الضربات والنضالات..

الغارات الجوية على ميناء الحديدة.. رسالة من إسرائيل إلى إيران وحزب الله (ترجمة)

لا تستبعد مصادر اسرائيلية تبادل المزيد من الضربات بين إسرائيل والحوثيين في أعقاب استهداف سلاح الجو الإسرائيلي ميناء الحديدة، في أعقاب انفجار المسيرة في تل أبيب.

حريق كبير شب في مخزن نفط في ميناء الحديدة في اليمن بعد استهداف قصف إسرائيلي

الحديدة

فاقمت الهجمات والغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة المعاناة الإنسانية والصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المواطنون اليمنيون بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان. واستهدفت الضربة الإسرائيلية ميناء الحديدة ومصفاة نفط وخزانات وقود ومحطة كهرباء رأس كثيب، عقب إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن هجوم بطائرة بدون طيار على تل أبيب. وبحسب مصادر استخباراتية فإن الخسائر الناجمة عن الغارة الإسرائيلية تقدر بنحو ربع مليار دولار، يعود معظمها إلى الوقود المخزن في الاحتياطي الاستراتيجي للحوثيين . وتشير بعض التقارير إلى أن ثلثي الاحتياطي الاستراتيجي من الوقود في ميناء الحديدة، المقدر بنحو 150 ألف طن متري، احترق في الضربة الإسرائيلية، ولم يتبق سوى حوالي الثلث أو 50 ألف طن متري.

 

الحديدة: شريان الحياة الاقتصادية

تعد الحديدة بوابة بحرية مهمة لليمن على البحر الأحمر واستخدمها الحوثيون مؤخرًا كمركز لاقتصادهم وهجماتهم على السفن التجارية . تقع الحديدة على بعد حوالي 226 كيلومترًا من العاصمة صنعاء، وتبلغ مساحتها حوالي 18 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقرب من مساحة الكويت . وتحتل المرتبة الثانية بين المحافظات اليمنية من حيث الكثافة السكانية، بعد تعز. يوجد في الحديدة ثلاثة موانئ: الحديدة ورأس عيسى والصليف، والتي تصل من خلالها غالبية الواردات والمساعدات الإغاثية للمتضررين من الحرب. وبساحلها الذي يبلغ طوله 300 كيلومتر، تعد الحديدة واحدة من أهم محافظات اليمن بالنسبة للثروة السمكية والموانئ والمنشآت السمكية، بالإضافة إلى وجود مصانع للمواد الغذائية والاستهلاكية للقطاع الخاص. إن السمات الاقتصادية للحديدة والإيرادات المالية الكبيرة التي يجنيها الحوثيون من ضرائب الموانئ والجمارك والمرافق الصناعية جعلتها منطقة خلاف مع الحكومة، التي مُنعت من التدخل العسكري في عام 2018 لأسباب إنسانية استشهد بها المجتمع الدولي.

 

الخسائر البشرية والاقتصادية

وبالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والبنية التحتية، أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية على محافظة الحديدة عن مقتل ستة مدنيين وإصابة 83 آخرين، معظمهم إصاباتهم خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال ثلاثة أشخاص في عداد المفقودين، وفقًا لتقديرات أصدرتها سلطات الحوثيين. كما التهمت الحرائق مرافق تخزين النفط، مما تسبب في أضرار جسيمة لقطاع الطاقة في الحديدة. وقد أدى الهجوم إلى شل حركة البضائع في الميناء، ثاني أكبر ميناء في اليمن ونقطة دخول حيوية للمساعدات الإنسانية للمدنيين، لمدة يومين على الأقل. هذا الميناء ضروري لتوفير أكثر من 70٪ من احتياجات اليمن الغذائية.

وتشير المصادر إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطاقة كبيرة، حيث تم استهداف نحو 17 منشأة لتخزين الوقود، بالإضافة إلى استهداف الرافعات القديمة المستخدمة في تفريغ البضائع من السفن إلى الرصيف، وهو ما يهدد بتعطيل الميناء، خاصة إذا تعرض لهجوم آخر.

العواقب الإنسانية

وقد أدت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة إلى توقف وتعطيل العمل في الميناء الذي يعد شريان الحياة للمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي ، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وخاصة أسعار الوقود، وإلحاق الضرر بالميناء. كما أن تدمير محطة كهرباء رأس كثيب سيخلق أزمة في الطاقة، مما يؤثر سلباً على حياة الناس في منطقة تهامة الساخنة، ويسبب أضراراً اقتصادية ومادية كبيرة بسبب تعطل العديد من المرافق الحيوية في المدينة، بما في ذلك المرافق الصحية.

وعلاوة على ذلك فإن تعطيل ما يقرب من ثلث مرافق تخزين الوقود من شأنه أن يعرض اليمنيين لأزمة وقود وارتفاع الأسعار، التي هي مرتفعة بالفعل. وقد لا نشعر بالتأثير الكامل للضربة إلا بعد استنفاد احتياطيات النفط الحالية.

 

تهديد حوثي واستنكار رسمي

ووصف زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة بـ"استهداف الاقتصاد اليمني"، مشيرا إلى أن جماعته انتقلت إلى المرحلة الخامسة بإطلاق طائرة مسيرة باتجاه تل أبيب. وأضاف: "سعداء جدا بالمعركة المباشرة بيننا وبين العدو الإسرائيلي، ومن فوائد هذه الأحداث أنها تكشف المنافقين". وأكد مجددا التنسيق مع ما أسماه "محور الأقصى" و"جبهات الدعم والإسناد"، وقال: "نحن مستمرون في هذه المعركة أقوى من أي وقت مضى، وقدراتنا تتطور باستمرار لمواجهة التحديات، العدو الإسرائيلي هو الخاسر ولن يستعيد الردع أبدا، وعملياتنا مستمرة".

أدانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة، ووصفتها بأنها انتهاك للسيادة اليمنية. وحملت الحكومة ما أسمته "الكيان الصهيوني" مسؤولية تداعيات الهجوم، الذي زعمت أنه أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتفاقم الأضرار الناجمة عن هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية والممرات الملاحية الدولية . وقالت الحكومة اليمنية إن الهجوم الإسرائيلي عزز موقف جماعة الحوثي، وحذرت النظام الإيراني والكيان الصهيوني من تحويل الأراضي اليمنية إلى مسرح لحروب عبثية.

كما أدان الائتلاف الوطني للأحزاب السياسية اليمنية ما أسماه "عدوان الكيان الصهيوني وانتهاكه الصارخ للسيادة اليمنية". وأكد الائتلاف في بيان له دعمه الكامل لموقف الحكومة الشرعية في نصرة القضية الوطنية والدفاع عن السيادة اليمنية. وأكد الائتلاف "رفضنا تسليم مصير اليمن لمليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران والتي تستخدمه أداة لقتل اليمنيين وتدمير مقدرات الدولة والقيام بأعمال خارج الإجماع الوطني وجر الشعب اليمني إلى معارك عبثية خدمة للمشروع التوسعي للنظام الإيراني في المنطقة".

وأشار البيان إلى أن العدوان الإسرائيلي على الحديدة واستهداف المنشآت الحيوية بأحدث الأسلحة المدمرة يكشف بوضوح عن الطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني في محاولته جر المنطقة برمتها إلى الحروب ضاربا بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.