وداع فقيد الصحافة..
"صالح الناخبي".. القلم الجنوبي الذي خلد قضيته ولم يخشَ الموت
"لن أقول وداعاً صالح الناخبي، بل سأقول: ذهبَ رمزاً، تاركاً وراءه إرثاً لا يُنسى من النضال والإخلاص لوطنه، وعدن التي عشقها وظل يحلم بانتصارها حتى آخر نفس."
لم يكن ١٤ اكتوبر مجرد ذكرى لثورتنا المجيدة وتاريخنا النضالي العتيق ، فقد أضاف لنا هذا التاريخ ذكرى جديدة ولكنها مؤلمة جاءتنا لتهز قلوبنا بوجعٍ مؤلم قاسي من الصعب أن يتحمله أي جنوبي عرف الأستاذ صالح الناخبي .
صالح الناخبي الذي لم يكن يوماً مجرد إعلامي صاحب قلم وضمير افتقده الكثير في زمننا هذا الممتلئ بالمصالح الشخصية ، بل كان ايضاً الرجل الصادق والسياسي والجندي الذي وقف في ميادين الحرب لايخشى الموت .
صالح الناخبي الذي لايعرف في قاموسه معنى الهزيمة ومعنى اليأس فهو دائماً يُردد ( ننتصر او ننتصر ) كان للإنتصار عنواناً آخر في حياة صالح الناخبي فهو الأمل الذي كان يعيش عليه يراه في وجه هذا الوطن يحلم به بين طيات معالمه وحنين ابنائه وشعبه .
لم يكن صالح الناخبي يعرف الإستسلام لا في قلمه الحُر الصامد ولا حتى في دفاعه الميداني عن وطنه فهو مثال للرجل الفدائي الذي لا يعرف الخوف مهما تعدت المخاطر .
لم تكن قضية الجنوب العربي في قلب صالح الناخبي مجرد قضية نضال وطني فقد كانت بالنسبة له قضية حياة أو موت ،عندما كان يكتب عنها كنت ألمس في حروفه الصدق وحجم الحب وعظمة مايكتب من مشاعر حيّة تُضيء عتمة تلك المصاعب التي يعيشها الوطن والمواطن .
عندما كنا (ننتظر المشهد الجنوبي) نطيرُ فرحاً مع كلماته نتداولها مثل الأطفال الذين يفرحون بكلمات الثناء ونحن نسعد بها لأنها تبث الأمل والتفاؤل والقوة والفخر نجد صداها في كل البرامج التلفزيونية والإعلامية .
في مثل هذا اليوم قبل ١٤ اكتوبر بيومين كنتُ أُحضّر معه مُداخله تلفزيونية بهذه المناسبة تحدثنا مُطولاً كان يدعمني كثيراً يخبرني أن هذا الوطن يحتاج مننا كل شيء يحتاج الكلمة ، يحتاج القلم ، يحتاج المقال يحتاج الدفاع بكل شيء نملكه لم يكن لدي سوى قلمي كنت ادافع به عن هذا الكيان الذي نحلم أن يعود إلينا كما كان هو يحلم بإستعادة دولتنا وكل قطعة في أرضنا ، كان يدعمني في مقالاتي وفي حواراتي السياسية ، قال لي يوماً أنتِ مثال للقلم الشجاع فعندما تكتبين لا تخافين من أحد ، كان لتلك الكلمات وقع مؤثر بداخلي لم أنساه ولن أنساها ما حييت .
سألته يوماً مُمازحة (استاذ صالح من هي نورا)
فأخبرني قائلاً سأقول لكِ سراً ربما لا يعلمه البعض عني
فالكثير يظن أن نورا عشق امرأة تغزلت بها في كتاباتي وفي مواقع التواصل الإجتماعي، الكثير يظن أنني أكرّس ما اكتب من اجل امرأة تغنيت بها في اشعاري ولكن يا ريم نورا هي (عدن )
عدن التي يحاول الأعداء أن تستمر في هذا الظلام وأن تكون مُشوهةٌ يتلاشى جمالها الذي أبهر هذا العالم حتى حاول اعداء هذا الوطن دفنها وهي في عز جبروتها وحُسنها .
كان يتحدث عن عدن بحرقة قد لمحتها في سطوره حتى أنني شعرت بغصة كلماته ، يتحدث عن عدن مثل طفل يتحدث بلهفة عن أمه ومدى حُبه لها وخوفه عليها ، كان يقول ستعود وسننتصر .
صالح الناخبي الذي حمل هم هذا الوطن وعندما اقول حمل هم هذا الوطن فأنا أعني جيداً ما اقول لأنني وجميعنا كنا نرى هذا الشيء في نضاله الإعلامي في كلماته التي لن ننسى أبداً قيّمها ومبادئها الصادقة النابعة من قلبه الأبيض الذي أُرهق ولم يعد يتحمل حتى فارقنا بجسده ولكن روحه الباقية بيننا وذكراه لن تموت .
لن أقول وداعاً صالح الناخبي بل سأقول ( ذهبَ رمزاً).