فكروا قليلا
سامحناكم ورب الكعبة..!
بصرف النظر عن منغصات الماضي ، وما ترتب على خلافات (البلاشفة والمناشفة) من نزاعات تسد عين الدب الذي قتل صاحبه من العشق ،تبدو (بيارق) الحاضر قد تجاوزت تلك الحقبة السوداوية ، التي كان يغذيها (العفافشة والمتعفشون)..!
* لم يكن هناك خصام أو ثأر صعيدي بين أبناء الجنوب ، ولم تكن هناك مناكفات وحروب استباقية ، لأن أبناء الضالع وأبين وبقية موطني المحافظات الأربع كالجسد الواحد ، اذا اشتكى عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ..!*ولم تكن مناسبة التصالح والتسامح بين الجنوبيين قبل تسع سنوات الا استثمارا لنعمة
التفكير ، الذي قال عنه الفيلسوف (ديكارت) : أنا أفكر اذن أنا موجود ..!
*واذا كان التفكير عند (ديكارت) دليل حياة ، فأننا كجنوبيين نتوق للخلاص من الكهنوت الامامي الشمالي الذي استثمر (كبوة) الرفاق ، فأذل ناصية بلد (هرول) نحو الوحدة ، وهو لا يعلم أنه كالمستجير من الرمضاء بالنار..!
* وعلى قدر عزم عقول تفكر بأبعاد فلسفية ، كان يوم التسامح والتصالح قد أزال رواسب (الرفاق) ، وأعاد الروح لسفينة الانعتاق من برجوازية الضم والالحاق ، وهي سفينة شعب جنوبي خرقها (ابليس ) ، ليس طمعا في محاكاة العبد الصالح مع موسى ، ولكن انتقاما من شعب جنوبي كان مثلا للمدنية الحضارية في الشرق الأوسط ..!
*مناسبة التسامح والتصالح فرصة ذهبية لايقاظ العقل النائم من غفوته ، فنتعلم كجيل جديد كيف نفكر ونستفيد من أخطاء الماضي ، وطرد كل ما هو سطحي ينفخ في الكير ، ويعمل من قضيتنا (بيزنس) لحساب عزرائيل..!
*نحن بحاجة للتفكير في مشروع دولة الجنوب ، ومغادرة السترة الضيقة التي لا تتعدى الرقص على طبول المهرجانات المعلبة ، فبعد أن تكاثر من حولنا الذين يأخذون من البقر حليبها وخوارها وتفكيرها أيضا والنتيجة أن (البقر) تشابهت علينا ، حري بنا أن ننتقل من خانة (المصالحة) الى خانة (البناء) السياسي ، الذي لن يكتمل بدون كيان جنوبي موحد يعبر عن طموحات الشعب الجنوبي الذي تصالح مع نفسه أولا ، ومع من فرط في الأمانة ثانيا ..!
*ليس هناك ما يدعو الى اجترار ماضي (الرفاق) ، وليس في محيطنا الجنوبي اليوم من يحقد حقد الجمال والابل ، كما أن الجيل الذي دافع عن كرامة شعب الجنوب عمد تكاتفه بالدم ، وليس هناك ما يدعو للخوف من مؤامرات شق الصف الجنوبي ، لأن الجنوبيين اليوم باتوا أكثر وعيا ونضجا وسلوكا من حقبة ماضي كئيب ، لا يخص الا الفئة التي تبغي..!
*وللرفاق الذين يتخندقون في احقادهم الدفينة ، لا يهمنا مستوى وعيكم المعبأ بتركة (خلافاتكم) ، وعليكم أن تأخذوا الحكمة من شعب الجنوب في تصالحه وتسامحه ميدانيا ، وأن
كانت لهم عيون لا تبصر الحق ، وقلوب غلف خالية من تأنيب الضمير ، فتذكروا أن دجاج (كنتاكي) تصل الأسواق اليابانية بانتظام رغم العداء بين (أمريكا) و (اليابان ) على
خلفية قنبلتي (هيروشيما) و (ناجازاكي) ، في الحرب العالمية الثانية..!
*بالنسبة لنا كشعب جنوبي دفع فاتورة (خلافاتكم) و (أنانيتكم) كاش من فلذة كبده ، وحلقومه مرورا ببقية أعضاء الجسد الواحد ، سامحناكم رغم أنكم بعتوا الوطن (برخص المال ) ، ورميتوه في لحظة طيش (بشربة كأس) الى آخر متواليات البكاء على اطلال أغنية (عدن بالمتر بعتوها)..!
* لا نحمل لكم الا قلوبا بيضاء ناصعة ، وعيونا مستبشرة بدور (دبلوماسي) لكم خارجيا ، ليعرف العالم عدالة القضية الجنوبية..!
* الوقت لم يعد وقت التباكي على أطلال ديار (الجنوب) ، ولا تمترس خلف عقول لا تستوعب الفرق بين (الشيخ) و (البطيخ) ، لكنه وقت العمل وحرق ملفات ماضي (الرفاق) والانصهار في بوتقة واحدة مع الشعب الجنوبي العظيم الذي سامحكم وعفا عنكم ، وينتظر أن ترموا له طوق النجاة ، لتنتصر قضيته العادلة التي يعمدها بدماء تصنع لنا شراب الحرية والخلاص من ( كهنوت) لم يرحم شجرا ولا ضرعا ولا حجرا..!
* للقيادات الجنوبية التي لها ثقل سياسي في الخارج ، لا حاجة لأن تحرروا طلبات لسماع أغنية الشحرورة صباح (جاني وطلب السماح ) وهي الفنانة التي ماتت وهي تؤكد على أنها (عاشقة وغلبانة) ، فقد سامحناكم ورب الكعبة ، لكن السماح مشروط بأن تتجاوزوا تناحرات الماضي ، وتصفوا قلوبكم من (ادران) النفس الامارة بالسوء ، وتنزلوا الى الشارع لسماع أنين شعبكم ، بدلا من خذلانه في مشاريع صغيرة تقدم هذا على أنه واعظ ، وذاك على أنه معتدل ، وآخر على أنه رجل المرحلة ..!
* وللذين يلوكون (الفتن) من (العفافشة والمتعفشين) بنظام (اللبان) ، شعب الجنوب ليس في حاجة الى (عيد) يغيظكم بأنه تسامح و تصالح مع نفسه وقياداته ، فهذا الشعب العظيم (جسد) واحد وفي حالة انسجام وتناغم رغم مكائد السياسة وعطارها الذي يحاول افساد توادنا ونشر ثقافة الكراهية بين أوساط الناس ، بهدف ابقاء الجنوب تحت (الوصاية) الشمالية المتخلفة..!
*وللسياسيين الجنوبيين السفينة تتسع من كل زوج أثنين ، حتى تستمر سفينة نوح في الابحاربأحلامنا الجنوبية بغير عجز ..!
*كونوا معادلة صعبة على أرض الواقع الميداني ، أو دعونا نبحر بحماسنا و بما تجود به قيادات الداخل من زخم شعبي بحاجة الى (قائد) فنان يدير دفة الملعب ، ويسهل تحويلنا الى مهاجمين نحسن اقتناص انصاف الفرص ..!
* تعالوا ولبوا نداء وطنكم ولا تعطوا ظهوركم للترعة ، احسنوا خاتمتكم بعمل سياسي جبار يكفر عن أخطائكم بحق هذا الشعب الذي قذفتموه في (اليم) كما هو الحال بعجل (السامري) ، تعالوا وخارجونا من ظلام الوحدويين الناهبين لثروات بلادي ، أعيدوا لنا أمانة خنتوها وكرامة شعب وزعتوها على (حنشان) ما تسوى تقتل من يربوها ..!
باختصار يا حماة السياسة في الخارج الشعب الجنوبي يريد وطنا جنوبيا حيا يرزق ، فهل هذا الطلب العادل اصعب من طلب (اليمامة) بنت كليب ..؟!
* فكروا قليلا ، وامنحوا عقولكم فرصة العمل بمبدأ (ديكارت) ، ومن لم يفهم رسالة شعب الجنوب المتصالح والمتسامح عليه أن يرمي عقله في أقرب مزبلة للتاريخ !