الجهات المسؤولة لم تحرك ساكنا..

مأساة كتّاب وفناني الجزائر

إهمال منهجي تمارسه الدولة الجزائرية على شرائح المثقفين والفنانين

أزراج عمر

تشهد أوضاع الفنانين والكتاب الجزائريين ترديا مأساويا على المستوى المادي والصحي وهلم جرا، ولقد مضت على هذه المآسي سنوات طويلة عجاف ومع الأسف فإن النقابات، والجهات المسؤولة على الشأن الثقافي والفني الجزائري لم تحرك ساكنا لإيجاد الحلول لمثل هذه الأوضاع التي تزداد تفاقما.

هناك أمثلة كثيرة تبرز خطورة مثل هذه الأوضاع التي تتمثل في عدة مظاهر سلبية منها الفقر المسلط على رقاب بعض الكتاب والفنانين عبر الوطن كله بسبب المرتبات الهزيلة التي يتقاضونها أو جراء معاشات التقاعد الزهيدة التي لا تكفي لحفظ الكرامة الاجتماعية، أو بسبب إهمال المرضى منهم بشكل كامل مما أدى فعلا إلى وفاة بعضهم وإلى شلل بعضهم الآخر وإلى فقدان عدد آخر منهم لبصرهم وهكذا دواليك.

وفي هذا الأسبوع فقط تناقلت مجموعة من الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي الجزائرية خبر تدهور صحة الفنان التشكيلي والنحَات الجزائري محمد بوكرش الذي نقل إلى مستشفى القليعة بضواحي الجزائر العاصمة في حالة حرجة جدا، علما أن هذا المستشفى والمستشفيات الجزائرية المركزية أو الجهوية لا تتوفر فيها أدنى مستلزمات الرعاية الصحية إلى حد أصبح يقال إن حشر المرضى في هذا النوع من المستشفيات هو مقدمة حتمية لإرسالهم إلى مثواهم الأخير.

 لقد دعا بعض أصدقاء الفنان بوكرش وزارة الثقافة الجزائرية إلى أن ترأف به وترسله إلى الخارج لكي يتلقى العلاج اللازم قبل أن يستفحل مرضه، ويصبح من الصعب بعدئذ إنقاذ حياته، ولكن يبدو أن الجهات الرسمية لم تحرك ساكنا حتى الآن.

وفي الحقيقة فإن وضع الفنان بوكرش هو غيض من فيض الحالات الأخرى التي تكرّس الإهمال المنهجي الذي تمارسه الدولة الجزائرية على شرائح مثقفي وفناني وأدباء الوطن.

لا بد من التذكير أنه في الأيام القليلة الماضية توفي الشاعر الجزائري عثمان لوصيف الذي استنجد بالسلطات وهو يعاني من حصار العزلة في الجنوب الصحراوي الجزائري ومن تفاقم المرض الفتاك لمدة طويلة، غير أن وزارة الثقافة لم ترسله للعلاج في الخارج على نفقتها حتى لفظ أنفاسه في مستشفى بسكرة.

 ومنذ أشهر قليلة شهدت الجزائر مأساة الكاتب والأكاديمي الجزائري الدكتور شريبط أحمد شريبط الذي حاول شخصيا وحاول أصدقاؤه إقناع المسؤولين الجزائريين بتوفير العلاج له، دون جدوى وجراء الإهمال المتعمد عن سبق إصرار توفي الرجل في ظروف مؤلمة جدا.

إلى جانب الأمثلة المذكورة آنفا لا تزال عائلة الفنان والموسيقار الجزائري البارز نوبلي فاضل تدعو المسؤولين على الشأن الثقافي والفني الجزائري إلى أن يوفروا له العلاج دون جدوى أيضا، وجراء ذلك فإنه قد بقي حتى الآن فريسة لمرض الزهايمر الذي هدم حياته وأطفأ مصباح موهبته الكبيرة، الأمر الذي شلَ نشاطه الموسيقي بصفة نهائية، وها هو يوجد الآن أسيرا لجدران منزله الأربعة حيث تحاصره العزلة القاتلة.