قراءة في إستراتيجية إسرائيل العسكرية..

الضفة الغربية تحت المجهر: بين الاقتحامات المؤقتة وتهديدات التصعيد الشامل

تحذر التقارير من أن تحول الضفة الغربية إلى "غزة ثانية" قد يؤدي إلى توسيع رقعة الصراع الإسرائيلي لتشمل ثلاث جبهات: الضفة، لبنان، وقطاع غزة، حتى وإن تمكنت إسرائيل من تدمير قوة حماس في القطاع. هذا التصعيد المتوقع ينذر بإطالة أمد الحرب وتعقيد جهود التوصل إلى حل سلمي، حيث تواجه إسرائيل تحديات متعددة على هذه الجبهات، وسط تزايد الاحتقان الشعبي في الضفة وتواصل الهجمات الصاروخية من حزب الله في الشمال.

الجيش الإسرائيلي في طولكرم _ ارشيف

غزة

تواصل إسرائيل حديثها عن "استكمال المهمة" في قطاع غزة، بينما تلمّح إلى تحويل تركيزها نحو الشمال، حيث يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على المناطق الحدودية. لكن يبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية تعامل الجيش الإسرائيلي مع الضفة الغربية بعد تنفيذ عمليات عسكرية دامت لأيام في عدة مدن.

في الوقت الحالي، لا يبدو التدخل الإسرائيلي في الضفة مشابهًا لحرب مفتوحة كما هو الحال في غزة، إذ يرجع هذا إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف رد الفعل الفلسطيني، بالإضافة إلى أن السلطة الفلسطينية لا ترى نفسها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وهي ما زالت تحاول الحفاظ على وجودها ضمن إطار الاتفاقيات الدولية.

رغم الانتقادات الموجهة لعمليات إسرائيل في الضفة الغربية، تدرك السلطة أن أي تصعيد منها قد يضعها في مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي. حماس في الضفة تختلف عن نظيرتها في غزة؛ فهي تفتقر إلى الصواريخ والأنفاق، وتعتمد على أسلحة خفيفة ومتفجرات لا تشكل تهديدًا كبيرًا لتدخلات الجيش.

لكن هذا الهدوء النسبي في الضفة لا يخفي التوتر الشعبي المتزايد نتيجة ما يحدث في غزة واعتداءات المستوطنين المدعومة من رموز اليمين المتطرف في إسرائيل. هذا التوتر يخلق بيئة قد تؤدي إلى انتفاضة جديدة، وهو ما حذّر منه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، عندما أشار إلى احتمال أن تتحول الضفة إلى "غزة جديدة".

تصاعد العمليات في الضفة: احتقان وجبهات متعددة

تشهد الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا في العمليات الإسرائيلية، حيث تضاعفت المواجهات مع الفلسطينيين واعتداءات المستوطنين، ما يضع المنطقة في حالة غليان. الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه من تحول الضفة إلى جبهة جديدة قد تؤدي إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وزيادة حدة الاستفزازات، ما يهدد بإفشال أي مساعي لتحقيق حل سلمي.

تصريحات بوريل جاءت في ظل مشاركة دولية متزايدة في محاولة لتهدئة الأوضاع، لكنه لفت إلى أن بعض الجهات في الحكومة الإسرائيلية قد تسعى إلى جعل إقامة دولة فلسطينية أمرًا مستحيلًا من خلال تكثيف بناء المستوطنات. وأكد الاتحاد الأوروبي أن عام 2023 شهد ارتفاعًا قياسيًا في منح تصاريح بناء المستوطنات منذ ثلاثين عامًا.

العمليات العسكرية وأثرها في الضفة الغربية

منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر الماضي، ارتفع عدد الضحايا في الضفة بشكل كبير، حيث قُتل 662 فلسطينيًا على الأقل على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين، بينما قتل 23 إسرائيليًا في هجمات فلسطينية. العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في طولكرم وجنين أضافت إلى حصيلة القتلى وأثارت قلقًا واسعًا حول مستقبل المنطقة.

تتزايد المخاوف من أن استمرار العمليات في الضفة قد يؤدي إلى تفجر انتفاضة جديدة، قد تجعل من الضفة ساحة مواجهة جديدة إلى جانب غزة ولبنان، ما يضع إسرائيل في مواجهة متعددة الجبهات في المرحلة المقبلة.