:
1- توجيه كافة الجهود المحلية والدولية نحو الحد من الكارثة. وينبغي على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى الضغط على أطراف النزاع لإجبارها على احترام الجهود الدولية والوطنية المبذولة للحيلولة دون وقوع حوادث أخرى مشابهة.
2- احتواء الآثار السلبية للكارثة والابتعاد عن التعامل مع منطقة البحر الأحمر باعتبارها منطقة تصفية حسابات بين القوى الكبرى وإيران، وهو ما يتطلب سرعة تقييم الآثار الناجمة عن طريق الأقمار الصناعية وتحديد نوعية الأسمدة التي كانت على متن السفينة من خلال تشكيل فرق بحثية تحت أشراف الأمم المتحدة.
4- تشكيل خلية لمتابعة كل ما يخص غرق السفينة تحت إشراف الأمم المتحدة تسهم في متابعة تطبيق الاتفاقات الدولية في هذا الإطار؛ إذ تلزم الاتفاقية الدولية لعام ١٩٦٩ المتعلقة بالتعويض عن أضرار التلويـث بالزيت بالتعاون في المجـال التكنولوجي لمكافحـة الزيـت لأن عمليات المكافحة تحتاج إلى خبرة وإمكانيات لا تتوافر لكثير من الـدول.
5- تفعيل وتطبيق اتفاقية جدة حول حماية البيئـة البحريـة للبحـر الأحمـر وخلـيج عدن بتاريخ 1982 وتسري أحكام هذه الاتفاقية المبرمة بين الدول المطلة على البحر الأحمـر وخليج عدن على البيئة البحرية بقطاعاتها المختلفة عدا بيئة المياه الداخلية في مفهوم قانون البحار كما تسري على السفن والطائرات المسجلة في تلك الدول، عدا السفن والطائرات الحربية وغيرها من السفن الحكومية التي تستخدم في أغراض غير تجارية. وفى المواد من 4-8 منها قررت الاتفاقية على الدول الأطراف أن تتخـذ كافة التدابير والإجراءات الملائمة لمنع التلوث البحري وخفضه ومراقبته أيـًا كان مصدره وانضمت مصر للاتفاق عام 1989.
6- دعوة الأمم المتحدة الى دعم تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 2722 الذي يدين هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.
7- دعوة مجلس الامن الى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية جراء ما تمارسه من تصعيد وتهديد خطير للبيئة البحرية والملاحة الدولية وتعريض السلم والامن الدوليين للتهديد.
8- ردع المليشيات الحوثية جراء هذه الاعمال الاجرامية والتحذير من تكرارها أو افتعال كوارث أخرى تؤدي الى تلوث بحري أوسع مما يلحق ضررا كبيرا بمستقبل البلدان المطلة على البحر الأحمر.
المصادر والمراجع:
1- اتفاقيه جـدة الهيئـة الإقليمية للمحافظـة في بيئـة البحـر الأحمر وخليـج عـدن. وصـل لهـذا المسار في 1 ديسمبر 2015 نسـخة محفوظـة 10 سبتمبر 2016 في موقـع واي بـاك مشـن.
2- اتفاقيـة قانـون البحـار، المعتمدة مبونتيجوبـاي بجاميـكا، في 10 ديسمبر 1982، دخلت حيـز التنفيـذ في 16 نوفمبر 1994م.
3- التلوث البحري وأحكام المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية زين ميلري،» «، مجلة الندوة للدراسات القانونية، العدد 1 ،01 قسنطينة، ،2013
4- الحماية القانونية للبيئة البحرية من التلوث بالزيت، جلال وفاء محمدين، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2001م.
5- المادة 2 الفقرة 2 من الاتفاقية الدولية المتعلقة بالوقاية من التلوث الناجم عن البواخر لسنة،1973
6- -المادة 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ،1982
7- البحر الأحمر. شاهر جامل أغا.» الموسوعة العربية. 2012 Retrieved27-06-
8- إيغاد" تدعو إلى التدخل لتجنب كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر وخليج عدن https://www.arabianews24
9- ورقة بحثية مقدمة في اللقاء التشاوري لمنظمات المجتمع المدني في عدن، بسام القاضيـ 10مارس 2024م
10- غرق السفينة “روبيمار”: هل يتحول البحر الأحمر إلى ساحة تصفية حسابات؟ https://marsad.ecss.com.eg/80999/
11- ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki
12- عربية نيوز 24 https://www.arabianews24.net
هوامش
[1]) زين ميلري،» التلوث البحري وأحكام المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية «، مجلة الندوة للدراسات القانونية، العدد 1 ،01 قسنطينة، ،2013 ص .39
[2]) المادة 2 الفقرة 2 من الاتفاقية الدولية المتعلقة بالوقاية من التلوث الناجم عن البواخر لسنة،1973
[3]-المادة 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة ،1982
[4] ) جلال وفاء محمدين، الحماية القانونية للبيئة البحرية من التلوث بالزيت، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2001 ، ص 04 وما يليها .
[5]) اتفاقيـة قانـون البحـار، المعتمدة مبونتيجوبـاي بجاميـكا، في 10 ديسمبر 1982، دخلت حيـز التنفيـذ في 16 نوفمبر 1994
[6]) اتفاقيه جـدة الهيئـة الإقليمية للمحافظـة في بيئـة البحـر الأحمر وخليـج عـدن. وصـل لهـذا المسار في 1 ديسمبر 2015 نسـخة محفوظـة 10 سبتمبر 2016 في موقـع واي بـاك مشـن.
([7] شاهر جامل أغا.» البحر الأحمر «. الموسوعة العربية. 2012 Retrieved27-06-
([8] ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki
[9]) عربية نيوز 24 https://www.arabianews24.net
[10]) إيغاد" تدعو إلى التدخل لتجنب كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر وخليج عدن https://www.arabianews24.n
([11] ورقة بحثية مقدمة في اللقاء التشاوري لمنظمات المجتمع المدني في عدن، بسام القاضيـ 10مارس 2024م
[12]) غرق السفينة “روبيمار”: هل يتحول البحر الأحمر إلى ساحة تصفية حسابات؟ https://marsad.ecss.com.eg/80999/
[13]) غرق السفينة “روبيمار”: هل يتحول البحر الأحمر إلى ساحة تصفية حسابات؟ https://marsad.ecss.com.eg/80999/