عبر الاعلام الأمريكي..

تقرير: السفير بن مبارك.. حين يكذب اصحاب مشاريع التقسيم

سفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك

بشائر أحمد
محررة صحافية لدى صحيفة اليوم الثامن
كان احد ابرز الوجوه السياسية التي افرزتها مرحلة ما بعد الفوضى التي عمت اليمن عام 2011م حيث كان عضو اللجنة التنسيقية في المجلس التنسيقي لشباب ثورة التغيير "تنوع" و في 18 يناير 2013 عُين أمين عام لمؤتمر الحوار الوطني اليمني الشاب وثيق الصلة بالمنظمات الدولية امينا عاما لمؤتمر الحوار وتسلح بدعم ماليا وافر واعلاميا اكثر وفرة وكان نجماً في الاعلام المحلي والخارجي مدعوما بمنظومة اعلام الاخوان يمنيا وعربياً.
وقرب د. احمد عوض بن مبارك اسماء تشاركه الفكر والايديولوجيا منه في الامانة العامة ووسع صلاحياته ونفوذه في اتخاذ القرار بما يتجاوز صلاحيات الامانة العامة للمؤتمر وكان وثيق الصلة بالرئاسة حد تبادل الاسرار حول التعيينات والشخصيات وقضايا ليس للأمانة العامة دخل بها.
وفي 19 يناير 2015م نشرت قناة "المسيرة" المملوكة للحوثيين، في نشرتها الاخبارية الرئيسية مقتطفات من مكالمة بين هادي وبن مبارك تحدثا خلالها عن الحراك وخيار الاقاليم في وثيقة مخرجات الحوار الوطني كانت هذه المكالمة بداية لسلسة تسريبات لمكالمات بن مبارك والرئيس اخذها الحوثيون من هاتف بن مبارك الذي كان يسجل به المكالمات بعد ان اختطفوه بهدف كما قالوا "منعه من تقديم مسودة للدستور الجديد خلال اجتماع رئاسي وبرروا هذه الخطوة التي أسموها "توقيف" بأنها تهدف لإيقاف انقلاب على اتفاق السلم والشراكة لأن الدستور الجديد مخالف لمخرجات الحوار ولأنهم لم يوافقوا عليه لأنه " قبل ان يتم الأفراج عنه في 27 يناير 2015."

وشكلت المكالمات المأخوذة من تلفون بن مبارك ضربة دمرت مستقبل الشاب الطموح حينها واقصته من المشهد الداخلي اليمني ولم يكن بالإمكان ان يجد بن مبارك منصب الى سفير وبعد فترة من تلك التسريبات.
لا يختلف بن مبارك ومن على صورته عن الانقلابيين في مسألة "فرض المشروع "فلو كان هناك اجماع حقيقي ورضى وطني عن مشاريع المستقبل لما كانت المظالم والكوارث المتوالية والمؤلم ان بن مبارك وغيره لم يتعلم ذلك بل يواصلون لي عنق الحقيقة والاصرار على "فرض المشاريع" بل حتى الكذب والتزوير لذلك.
في اخر ظهور للرجل الذي اصبح سفير لبلده في امريكا كتب احمد عوض بن مبارك لصحيفة “ذا هيل” الأمريكيَّة مقالا بعنوان "حان الوقت لـ”السلام في زمن الكوليرا”" واستغل بن مبارك الاعلام الأمريكي وجهله بالقضايا التي تتوالد منها مشكلات الوطن ليمرر اكاذيب ستصنع مزيدا من المظالم وبالتالي المزيد من الحروب في وطن لا يتعلم ساسته الا فرض الامر ولغة المنتصر او الخضوع للأقوى.

استهل بن مبارك مقاله بمقدمه بمقاربة ارادها ان تعبر عن "المثقف" في ذهنية المتلقي الامريكي بالحديث عن العمل الادبي العالمي (الحب في زمن الكوليرا»،) مستقل التشابه اللفظي بسطحية كبيرة لن يفوتها الامريكيون حيث ان الرواية تتحدث عن "خدعة الكوليرا " الغير موجودة في الرواية بينما تفتك بالشعب اليمني فعلياً يقول بن مبارك في مقدمته :" إنه وفي عام 1985، أثّر الكاتب الكولومبي “جابرييل جارسيا ماركيز” في العالم بروايته الشهيرة «الحب في زمن الكوليرا»، وهي أحد أعظم الأعمال الأدبية التي كُتبت. وبعد ثلاثة عقود، وبينما يدمّر الصراع “بلدي الحبيب” ويساهم في تفشي الكوليرا؛ حان الوقت الآن لـ”السلام في زمن الكوليرا ومع ذلك لا يمكن أن يكون السلام المشار إليه خيالًا مليئًا بالوعود الفارغة والأهداف المراوغة؛ يجب أن يكون بناءً صادقًا مشبعًا بأهداف وآمال ملموسة، ولا يمكن ترك السلام في اليمن يموت كضحية للكوليرا؛ وخلافا للعديد من ضحايا هذا المرض، فإن سُبل الحل المُنصف متاح لجميع الأطراف”."

ويشرح بن مبارك عوامل تأثير الحرب بالقول :"أنَّ البلاد متورطة بصراع يتأثر، مثل كثير من البلدان اليوم، بمحيطه، فضلا عن دينامياته الداخلية. وسواء كانت قرارات الأمم المتحدة والإشارات التي بعث بها المجتمع الدولي، أو تدخل التحالف العربي الذي استجاب لنداء الرئيس هادي، أو التمويل والدعم الإيراني للحوثيين، أو انهيار تحالف الحوثي/ صالح وحتما المواجهات بينهما بعد ذلك، كلها وما زالت تحدد مسار الصراع، للأفضل أو للأسوأ ”“لذلك؛ من الضروري التراجع والنظر إلى الصورة الكبرى، وتوضيح نقاط حاسمة قبل محاولة تقديم أي حلول طويلة للصراع الذي طال أمده”."

وبدأ بن مبارك بتعدد اسباب من وجهة نظره تجعل السلام في المتناول متجنيا على الحقيقة وراسما صورة "سويسرية " لليمن وخصص ثلاث نقاط وصفها بالحاسمة قبل تقديم أي حلول للأزمة اليمنية حيث رسم في النقطة الاولى صورة لبلد ديمقراطي دون مشاكل حدد بدايته بعام الوحدة اليمنية مقارن ذلك البلد بسوريا ومنتصرا له وقال: "أولا: اليمن ليس سوريا ..يرى البعض أنّ حل أزمة اليمن معقّد مثل سوريا؛ لكنّ اليمن مختلف تماما، مستفيداً إلى حد ما من مزايا نظام تعدد الأحزاب منذ عام 1990، وكانت هناك صحافة حرة في الماضي، وأكثر من ذلك بعد ثورة الشباب عام 2011 حتى استولت مليشيا الحوثي وصالح على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014. "

ويزداد السفير كذبا وتزويرا بشرح "الاجماع" والاصرار على فرض "المشروع" ويبتدع استفتاء شعبي مستند الى انتخابات شهدت مقاطعة ونتائج حوار ودستور قال انه حظي قال ان "طائفة واسعة صاغته " وقال : "والأهم من ذلك، أن اليمن لديها خارطة طريق – مبادرة مجلس التعاون الخليجي – لم تكن فقط في مرحلة التنفيذ عندما وقع الانقلاب، ولكن تمت الموافقة عليها وأيدها أيضا في استفتاء شعبي في عام 2012، بإجراء آخر انتخابات في اليمن. وعلاوة على ذلك، فإن نتائج مؤتمر الحوار الوطني، التي أدت إلى صياغة دستور جديد من ممثلين من طائفة واسعة من المجتمع اليمني على جميع المستويات، بما في ذلك الحوثيون."
وفي النقطة الثانية يكذب بن مبارك رئيسه هادي في اخر ظهور له بأمريكا في كلمته امام الدورة الـ(72) للجمعية العامة للأمم المتحدة التي قال فيها "ان ما حدث في اليمن ليس انقلابا بالمعنى المتعارف عليه ولكنه اختلاف في القيم والفكر يضرب عميقاً ويقول بن مبارك :" ثانيًا: الصراع في اليمن ليس طائفيًا في طبيعته، فعلى مدى قرون، كان الإسلاميون المتعايشون في اليمن “الزيديون والشافعيون”، ولم يكن هناك انقسام سني شيعي على عكس أماكن أخرى في المنطقة إضافة إلى ذلك، يصلي الزيود الشوافع دائمًا في المسجد نفسه، تزوجا وتعايشا وغاب التنافس الطائفي."

واعتبر ان الطائفية في اليمن "تنافس وليد" يمكن السيطرة عليه وان الاوان لم يفوت بعد وقال :" لم يبدأ الأمر إلا بعد انقلاب صالح والحوثيين؛ فبدأ النزاع الطائفي يتبلور، وإذا استمرت الحرب أكثر من ذلك فلن نفلت منها ومع ذلك، إذا استمرت الحرب، فإن هذا التنافس الوليد سيغير طبيعة الصراع، وبعد ذلك سيكون قد فات الأوان لعكس مساره”.
وفي النقطة الثالثة يصل بن مبارك حد التزوير العلني الذي يضرب معرفة العالم وما ينشره الاعلام عن بلده ويصل حد التجني على الحقيقة ويضع نفسه "نسخة شرعية من الحوثيين " بالإصرار على الظلم وفرض المشاريع بالقول ان إنَّ جميع الأطراف في اليمن اتفقت " على ما يراه صحيح حيث قال :" ثالثًا: الحل أقرب مما يعتقد كثيرون حيث ” إنَّ جميع الأطراف في اليمن اتفقت على “ثلاثة مرجعيات” للسلام أقرّها المجتمع الدولي؛ أولًا: مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ثانيا: نتائج مؤتمر الحوار الوطني، ثالثًا: قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2216. وشكّلت هذه الإشارات إطارا لثلاث جولات من محادثات السلام (2015-2016) تحت رعاية الأمم المتحدة وبرعاية 18 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة و أثناء محادثات السلام التي عقدت في الكويت واستمرت 115 يوما، كان الحل في متناول اليد؛ حيث تمكن مبعوث الأمم المتحدة “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” بمهارة من التوصل إلى خطة تعالج قضايا جميع الأطراف ومخاوفهم؛ فاقترح أن تُناقش الترتيبات الأمنية والجانب السياسي على حد سواء، وأن يُتفق عليهما بصفتهما صفقة، وهو شرط مسبق وضعه الحوثيون، وأن يُنفّذ (الأمني) الأول قبل الأخير(السياسي)، وهو الذي يرضي الحكومة، ووافقت عليه دون تحفظات؛ لكنّ الحوثيين تراجعوا كما فعلوا دائماً في الماضي."

ويختتم بن مبارك مقاله بالحديث عن "المسار الصحيح" دون ان يأتي بجديد غير الجمل المكررة للشرعية تقابلها جمل مكررة للانقلابيين وكلا يضع العقدة في المنشار فبعد أنَّ سرد الثلاث النقاط إلى نقطة إلى الإجابة عن تساؤل: إذًا؛ كيف نعود إلى المسار الصحيح؟ ويجيب: نحن بحاجة أولاً إلى عقد جولة جديدة من محادثات السلام. والحكومة مستعدة وداعمة دائما لجهود السلام التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة. لكن السؤال الآن: كيف يمكن إقناع الحوثيين بأن الوقت قد حان للمشاورات ولكي يقوم مبعوث الأمم المتحدة بإقناع الحوثيين بنجاح بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ينبغي أن يبدأ الحوار حول إعادة تنشيط لجنة التهدئة والتنسيق التي اقترحتها الأمم المتحدة ووافقت عليها جميع الأطراف. وقد شُكلت هذه اللجنة للتأكد من أن أي وقف لإطلاق النار في المستقبل سيكون مستداما؛ كان مندوبو الحكومة مستعدين للعمل ضمن اللجنة منذ إنشاءها، في حين يواصل الحوثيون التهرب من إرسالهم. بل إنها قصفت مبنى مكتب الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام و يتعين على مبعوث الامم المتحدة مواصلة دفع اقتراحه الاخير حول مدينة وميناء الحديدة الذي قبلته حكومتنا وتجنب استخدام الخيار العسكري ولا يمكن السماح للحوثيين بالاستمرار في إساءة استخدام ميناء الحديدة؛ وتهريب الأسلحة، ونهب المساعدات، وبيعها في السوق السوداء كما أنَّ فتح مطار صنعاء الدولي مجددًا يُعد بداية طيبة أخرى، والأمر برمته في أيدي الحوثيين وحلفائهم. وأوضحت الحكومة مرارًا أنها لا تعترض على إعادة فتح مطار صنعاء؛ بشرط السماح للمسؤولين في المطار وموظفيه بالعودة إلى مزاولة وظائفهم تحت إشراف الأمم المتحدة. ولن تسمح الحكومة للمليشيات أن تصبح بديلًا لإدارة مدنية دولية وبدون الضغط على الحوثيين والرئيس السابق صالح، لن يكون هناك سلام أبدًا وعندي امل أن يسود السلام وأن يعود اليمنيون مرة أخرى إلى الحرية في بلدنا الحبيب. على مر التاريخ، تبدأ الصراعات وتنتهي، بطريقة أو بأخرى، والصراع في اليمن لا يختلف؛ وسوف ينتهي في يومٍ ما وعندي امل ان يأتي هذا اليوم قريباً من أجل سلامٍ مستدام".". انتهى مقال بن مبارك.

ومن اللافت للنظر ان استخدام بن مبارك مقدمة عن رواية الحب في زمن الكوليرا من سخريات القدر فالرجل اعجبه الرابط اللفظي ولم يلتفت بعمق الى كون الكوليرا استخدمت في الراوية "كخدعة " فقط كما يستخدم هو وغيره "الخداع والتزوير " لتمرير مشاريعهم حيث ان أحداث الرواية الأخيرة التي تأتي فيها "الكوليرا" تدور في سفينة نهرية حيث يدعو (فلورنتينو اريثا) حبيبته لرحلة نهرية على سفينة تمتلكها شركته فتوافق، وهناك يقترب منها أكثر وتدرك بأنها تحبه رغم شعورها بأن عمرها (70 عاما)لا يصلح للحب ولكن هذا ما كان يمنع (فلورنتينو اريثا) من الاستمرار بالأمل والسعي لراحتها فيتخلص من المسافرين الآخرين بخدعة أن السفينة عليها وباء الكوليرا لكي لا تنتهي الرحلة ويكون الفراق ويثبت أنها خدعة غير موفقة مع الحجر الصحي وتدخل السلطات.