"انعطافة دبلوماسية تنهي مهمة التحالف العربي"..

السعودية تقترب من اتفاق مع الحوثيين.. هل تتحقق السلام أم تُخلق صراعات جديدة؟

أظهرت السعودية موقفاً مناهضا لتطلعات المجلس الانتقالي الجنوبي، في استعادة الدولة السابقة، وأكدت على ما أسمته اليمن الجديد الذي سيعود سعيداً بأبنائه وجيرانه المخلصين الذين يبذلون كل غال (....) في سبيل الحفاظ على يمن واحد موحد".

السفير السعودي محمد آل حابر خلال زيارته إلى صنعاء في مارس آذار من العام الماضي - أرشيف

ماريا هاشم
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -
الرياض

قالت وسائل إعلام سعودية (رسمية)، إن حلفاء الرياض (مجلس القيادة الرئاسي)، سيوقعون (الأحد)، اتفاقاً مع الأذرع الإيرانية في اليمن (جماعة الحوثيين)، في العاصمة العمانية مسقط، دون أي تمثيل للجنوب، صاحب المكاسب الوحيدة في الحرب، بل أن الرياض، أدارت ظهرها للجنوب، وأعلنت تمسكها بمشروع "دولة يمنية واحدة"، يحكم فيها الحوثيون الموالون لإيران.

هذا التوقيع المتوقع ان يتم تدشين مراسيمه في مسقط (يوم الأحد)، ان ينهي المهمة التي جاء من أجلها تحالف عسكري من عشر دول تقوده السعودية التي تحولت إلى دور الوسيط عقب اتفاق ابرمته الرياض مع الخصم اللدود "طهران"، في العاشر من مارس/ آذار العام 2023م.

وقالت وسائل إعلام سعودية إن الساحة اليمنية تشهد تطورات دبلوماسية هامة، حيث تسعى السعودية إلى إبرام اتفاق مع الحوثيين بعيدًا عن حلفاء التحالف العربي، حيث أكدت صحيفة عكاظ السعودية الرسمية أن العاصمة العمانية مسقط ستحتضن يوم الأحد ما اسمته بمفاوضات إنسانية واقتصادية مهمة بين طرفي الصراع (الحوثي ومجلس القيادة الرئاسي)، بعد نجاح الوساطة السعودية - العمانية في تقريب وجهات النظر وبرعاية أممية، ما يشكل اختراقا للوصول إلى سلام دائم وشامل انتظره اليمنيون كثيراً.

وقالت الصحيفة إن السعودية عملت منذ وقت مبكر على احداث اختراق بين الفرقاء اليمنيين من خلال إعادة فتح الطريق الرئيسي بين مدينة تعز (...) والحوبان شرق المدينة التي يسيطر عليها الحوثي، وكذلك طريق مأرب البيضاء، كتتويج لجهود جبارة سهرت عليها الدبلوماسية السعودية والعمانية بهدف تنفيذ قرارات التهدئة التي أقرتها الأمم المتحدة كخطوة لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة".

وقالت عكاظ "إن الشتات الذي يعيشه الشعب اليمني إنسانياً واقتصادياً ومجتمعياً ليس في الداخل فحسب، بل تحولت عدد من عواصم الدول العربية إلى حاضنة للكثير من اليمنيين التواقين لوطن يسعد فيه الجميع وينتهي فيه استرخاص الروح الإنسانية ويطوون عقوداً من الحروب والأزمات والتشرذم والتفكك الأسري ويعود الجميع إلى مجلس واحد وغرفة واحدة يناقشون فيها همومهم ويتبادلون فيها الآراء لبناء الدولة التي يتطلع إليها كل حر ومخلص لدينه ووطنه ليتم إعلاء المصلحة العليا للبلاد على المصالح الدنيئة والرخيصة".

وأظهرت السعودية موقفاً مناهضا لتطلعات المجلس الانتقالي الجنوبي، في استعادة الدولة السابقة، حيث أكدت على ما اسمته باليمن الجديد الذي سيعود سعيداً بأبنائه وجيرانه المخلصين الذين يبذلون كل غال (....) في سبيل الحفاظ على يمن واحد موحد.

وجاء الإعلان السعودي، غداة إعلان حكومة عدن، اختطاف الأذرع الإيرانية في صنعاء لأربع طائرات من الخطوط الجوية اليمنية المملوكة بالمناصفة بين السعودية واليمن.

وأعربت مصادر دبلوماسية يمنية وجنوبية عن عدم ارتياحها من الاتفاق بين السعودية والحوثيين، مؤكدين انه ينال من تطلعات اليمنيين في العودة إلى ديارهم.

لكن الحوثيين الذين يتواجد وفد منهم في سلطنة عمان، أعلنوا ترحيبهم بالمساعي السعودية، لكن مصادر في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أعربت عن قلقها من الاتفاق، واعتبرته تهديدًا لوحدتها مجلس القيادة الرئاسي.

اما المجلس الانتقالي الجنوبي، الطرف الفاعل في عدن، فقد أعلن رفضه للاتفاق بشكل قاطع، واعتبره بمثابة تسليم اليمن للحوثيين.

ورحب المجتمع الدولي بمساعي الرياض ومسقط، ولكنه أشترط دعوة جميع الأطراف إلى الحوار والتفاوض، هو توجه قد يتصادم وتوجهات السعودية التي ترى ان الاتفاق يجب ان يكون حصريا في شخص "رشاد العليمي كممثل لمجلس القيادة الرئاسي، وجماعة الحوثيين الموالية لإيران.

وفيما إذا نجح الاتفاق، فأن قد يعيد الصراع إلى نقط الصفر، وقد يمنح الأذرع الإيرانية في اليمن، مشروعية جديدة لشن حربا جديدة على الجنوب، الرافض لهذه الاتفاقية، وهو ما يؤكد على ان حدة الصراع ستعود أقوى من أي وقت مضى، وسيفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، لأنه قد يضع نهاية حتمية لمشروع مجلس القيادة الرئاسي

تُعدّ المساعي السعودية لإبرام اتفاق مع الحوثيين خطوة دبلوماسية هامة، لكنها لا تزال في مراحلها الأولى، ويجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي، وما هي نتائجه على الصراع في اليمن.

وتأتي المساعي السعودية في الوقت الذي تشكل فيه ميليشيات الحوثي اليمنية تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار الإقليمي، لا سيما من خلال هجماتها على الممرات المائية الدولية في البحر الأحمر. وقد أدت هذه الهجمات إلى تصاعد التوترات في المنطقة وفتحت الباب أمام احتمال تدخل عسكري أمريكي.

  ونفذت ميليشيات الحوثي سلسلة من الهجمات على السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر، باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار.

وزرعت الألغام البحرية في ممرات الشحن الرئيسية، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الملاحة البحرية الدولية، واحتجزت عددًا من السفن التجارية وطواقمها بشكل غير قانوني، مما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء في اليمن.

وقد ساهمت تلك الهجمات في زعزعة استقرار الممرات المائية الدولية، حيث أدت الهجمات على الملاحة البحرية إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، مما أثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.

وأدى الحصار البحري الذي فرضته ميليشيات الحوثي على الموانئ اليمنية إلى نقص حاد في السلع الأساسية، مثل المواد الغذائية والأدوية، مما تسبب في معاناة كبيرة للشعب اليمني.

وفتحت الهجمات على الملاحة البحرية في المنطقة الباب أمام احتمال تدخل عسكري أمريكي.

وتعتبر الولايات المتحدة أن  حرية الملاحة في البحر الأحمر  لها أهمية استراتيجية حيوية، ولن تتردد في استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها.

وتخشى الولايات المتحدة من أن تقع الأسلحة المتطورة التي استولت عليها ميليشيات الحوثي في أيدي جماعات متطرفة أخرى، وتشعر بقلق بالغ من الأزمة الإنسانية في اليمن، وقد تتدخل عسكريًا لمنع المزيد من المعاناة.