تاريخ عدن عابر للزمن

عقارب ساعة بيغ بن الصغرى تدور مجددا بعدن

ساعة بيغ بن الصغرى طالت أعمال التخريب أجزاء منها وتهالكت معالمها بسبب الإهمال

العرب (عدن)

استأنفت عقارب ساعة “بيغ بن” الأثرية في عدن، والتي يعود بناؤها إلى أواخر القرن التاسع عشر، دورانها من جديد يوم الاثنين بعد توقف دام عقودا.

وتقع الساعة على مرتفع جبل يطل على ميناء عدن وحي التواهي من الجهات الأربع، حيث تشكل معلما أثريا وهندسيا مميزا يشهد على زمن الاستعمار البريطاني لعدن (1839 – 1967).

وخضعت الساعة، التي تعد من أبرز المعالم التاريخية والسياحية في جنوب اليمن، لأعمال صيانة بعدما طال التخريب بعض أجزائها في السنوات الأخيرة.

وقام وكيلا محافظة عدن، أحمد سالمين وعدنان الكاف، برفقة مسؤولين آخرين، بإعادة تشغيل الساعة، التي تحاكي ساعة “بيغ بن” الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن، وذلك بعدما توقفت في بداية عام 2014؛ جراء أعمال تخريب لحقتها.

وخلال حفل التدشين، قال عبدالحميد الشعيبي، مدير عام مديرية التواهي، حيث توجد الساعة، إن تكلفة الترميم بلغت مليونا ومئتي ألف ريال يمني (نحو 4 آلاف دولار أميركي)، وشملت شراء قطع غيار نادرة، مضيفا أن الفنيين عانوا من معوقات خلال أعمال الترميم، منها انقطاع الكهرباء.

وشملت عمليتا الإصلاح والصيانة تركيب أربعة أوجه جديدة رئيسية للساعة من مادة “الفايبر غلاس الأبيض”، وإعادة الإنارة الداخلية، وتركيب عقارب، وجهاز للتحكم، فضلا عن تأهيل الهيكل الخارجي.

واستخدم مهندسون بريطانيون أحجارا ذات لون أسود وأسمنتا حجريا في تشييد ساعة “بيغ بن” عدن، التي اكتمل بناؤها عام 1890، خلال احتلال بريطانيا لجنوب اليمن بين عامي 1839 و1967. ويأخذ برج الساعة شكلا مستطيلا يشبه الصاروخ، وله سقف أشبه بمثلث متساوي الأضلاع، وقد بني بالطوب الأحمر، لينتهي على شكل هرم.

تم بناء برج الساعة من قبل مهندسين بريطانيين سنة 1890، فوق جبل {البنجسار} الذي يطل على خليج عدن، واستخدموا الأحجار السوداء ومادة الإسمنت

ويبلغ ارتفاع برج الساعة 22 مترا، ويبلغ قطره مترا واحدا من الجهات الأربع، أما عرضه فقيسه متر ونصف المتر، وفي داخله سلالم حديدية تمكن الزائر من إطلالة على البحر (خليج عدن) وأحياء التواهي السكنية والتجارية.

ويتردد أنه كان للساعة، التي تمثل معلما تاريخيا وأثريا وهندسيا، في البداية حراس يحركون عقاربها كل ستين دقيقة.

وتوقفت الساعة عن العمل للمرة الأولى عقب قيام الثورة ضد الاحتلال البريطاني في ستينات القرن الماضي، ثم عادت إلى العمل بجهود حكومية عام 1983، لتتوقف مرة ثانية بعد ثلاث سنوات فقط، إبان نشوب المواجهات الدامية بين الفصائل المشاركة في الحكم في ما عرف بـ”أحداث يناير 1986”.

وأصلحت الساعة بعد ذلك لتعود إلى العمل مطلع 2012، لكن بعد عامين فقط توقفت عن العمل في بداية 2014؛ بسبب أعمال تخريب طالت أجزاء منها.

وتم بناء برج الساعة من قبل مهندسين بريطانيين سنة 1890، فوق جبل “البنجسار” الذي يطل على خليج عدن، واستخدموا الأحجار السوداء ومادة الإسمنت، وكانت الساعة حينها ثاني أكبر ساعة في العالم، وأطلق عليها اسم “بيغ بن العرب”، أو “بيغ بن الشرق”، في المقابل يسميها اليمنيون “بيغ بن الصغيرة”.

و”البنجسار” كلمة هندية أطلقت على المنطقة التي كان يسكنها عمال النظافة الهنود، وتتألف من كلمتين “بنجي” وتعني عمال النظافة، و”سار” أو “سير”، ومعناها سيد أو مشرف.

وبالقرب من “بيغ بن” عدن، وعلى وقع دقاتها أقامت الملكة البريطانية أليزابيث الثانية نحو ستين يوما في منتصف العام 1954، حيث مكثت بفندق “كريسنت”، الذي أنشئ سنة 1930، ويعتبر أول فندق شيد على مستوى الجزيرة والخليج العربي. وأصبح الجناح الذي أقامت فيه يحمل اسمها حتى اليوم، وقد حافظ على كل محتوياته، بما فيها صورة معلقة على جدار غرفة النوم إلى جانب السرير، والكرسي الخاص بالملكة المصنوع من الخشب وعليه قطعة من قماش.

ومازال جهاز الاتصال الذي جلبته أليزابيث الثانية معها لتستخدمه في اتصالاتها، موجوداً إلى جانب جهاز الراديو الذي لا يزال يعمل حتى الآن، وعبر جهاز الاتصال الذي كان الأول من نوعه الذي يدخل إلى مدينة عدن، تابعت الملكة أخبار بلادها وكل مستعمراتها في الشرق والغرب.

وافتتحت الملكة البريطانية خلال فترة إقامتها بعدن العديد من المشاريع أهمها مستشفى الملكة الذي أعيدت تسميته بعد الاستقلال ليصبح مستشفى الجمهورية التعليمي.

وفي يونيو 2002، واحتفاء بالذكرى الـ50 لتولي الملكة أليزابيث الثانية الحكم، زار مسؤول بريطاني الساعة، ومعه فريق من المهندسين البريطانيين الذين قاموا بإصلاحها بعد أن ظلت متوقفة عن العمل نحو ربع قرن.