تُوازن الرياض بين التحالفات والقضية الفلسطينية..
مستقبل العلاقات السعودية الأميركية: تطورات إقليمية تُعيد صياغة الأولويات
تحول جذري في استراتيجية المملكة العربية السعودية تجاه الولايات المتحدة، حيث تتجه الرياض نحو إبرام اتفاقية تعاون عسكري مقتصر بدلاً من معاهدة دفاعية شاملة.
كشفت مصادر سعودية وغربية أن المملكة العربية السعودية خفّضت سقف طموحاتها بشأن معاهدة دفاعية شاملة مع الولايات المتحدة، وربطت تطبيع العلاقات مع إسرائيل باتخاذ خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية. تأتي هذه التحركات في ظل تغيرات إقليمية طرأت بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والتغيرات في المزاج الشعبي داخل المملكة والشرق الأوسط.
أكد مسؤولون سعوديون وغربيون أن الرياض تسعى الآن إلى اتفاقية تعاون عسكري أكثر تواضعًا تشمل تعزيز التدريبات المشتركة والاستثمار في الدفاعات المتقدمة، مع التركيز على مواجهة التهديدات الإقليمية، لا سيما من إيران. الاتفاقية الجديدة ستوفر حماية دفاعية محدودة دون أن تصل إلى مستوى معاهدة دفاع مشترك ملزمة.
عبدالعزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أوضح أن السعودية ستستفيد من اتفاق أمني يعزز التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأميركية، لكنه لن يصل إلى مستوى التحالفات الدفاعية التي تربط واشنطن بكل من اليابان وكوريا الجنوبية.
بعدما خففت الرياض في وقت سابق مطالبها المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، باتت الآن تشترط اتخاذ إسرائيل خطوات ملموسة في هذا الصدد كشرط للتطبيع. ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ربط الاعتراف بإسرائيل بالتقدم في هذا الملف، مما يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام معضلة سياسية داخلية في ظل المعارضة القوية لأي تنازلات للفلسطينيين.
رغم تقدم المحادثات بين واشنطن والرياض بنسبة 95%، لا تزال هناك عقبات، أبرزها التعاون النووي المدني. رفضت السعودية توقيع اتفاقية "123" التي تحرمها من تخصيب اليورانيوم، مما يعيق إتمام الشراكة النووية مع الولايات المتحدة. كما أن الخطة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، التي قد تعيد تشكيل السياسات في المنطقة، قد تؤثر على تطورات الملف السعودي-الإسرائيلي.
الاتفاقية المقترحة تهدف إلى تعزيز الأمن السعودي ضد تهديدات إيران وحلفائها في المنطقة، وتجنب هجمات مشابهة لتلك التي استهدفت منشآت النفط في 2019. ومع ذلك، تواجه الرياض خيارات معقدة بين المضي قدمًا في شراكة أمنية مع واشنطن وربطها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبين الحفاظ على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية في ظل التحولات الإقليمية والدولية.