حث الأمم المتحدة على معالجة قضية الجنوب..

الزُبيدي: نطالب باستفتاء فوري على استقلال الجنوب

عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي

عدن

مع تصويت الأمم المتحدة لتحريك المراقبين إلى مدينة الحديدة، يطالب الزعماء اليمنيون الجنوبيون باستقلال الجنوب، محذرين من أن «السلام لا يمكن تحقيقه إذا تم تجاهل مطالب الانفصال».

ودعا زعيم حركة الاستقلال في جنوب اليمن إلى فك الارتباط عن الشمال، وأكد من أن الجنوبيين مستعدون «للدفاع» عن أراضيهم عسكرياً إذا تم تجاهل قضيتهم، مما أثار مخاوف من أن البلاد قد تواجه حرباً أهلية أخرى.

وفي حديثه إلى صحيفة «الإندبندنت البريطانية»، طالب عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بإجراء استفتاء فوري على قضية الانفصال، وحث الأمم المتحدة على معالجة «قضية الجنوب» في محادثات السلام المستقبلية المقرر إجراؤها في الشهر المقبل.

وقال حاكم عدن السابق: «إن المجلس الانتقالي الجنوبي قد (أُصيب بخيبة أمل كبيرة) بسبب استبعاده من محادثات السلام التي أجرتها الأمم المتحدة مؤخراً في السويد، والتي أسفرت عن هدنة هشة بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية».

اليمن التي لم تتوحد إلا في عام 1990م، تمزقها حرب معقدة استمرت أربع سنوات بين الجماعة المتمردة المدعومة من إيران، والتي تسيطر على العاصمة صنعاء، والحكومة المعترف بها المدعومة من المملكة العربية السعودية والإمارات وحلفائهم من الخليجيين.

ولم تتناول محادثات السويد قضية استقلال الجنوب التي بدأت تتصاعد منذ أن لعب المقاتلون الجنوبيون، المدعومون إلى حدٍ كبيرٍ من الإمارات العربية المتحدة، دوراً رائداً في الصراع.
وحذر الزُبيدي من أن القوات الجنوبية ستدافع عن أراضيها إذا لم تؤخذ على محمل الجد، قائلاً «إن غالبية الجنوبيين يريدون عودة الدولة الجنوبية، مع اعتبار مدينة عدن الساحلية الجنوبية عاصمتهم»، وقد أكد أن «المجلس الانتقالي الجنوبي» يهدف إلى إطلاق حوار مع جميع الأطراف السياسية، واستخدام جميع الوسائل السلمية والديمقراطية لمناقشة حق تقرير المصير، مؤكداً أن «شعب الجنوب منذ العام 1991م جاهد لاستعادة شرعية أرضنا».
وقال: «نحترم جميع قوانين وقرارات الأمم المتحدة، ونفضل الحوار لحل الخلافات، ولكن إذا لم يحدث ذلك فإننا سندافع عن أنفسنا وأرضنا بقوة، نحن من يسيطر على الأرض عسكرياً وأمنياً، وسندافع عن أرضنا بكل الوسائل والخيارات المتاحة».
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي أُسس في الصيف الماضي من فصيل بالحراك الجنوبي، الذي يدعو منذ عام 2007م إلى فك ارتباط الجنوب عن شمال اليمن، وفي يناير تمكنت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على عدن، من الحكومة اليمنية المعترف بها، والتي تتخذ من عدن مقراً مؤقتاً لها.

لم تكن اليمن دولة واحدة إلا منذ عام 1990م، وقبل ذلك كانت اليمن الجنوبية دولة اشتراكية مستقلة مدعومة من الاتحاد السوفياتي حتى وافقت على الوحدة مع الرئيس الشمالي علي عبد الله صالح بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بوقت قصير.

حكومة صالح التي أطاحت بها، في وقت لاحق، انتفاضة الربيع العربي في عام 2011م؛ تعاملت بعنف مع الحراك الجنوبي الذي ثار ضد ما وصفه بالتوزيع غير العادل للثروة النفطية، والتهميش السياسي المستمر للجنوبيين في عام 1994م، وأخمدت قوات الحكومة المركزية بوحشية الجنوبيين نهائياً.

لكن الحظ تغير بالنسبة للجنوبيين مع استيلاء الحوثي على البلاد في أوائل عام 2015م، الذي أجبر الرئيس اليمني المعترف به عبد ربه منصور هادي على الفرار من البلاد، حينها أطلقت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الخليج، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، حملة عسكرية في مارس من نفس العام؛ لإعادة السيد هادي، خوفاً من تعدي النفوذ الإيراني على حدودها، وكانت القوات الجنوبية المدربة والمسلحة من قبل الإماراتيين جزءاً أساسيًا من القوات التي طردت الحوثيين من عدن وحاصرتهم في الشمال حيث بقوا هناك.

وأصبح المقاتلون الجنوبيون جزءاً لا يتجزأ من المعركة ضد القاعدة في اليمن والدولة الإسلامية، وهم الآن جزء أساسي من القوات التي تهاجم مدينة الحديدة.

ويخشى كثيرون من أن تجاهل الدعوات إلى انفصال الجنوب لن يؤدي إلا إلى تفويض هدنة هشة في الميناء الواقع على البحر الأحمر، والتي تمت في وقت سابق من هذا الشهر في السويد بواسطة الأمم المتحدة.

وأشعلت الحرب التي دامت أربع سنوات في اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم؛ حيث يعتمد أكثر من ثلثي البلاد الآن على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
الآمال على اتفاق وقف إطلاق النار في السويد، الذي وافقت فيه جميع الأطراف على الانسحاب من الحديدة، التي ستحكمها بعد ذلك لجنة محلية مشتركة تشرف عليها الأمم المتحدة، وقد وافق، يوم الجمعة، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على نشر مراقبين للأمم المتحدة في ميناء البحر الأحمر؛ لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، كما أن القرار الذي صاغته بريطانيا، وهو أول قرار يتم توقيعه خاص باليمن خلال ثلاث سنوات، يؤيد أيضاً إلى اتفاقية تبادل الأسرى و»بيان التفاهم» حول مدينة تعز التي مزقتها الحرب، ومع ذلك فإن قضية الجنوب أيضاً لم يرد ذكرها.

يقول الزُبيدي «إن الوقت قد حان لمعالجة القضية الجنوبية، حيث يخطط مبعوث الامم المتحدة لدى اليمن مارتن جريفيثس لجولة جديدة من المحادثات في يناير؛ لوضع اللمسات الأخيرة على سلام طويل الأمد، وتحديد مستقبل البلاد».

وقد كان الزُبيدي، الشخصية السياسية القوية، في البداية حاكم لعدن في عهد الرئيس هادي، ولكن تم عزله في أبريل 2017م بسبب ولائه للقضية الجنوبية، وقد زاد ذلك من إحباط الجنوبيين من الحكومة المعترف بها.

وفي يناير 2018م، وصلت التوترات إلى نقطة الانهيار عندما سيطر الجنوبيون على عدن وانتزاعها من القوات الموالية للرئيس هادي مما أثار الفوضى في صفوف التحالف المناهض للحوثيين.

وعلى الرغم من أن القتال تلاشى، والتوتر أصبح هادئاً إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يظل قوة قوية في المدينة الساحلية عدن، ويسيطر أنصاره والقوات المنتسبة له على مناطق رئيسية مثل المطار وحتى المجمع الرئاسي.
وأشار الزُبيدي إلى أن السيد هادي يظل رئيسًا مؤقتًا إلى أن يتم إجراء استفتاء في الجنوب حول قضية الانفصال، وقال «نحن مستعدون لبدء المفاوضات مع جميع الأطراف، وقد أبلغنا السيد جريفيثس بالفعل الذي أكد أنه ملتزماً بإنهاء الخلافات بين الأطراف المتحاربة، وقد فشل الرئيس هادي في الاستماع إلى شعب اليمن، وهو الآن غير مرغوب فيه، ولا توجد له شعبية في الجنوب، وفيما يتعلق بالحكومة يقع مقرها في عدن لكنها غير قادرة على توفير الخدمات والاحتياجات الأساسية للناس، ولا يمكن أن تلعب دورها في تحقيق أي نصر، وأما مشروع هادي فهو غير مقبول لا في الشمال ولا في الجنوب».
وحذر خبراء في الشأن اليمني، منذ فترة طويلة، من أن تجاهل قضية الجنوب سيقوض أي محاولة لتحقيق سلام طويل الأمد، وفي أسوأ الأحوال، قد يشهد صراعاً آخر، حيث قال «آدم بارون» عضو زمالة في ICFR ومتخصص في اليمن: «حتى لو تم التفاوض على مزيد من صفقات السلام بين الحوثيين والحكومة، لن يكون هناك استقرار حتى يتم النظر في قضية الجنوب، فهذه واحدة من أهم القضايا التي تواجه اليمن سواء اليوم أو بالأمس، وإذا لم يتم التعامل معها فإن اليمن ستواجه الكثير في الغد».

وقال: «لقد أدى هذا بالفعل إلى توتر كبير في عدنن وإذا لم يتم حلها فإنه يخاطر بإشعال فتيل العنف في المستقبل».

وأثارت التوترات ضغوطاً على الإمارات التي أنشأت عدداً من القواعد العسكرية في أنحاء جنوب اليمن، ودعمت الجنوبيين بالتدريب.

وقد صرح مسؤول إماراتي لصحيفة «الأندبندنت» أن قضية انفصال جنوب اليمن تحتاج إلى حل «تحت رعاية الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة»، وأنه أمر لا يمكن أن يفرضه أي طرف داخلي أو خارجي، وأن الإمارات تحترم الحكمة الجماعية للشعب اليمني فيما يتعلق بكل هذه القضايا المثيرة للجدل، وستعمل دائماً لاحترام سيادة اليمن.​