الجنوب يقنع العالم ويهزم الإرهاب..

تحليل: هل أصبح إقامة دولة جنوبية مطلبا إقليميا ودوليا؟

قوات أمن جنوبية خلال حملة أمنية في أبين قبل أشهر

خاص (عدن)

خطط لعدن أن تكون إمارة إسلامية انتقاماً من الانتصار الذي حققته القوات الجنوبية مسنودة بالتحالف العربي على المليشيات الانقلابية الموالية لإيران.

هجمات إرهابية نفذها تنظيما القاعدة وداعش واستهدفت في البداية فندق القصر الذي كانت تقيم فيه حكومة خالد بحاح وقيادات من التحالف العربي، وكذا منزل الشيخ صالح بن فريد العولقي في الـ6 من أكتوبر وهو ما فتح الحرب على التنظيمات الإرهابية، لتنطلق في مارس 2016م معركة تطهير حي المنصورة من عناصر (القاعدة)، تلاها تحرير مدينة الحوطة بلحج، ثم انتقلت القوات الجنوبية بدعم من القوات المسلحة الإماراتية إلى تحرير مدينة المكلا في ابريل نيسان من العام ذاته، وتلاحقت الحرب على الإرهاب من خلال تفكيك الخلايا الإرهابية وابطال الكثير من العمليات الإرهابية في عدن وأبين ولحج وحضرموت، ليبدأ الجنوب مع ذلك رسم بداية اجتثاث الإرهاب الذي زرعه نظام صنعاء في الجنوب منذ العام 1994م.

وحققت قوات الشرطة في العاصمة عدن وباقي مدن الجنوب إنجازات أمنية كبيرة، كان آخرها تأمين محافظة أبين وتطهير بلدات كان مليشيات مسلحة يقول أمنيون إنها تابعة لبعض القوى اليمنية في صنعاء.

وحققت قوات الحزام الأمني في الجنوب انتصارات كبيرة بالجنوب.

وقال مسؤولون أمنيون أن تلك الانتصارات والنجاحات الأمنية ما كان لها أن تتحقق لولا دعم التحالف العربي وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقود الحرب على الإرهاب في جنوب اليمن.

لكن هذه الانتصارات والنجاحات التي تحققت على الإرهاب دفعت القوى الممولة له والمتورطة في دعمه لزعزعة استقرار البلدان العربية، إلى شن حملة إعلامية ضد الأجهزة الأمنية الجنوبية ودول التحالف العربي بدعوى اعتقال مدنيين وفتح سجون سرية، الأمر الذي دفع أجهزة الشرطة إلى فتح السجون واقسام الحجز امام المنظمات الدولية للاطلاع على الوضع في الجنوب وتبيان الحقيقة، خاصة في ظل استمرار تلك القوى التي يقول مسؤولون إنها متورطة في قضايا إرهابية في الجنوب.

وأكد مسؤولون أمنيون في عدن خلال لقاء جمعهم بوفد أممي يزور العاصمة الجنوبية "أن الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب حريصة كل الحرص على حماية حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب".

وفند المسؤولون تلك التقارير والمزاعم التي تحدثت عن وجود سجون سرية في الجنوب.. مشيرين إلى أن ما تم الترويج من بعض الاطراف الاقليمية يؤكد تورطها في دعم وتبني الإرهاب.

وقال مسؤول أمني حضر لقاء قيادة شرطة عدن مع الوفد الأممي الزائر "إن شرطة عدن أكدت أنها نجحت في شل يد الإرهاب ويجري العمل على بترها نهائياً من كل مدن الجنوب".. مشيراً إلى أن التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات يقود ويشرف على الحرب ضد القوى الإرهابية في الجنوب".

ولفت إلى أن الوفد الأممي اطلع على تقارير بالأرقام تؤكد نجاح أجهزة الأمن في الجنوب في حماية المدنيين من هجمات إرهابية واحباطها قبل تنفيذها بساعات.

حيث أكدت قيادة شرطة العاصمة عدن على حماية حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب الذي ضرب العاصمة عدن عقب تحريرها وأوقع مئات الضحايا أغلبهم مدنيون، في استهداف وصفه مسؤولون حكوميون بأنه يندرج في سياق الانتقام من القوات الجنوبية وقوات التحالف العربي اللتين نجحتا في تحرير العاصمة والمدن المجاورة من مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح.

والتقت قيادة شرطة عدن ممثلة باللواء شلال شائع مدير الشرطة ومسؤولون أخرون بالوفد الاممي الذي زار العاصمة عدن، حيث أكدت قيادة الشرطة للوفد الأممي على حماية حقوق الانسان ومكافحة الاٍرهاب.

وقال مدير شرطة العاصمة عدن اللواء شلال شائع للوفد الأممي "القيادات الأمنية في عدن ورجال الشرطة حريصون كل الحرص على حماية حقوق الانسان والحريات، وأن حماية المواطن من الاعتداءات هي من صلب مهام الشرطة".

وأطلع شائع الوفد الأممي على الجرائم الإرهابية التي ضربت العاصمة عدن، والتي راح ضحيتها المئات من العسكريين والمدنيين.. مشيراً إلى أن الإرهاب لم يفرق بين عسكري ومدني، لكن شرطة عدن وبدعم من التحالف العربي تمكنت من تأمين العاصمة وطرد الجماعات الإرهابية واحباط العشرات من العمليات الإرهابية الانتحارية التي كانت تعد لاستهداف المدنيين في عدن والمحافظات المجاورة".

وفند اللواء شائع الافتراءات والادعاءات التي روجت لها بعض وسائل الإعلام.. مؤكداً أن شرطة عدن وقوات الحزام الأمني ومكافحة الإرهاب، كانت تطلع الرأي العام العمليات الأمنية ضد الإرهابيين ونشرت العديد من الوثائق والصور التي أوضحت ما كانت تخططه تلك العناصر الإرهابية التي تتلقى دعماً وتمويلاً من أطراف اقليمية معادية لاستقرار المنطقة برمتها.

وقالت القيادة الأمنية للوفد الأممي إن تقارير بعض المنظمات التي روجت لوجود سجون سرية، ليست نزيهة، والا اين هي تقاريرها من التفجيرات الإرهابية التي ضربت عدن وأوقعت مئات القتلى أغلبهم مدنيون.

ونبهت القيادات الأمنية إلى ضرورة تقصي الحقيقة وعدم الانجرار وراء تقارير المنظمات الحقوقية والإعلامية التابعة لبعض الأطراف الاقليمية المتورطة بدعم الإرهاب في المنطقة.. مجددة التأكيد على أن محاربة الإرهاب هي مهمة ضرورية حتى اجتثاثه من الجذور.

من ناحية أخرى، أعلنت شرطة لحج المجاورة لعدن اتلاف أكثر من سبعة عشر ألف لغم وعبوة ناسفة زرعها الانقلابيون والجماعات الإرهابية في المحافظة.

وقال مصدر أمني في شرطة لحج لـ(اليوم الثامن) "إن خبراء المتفجرات في شرطة لحج أتلفوا خلال عام واحد فقط ١١٦٤٠ لغماً و ٦٠٠٠ عبوة ناسفة، بالإضافة إلى مئات القذائف التي بقيت من مخلفات الحرب التي شنها الحوثيون واتباع المخلوع صالح على جنوب اليمن في العام 2015م.

وذكر المصدر أن الانقلابيين والتنظيمات الإرهابية زرعوا أكثر من 20 ألف لغم أرضي وعبوة ناسفة في محافظة لحج، وقد اوقعت البعض منها ضحايا من المدنيين.

وتخوض قوات الأمن في لحج وعدن عمليات أمنية ضد الجماعات الإرهابية الممولة من قطر في المحافظة المحررة من قبضة الانقلابيين والجماعات الإرهابية.

بداية الإرهاب في الجنوب

لم يعرف الجنوب الذي كان دولة مستقلة إلى مايو ايار 1990م، قبل أن يتحد مع صنعاء في وحدة هشة لم تدم سوى ثلاثة أعوام فقط لتبدأ معها معركة الإرهاب ضد الجنوب.

في سبتمبر (أيلول) 1990م، أعلن الرئيس اليمني المعزول علي عبدالله صالح عن تأسيس حزب الإصلاح اليمني، وكانت قياداتهم هم العائدون من افغانستان، وهي الخطوة التي اتخذها صالح لشرعنة حربه على الجنوب.

وقد أدار قادة التنظيم والعائدون من جبال تورا بورا فتوى دينية عدت الجنوبيين بأنهم خارجون عن الدين الاسلامي، وهي الفتوى التي يقول جنوبيون إنهم إلى اليوم يقتلون بسببها.

في جبال أبين بدأ التنظيم الإرهابي نشاطه من جبال حطاط وخلال عام واحد فقط قتل التنظيم المسيس أكثر من 150 مسؤولا حكوميا جنوبيا في صنعاء ومدن جنوبية، ليعلن قادة الجنوب الاحتجاج على تلك التصفيات التي طالت ابرز رموز دولة الجنوب، لكن تلك العمليات كانت البداية لحرب عدوانية شنتها صنعاء بالتحالف مع (القاعدة) وتنظيم الإخوان المسلمين المتطرف.

حرب العام 1994، كانت البداية، فمن نجى من تلك الحرب مات بتفجير ارهابي او مسدس كاتم للصوت، ليسقط الآلاف من قيادات الجنوب العسكرية والمدنية، في حرب لا تزال مستمرة إلى اليوم؟.

حرب 2015م، وبداية الحرب على الإرهاب

كرر العدوان الشمالي حربه على الجنوب، في العام 2015م، لكن هذه المرة ليس لأن الجنوبيين خارجين عن الدين الإسلامي ولكن بدعوى أنهم إرهابيون، لكن الجنوبيين تصدوا لتلك الحرب بدعم من التحالف العربي، لتبدأ معركة أخرى كان الشماليون قد اعدوا لها جيدا وهي الحرب ضد الجنوب بلباس (القاعدة) و(داعش) التي يقول مسؤولون أمنيون إنه ليس لهما اي وجود في الجنوب بالمسمى العالمي وما هو موجود مليشيات تدين بالولاء لصنعاء.

من حي المنصورة في العاصمة إلى بلدة المحفد بأبين، مرورا بلحج وحضرموت وشبوة كانت القوات الجنوبية الأمنية المتخصصة تشل يد الإرهاب وتنزعه من الجذور، بدعم كبير قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة العضو البارز في التحالف العربي والذي أوكلت له مهمة الحرب على الإرهاب.

الجنوب يقنع العالم ويهزم الإرهاب..

هل أصبح إقامة دولة جنوبية مطلبا إقليميا ودوليا؟

الحرب على الإرهاب يقول خبراء جنوبيون إنها نجحت في اقناع العالم بأن الجنوب هو الشريك القوي في محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة، وهو ما دفع الكثير من القوى الإقليمية إلى الاشادة بما تحقق، وعلى الطرف الأخر تسببت تلك النجاحات في كشف قوى اقليمية عن وجهها واعترفت بتمويل الإرهاب في الجنوب.

هذه النجاحات، جعلت الكثير من القوى الاقليمية ترحب بإقامة دولة جنوبية مستقلة كالتي كانت في الجنوب قبل الوحدة مع العربية اليمنية.

فالإرهاب الذي زرع في الجنوب ودشن رسميا بفتوى القيادي الإخواني عبدالوهاب الديلمي مع اجتياح الجنوب الأول في العام 1994، وهي الخطوة الأولى التي دفعت صنعاء لزرع الإرهاب في الجنوب، وذلك للسيطرة عليه ونهب ثرواته وابتزاز العالم والاقليم بالإرهاب المصنوع في اروقة الأمن السياسي واجهزة الاستخبارات في صنعاء.

الحرب على الإرهاب.. شماعة نظام صنعاء لبناء امبراطورية صالح

الحرب على الإرهاب في الجنوب التي استخدمها نظام صالح لإخافة العالم، جعلت الكثير من الاطراف الاقليمية والدولية تقدم دعما كبيرا ومتواصلا لنظام صالح لمحاربة الإرهاب، غير أن صالح ووفقا للعديد من الشهادات والاعترافات استغل التنظيم في بناء إمبراطورية مالية كبيرة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أحد ابرز ضحايا صالح وخديعته في الحرب على الإرهاب.

وتشير مصادر إلى أن صالح كان يستهدف مصالح أمريكا عندما تتوقف عن دعمه، لكن القوات الجنوبية جعلت العالم يغير نظرته تجاه اليمن والجنوب تحديدا، فالإرهاب في اليمن ليس بتلك القوة التي كان صالح يصورها للغرب، فقد استطاعت قبائل جنوبية في لودر في العام 2012م، هزيمة التنظيم الأكثر تسليحا بعد أن دخلت معه في حرب ميدانية كانت الأولى والأخيرة التي يخسر فيها التنظيم القتال الميداني.

فالحرب التي كان بطلها قادة جنوبيون كثر بداية من توفيق حوس وليس انتهاء باللواء شلال علي شائع ومنير اليافعي وعبداللطيف السيد، حققت انتصارات كبيرة ما كان لها أن تتحقق لولا الرغبة الجنوبية والدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في الحرب على الإرهاب.

فمحافظة أبين التي كانت تعد المعقل الرئيس للقاعدة باتت اليوم أكثر أمنا من اي وقت مضى، وهو الأمر الذي اقنع الكثير من الاطراف الاقليمية والدولية إلى التعويل على الجنوب في اجتثاث الإرهاب الذي كان مصدره اليمن.

يقول خبراء جنوبيون أن ما تحقق في الحرب على الإرهاب، ربما يعزز من امكانية اقامة دولة جنوبية بحدود العام 1994م، خاصة في ظل انكشاف الكثير من الاطراف الاقليمية المعادية لحق تقرير المصير للجنوب، والتي اعترفت بدعمها للإرهاب وابرزها قطر وإيران.

الجنوب بات اليوم يقدم نفسه بقوة على انه القوة الوحيدة التي تستطيع تأمين مدن الجنوب والملاحة الدولية في باب المندب والبحر العربي وخليج عدن.

ويقول جنوبيون إنهم أكثر من اكتوى بنار الإرهاب وهو ما دفعهم إلى الدخول في حرب مصيرية مع تلك العناصر المتطرفة والإرهابية والممولة من اطراف يمنية واقليمية معروفة بعدائها للجنوب والمنطقة.