عدم حماية المرأة من العنف المستشري في البلاد..

منظمات حقوقية.. المرأة أولى ضحايا الصراع في ليبيا

صوت لا يهاب التهديدات ويرفض الاقصاء

الحبيب الأسود

جاءت حادثة اختطاف سهام سرقيوة، عضو مجلس النواب الليبي الأربعاء الماضي، لتثير من جديدة قضية اضطهاد المرأة في بلد لا يزال يواجه أزمة متعددة الأبعاد منذ العام 2011. وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، الأجهزة الأمنية ومديرية الأمن ومكتب النائب العام بمدينة بنغازي بسرعة التحرك للكشف عن مصير النائبة سهام سرقيوة، وإطلاق سراحها. وحمّلت اللجنة الخاطفين المسؤولية القانونية الكاملة إزاء سلامة وحياة النائبة.

وتواجه المرأة الليبية منذ العام 2011 أبشع أشكال الإقصاء والعنف الممنهج سواء في سجون الميليشيات أو تحت وطأة التهجير القسري والإرهاب والقهر الاجتماعي. وشهدت البلاد عمليات اغتيال ضد عدد من الليبيات. ففي يوم 17 يوليو 2014 اغتيلت عضو مجلس النواب فريحة البركاوي عندما تم إطلاق الرصاص على سيارتها بمدينة درنة وهي في طريقها لتوصيل المساعدات للمحتاجين.

ونشر منبر المرأة الليبية من أجل السلام، الأربعاء الماضي، بيانا بمناسبة الذكرى الخامسة للحادثة جاء فيه: «اُغتيلت فريحة البركاوي يوم 17 يوليو برصاص غادر في مدينة درنة، شرق ليبيا، كانت البركاوي عضوا في المؤتمر الوطني العام عن مدينة درنة، واستقالت في 3 فبراير 2014 على خلفية أزمة تمديده لولايته».

وجاء اغتيال البركاوي بعد ثلاثة أسابيع من اغتيال سلوى بوقعيقيص في بنغازي. ففي 25 يونيو 2014، اغتيلت المحامية والناشطة السياسية سلوى بوقعيقيص بعد نشرها أسماء ثلاثة جنود ليبيين قتلوا في ذات اليوم في مدينة بنغازي على صفحتها بموقع فيسبوك.

وفي 29 مايو 2014 قتلت الصحافية نصيب كرنافة التي كانت تعمل بالإذاعة المحلية في مدينة سبها جنوب ليبيا في مقبرة بضواحي المدينة حيث تم العثور على جثتها مع جثة سائقها وعليهما أثار تعذيب وحشية فيما تم ذبح كرنافة بآلة حادة وفقاً لتقرير الطب الشرعي. وتعد هذه الحادثة الأخطر التي تلحق بصحافية تعمل في بيئة عمل متوترة ومشحونة بالصراعات القبلية في سبها والتي تعاني فيها الصحافيات والإعلاميات على وجه الخصوص من تحديات كبيرة.

متابعون للشأن الليبي يخشون ألا تكون حادثة اختفاء النائبة البرلمانية سهام سرقيوة الأخيرة، فما أفرزته السنوات الثماني الماضية من تفكك اجتماعي واتساع لدائرة الخطاب المتشدد

وفي 19 يونيو الماضي، وتزامنا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع المسلح، أطلقت ليبيا مبادرة لمناهضة العنف ضد المرأة والقضاء عليه وبالتحديد معالجة أوضاع ضحايا العنف الجنسي أثناء حرب التحرير في ليبيا وحتى نهاية المرحلة الانتقالية، وقد أصدر مجلس الوزراء الليبي قرارا بإنشاء صندوق يتولى ذلك ويتم تنظيمه بقرار من وزير العدل على أن يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية في حالة اكتمال هيكليته.

ويسجل العنف ضد المرأة في ليبيا ارتفاعا. وأعربت منظمات نسائية وحقوقية ليبية عن قلقها من تنامي حالات العنف ضد المرأة في ليبيا، مبدية استياءها من «عدم قيام السلطات الليبية بواجباتها»، ودعت المنظمات السلطات إلى تحمل مسؤولياتها بحماية النساء من التعرض لكل مظاهر العنف.

وطالبت 21 منظمة نسائية وحقوقية من مختلف أنحاء ليبيا بإصدار التشريعات اللازمة وتخصيص الموارد لتنفيذ هذه التشريعات على أرض الواقع ما من شأنها حماية المرأة الليبية من العنف، وتطوير المؤسسات المعنية بحماية النساء وتأهيل العاملين فيها. كما طالبت المنظمات بإعادة خدمة الخط الساخن لمساعدة ضحايا العنف من الإبلاغ عن حالاتهن وتقديم المساعدة لهن، وتعزيز جمع البيانات بشكل دوري عن ظاهرة انتشار العنف ضد المرأة والفتيات، وكذلك العمل على حماية النساء المهاجرات وضمان تلقيهن المساعدة الملائمة وحمايتهن من الإيذاء والاستغلال، ومحاربة الاتجار بالبشر.

ودعت إلى زيادة الوعي العام والتعبئة الاجتماعية من خلال برامج إعلامية ودورات تثقيفية وتعليمية تشارك فيها وزارات الثقافة والشؤون الاجتماعية والأوقاف والصحة والإعلام، وتأهيل العاملين في مؤسسات إنفاذ القانون، وزيادة نسبة النساء العاملات فيها، للتعامل بشكل صحي مع قضايا العنف ضد المرأة وخاصة العنف الأسري.

وعلى الرغم من انضمام الدولة الليبية لأهم المواثيق الدولية التي تشكل قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وبالرغم من انضمامها إلى «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة»، إلا أنه يظل انضماما شكليا دون التزام ملموس، في شكل تشريعات وإجراءات وبرامج عملية على الأرض، من السلطات الليبية.

ويخشى المتابعون للشأن الليبي ألا تكون حادثة اختفاء النائبة البرلمانية سهام سرقيوة الأخيرة، فما أفرزته السنوات الثماني الماضية من تفكك اجتماعي واتساع لدائرة الخطاب المتشدد، وغياب لسلطة القانون مقابل انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، يدفع إلى المزيد من الخوف على نساء ليبيا، في انتظار عودة سيادة الدولة وسلطة القانون.