تل أبيب ما تزال تنتظر رد طهران على مقتل هنية..

إسرائيل تدرس تعميم الاستراتيجية: هل تكون إيران والحوثيون الأهداف القادمة بعد حزب الله؟

قد يشجع نجاح الضربة الاستباقية ضد حزب الله إسرائيل على تعميم التجربة وتوجيه ضربة استباقية أخرى لإيران ولمجموعات أخرى تابعة لها مثل الحوثيين في اليمن أو فصائل الحشد الشعبي في العراق التي تعتقد أنها بمنأى عن الانتقام الإسرائيلي. لكن الهجوم على إيران لن يكون بالسهولة التي تم بها استهداف حزب الله وصواريخه.

ضربات إسرائيل ساعدت في إضعاف وابل الصواريخ التي أطلقها حزب الله على أراضيها

بيروت

في أعقاب النجاح المذهل للضربة الاستباقية التي نفذتها إسرائيل ضد حزب الله، بدأت التكهنات تتزايد حول احتمالية تعميم هذه التجربة لتشمل أهدافًا أخرى مرتبطة بإيران في المنطقة. وسط مشهد سياسي وأمني يتسم بالتوترات المتصاعدة، تشير بعض التحليلات إلى أن إسرائيل قد تتخذ خطوات مماثلة لتوجيه ضربات استباقية ضد إيران، أو ضد جماعات تدعمها طهران مثل الحوثيين في اليمن أو فصائل الحشد الشعبي في العراق، والتي ربما تعتقد أنها بمنأى عن الانتقام الإسرائيلي. ومع ذلك، يدرك المراقبون أن الهجوم على إيران، بما تمثله من قوة عسكرية وتجهيزات معقدة، لن يكون بالسلاسة التي شهدتها العمليات ضد حزب الله وصواريخه، مما يضيف طبقة من التعقيد والتحدي لأي عملية مستقبلية تستهدف طهران مباشرة.

وأعلن سلاح الجو الإسرائيلي أنه شن ضربة استباقية كبيرة على ترسانة حزب الله من الصواريخ في 25 أغسطس لمنع توجيه ضربة ضد الدولة العبرية.

وذكرت إسرائيل أن الضربات ساعدت في إضعاف وابل الصواريخ التي أطلقها حزب الله على أراضيها بعد ذلك بوقت قصير، ووصفها سياسيون وشخصيات دفاعية إسرائيلية بأنها عملية ناجحة. لكن الضرر الفعلي على الأرض كان أقل وضوحا، حيث ما يزال الحزب ينفذ هجماته على المناطق الحدودية.

وبعد وقت قصير من الضربات الاستباقية، أرسل حزب الله الصواريخ والطائرات المسيّرة نحو إسرائيل في 25 أغسطس. وقال الحزب إن هذا كان جزءا من انتقامه الذي طال انتظاره لمقتل القيادي فؤاد شكر في بيروت في 30 يوليو.

وتقوم عقيدة الضربة الاستباقية الإسرائيلية على فكرة مهاجمة التهديدات العسكرية الوشيكة. ويقيّم الجيش ما إذا كانت الضربة الوقائية ممكنة من وجهة نظر لوجستية وعسكرية في ما يقيّم المجلس الوزاري الأمني ما إذا كانت الضربة تستحق المخاطرة بتصعيد محتمل.

وغالبا ما نفذت إسرائيل تاريخيا عمليات عسكرية استباقية ضد أهداف تعتقد بأنها لن تواجه بتصعيد كبير من الجهات الأخرى. ويمكن إثبات ذلك من خلال تاريخ إسرائيل الطويل في تنفيذ الاغتيالات والضربات ضد البرامج النووية الإقليمية في البلدان المنافسة التي لم تكن في وضع يمكّنها من التخطيط لأعمال انتقامية واسعة النطاق مثل العراق وسوريا.

ومن المرجح أن يشن الجيش الإسرائيلي، بدعم سياسي أكبر، ضربات وقائية ضد الحوثيين اليمنيين والميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق التي تستعد لجولاتها الخاصة من الانتقام ضد الدولة العبرية، وفق الأجندة التي وضعتها إيران والهادفة إلى إشراك مختلف الحلفاء في المعركة.

وقصفت الطائرات الإسرائيلية في 20 يوليو ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن ردا على الهجوم الذي شنه الحوثيون بمسيّرة في 19 يوليو على تل أبيب، مما يدل على قدرات سلاح الجو الإسرائيلي ضرب مواقع في اليمن ردا على استفزازات الحوثيين.

وإذا أمكن تنسيق الهجمات بين الحوثيين والميليشيات في سوريا والعراق، فمن المرجح أن تكون هذه الجماعات أيضا أهدافا لضربات الجيش الإسرائيلي الاستباقية. ويمكن أن تعيق وسائل الجماعات الأكثر محدودية قدرتها على شن هجمات انتقامية بسرعة ضد إسرائيل إثر هذه الضربات الوقائية، مما يقلل من احتمال التصعيد الإقليمي.

وتعتقد دراسة نشرها موقع ستراتفور أن خطر التصعيد المنخفض قد يجعل الولايات المتحدة أكثر استعدادا لدعم ضربات الجيش الإسرائيلي الاستباقية مما يحفز تل أبيب على استهداف هذه الجهات الفاعلة قبل أن تهاجمها.

وتشن إسرائيل بالفعل ضربات روتينية على القوات المدعومة من إيران في سوريا، حيث تتمتع بحرية التصرف إلى حد كبير، وضربت أهدافا في العراق في السابق أيضا.

لكن إسرائيل ما تزال تنتظر رد إيران الذي تعهدت به على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. ومن غير الواضح كيف سينتهي الانتقام الإيراني الذي هددت به منذ فترة طويلة، لكن إحدى الإستراتيجيات المحتملة يمكن أن تشمل اعتماد طهران على وكلائها لشن موجة من الهجمات على إسرائيل، بغض النظر عن هجوم من إيران نفسها، لإظهار مخاطر المزيد من التصعيد دون دفع المنطقة إلى حرب عامة.

ومن غير المرجح حاليا أن تشن إسرائيل ضربات وقائية ضد إيران. لكن يمكن أن تغامر بذلك في ظل قناعتها بأن إيران لا تريد توسيع دائرة الحرب.

وقد أشارت إيران إلى أنها لا تنوي شن ضربات تعجل بحرب عامة، مما يشير إلى أن انتقامها الذي لا يزال وشيكا سيكون مشابها لصواريخها الباليستية والمسيّرات التي أطلقتها في أبريل. وكانت أضرار الضربة الإيرانية محدودة جدا.

وفكرة أن الانتقام الإيراني القادم قد يكون شبيها بهجوم أبريل تزيد من حافز إسرائيل للمخاطرة باعتراض مثل هذا الهجوم من خلال شن ضربات استباقية على الأراضي الإيرانية.

وبما أنه من غير المرجح أن يردع المزيد من التصعيد السري والعلني إسرائيل، ومع احتمال تواصل الجولات المستقبلية من المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية، ستكون تل أبيب مستعدة بشكل متزايد لشن ضربات وقائية ضد مواقع في إيران في محاولة لإضعاف جولات أخرى من الهجمات التي تخطط لها طهران.

وسيصبح هذا مرجحا أكثر إذا فاز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بولاية أخرى في نوفمبر، نظرا إلى مواقفه الأكثر تشددا بشأن إيران والإجراءات التصعيدية التي اتخذها ضدها أثناء وجوده في منصبه.

لكن من المرجح، أيضا، أن تعزز الضربات الإسرائيلية الوقائية على إيران حجج المتشددين في طهران للتصعيد ضد إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها العرب بشكل أكبر.

وبينما قد تنجح الضربات الاستباقية الإسرائيلية ضد إيران في تقليص حجم بعض الهجمات، إلا أنها ستزيد أيضا من خطر قرار طهران توسيع حملتها الإقليمية ضد إسرائيل وحلفائها.

وادعى ترامب أن سياساته المتشددة المناهضة لإيران منعت الهجمات الإيرانية ضد إسرائيل خلال فترة رئاسته. وإذا عاد إلى البيت الأبيض، فسيستأنف مثل هذه السياسات المتشددة تجاه طهران، والتي شملت اغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني. كما شجعت مواقف ترامب خلال فترة ولايته إسرائيل على تصعيد حملتها السرية ضد إيران في سوريا.