الشهيد عمر الصبيحي

فارس من فرسان المقاومة الجنوبية يترجل

ترددت كثيراً في الكتابة عن أخي ورفيق دربي درب النضال الطويل الشهيد القائد العميد/ عمر سعيد سالم الصبيحي، لأن كلمات الرثاء لن توفيه حقه مهما قلنا فسيظل فوق الكلمات والمرثيات، وهنا أود أن أدون كلمة حق في شهيدنا ولن أتطرق لعمله في جمعية المتقاعدين العسكريين كقيادي ولا في مشاركته في قيادة الحراك الجنوبي ولكني سأتحدث عن محطات من العمل السري وفترات الغياب التي كان يفتقده رفاقه فيها، وهي عمله في التحضير للمقاومة الجنوبية.

جمعتني بالشهيد القائد عمر سعيد لحظات المخاض الأولى لحركة تقرير المصير (حتم) في نهاية العام 1996م عندما بدأنا اللقاءات السرية هو وغيره من قيادات المقاومة ولأن عملنا هذا يعتمد بالأساس على السرية وتشكيل الخلايا العسكرية للقيام بالأعمال القتالية ضد قوات العدو فقد كانت تتطلب إجراءات عالية من السرية والدقة، كانت لقاءاتنا تتم في عدن ولحج والضالع وغيرها من المناطق الجنوبية.
جمعتنا ليالي التخطيط والتحضير والتنفيذ للعمل العسكري ضد قوات علي عبدالله صالح الجاثمة على صدر الوطن، تقاسمنا فيها الألم.. وحلمنا بالأمل الذي أصبح اليوم حقيقة واقعة على أرضنا الحبيبة.
عُرف شهيدنا القائد عمر سعيد بالجلد والصبر وتحمل المهام الصعبة وكان ينفذها بصمت ودون منّة على الآخرين وهذا هو سلوكه طوال فترة عملنا معاً.
ومن أهم المحطات تخطيطنا وتحضيرنا لتدريب رجال المقاومة الجنوبية في كثيراً من المحافظات ومنها محافظة لحج.

ففي العام 2012م بدأنا التحضير لتدريب رجال المقاومة في لحج عهد للشهيد قيادة الدفعة الثانية لتدريب سرايا المقاومة في منطقة العسكرية جبال يموس، هذه المحطة لم يعرف عنها الكثير من الناس وهي من المهام النضالية التي ظل شهيدنا محتفظاً بسريتها حتى استشهاده، ولزاماً علينا أن نرويها للأجيال كي تعرف معدن هذا الشهيد القائد، تخرج من هذه الدورات رجال أشداء قاوموا مليشيات الحوثي وقوات صالح بكل صلابة واستبسال، على طول الوطن الجنوبي وعرضه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

ولم تأتي حرب صيف 2015م إلا والمقاومة قد أعدت العدة لمواجهة ما كان يخطط له العدو وكان شهيدنا القائد عمر سعيد من أصحاب الباع الطويل في هذا الإعداد.

ففي الحرب ألقي على عاتق شهيدنا قيادة المجلس العسكري في م/عدن وكان مركزه مديرية البريقة وهذه مسئولية جديدة، ولم ينقطع بيننا التواصل والتنسيق من أجل إنجاح العمليات العسكرية ضد المليشيات في عدن ولحج والضالع، وكان التنسيق على أعلى المستويات، رغم شحة الإمكانيات اللوجستية إلا أن الذخائر والوقود والمواد الأخرى كانت تصل إلى الجبهات ولو في حدودها الدنيا... حتى أتى المدد والغوث من التحالف العربي والذي استفادت منه المقاومة الجنوبية استفادة قصوى.
وما أن وضعت الحرب أوزارها في عدن إلا وألقيت على عاتق شهيدنا تشكيل وقيادة اللواء الثالث حزم، ولن أتحدث عن هذه المحطة لأن الكثير يعرفها.

في ظهر يوم 7 يناير 2017م الموافق 9 ربيع الثاني 1438هـ ارتقى فارس من فرسان المقاومة الجنوبية وهو ممسك بسلاحه في الخط الأمامي يقود قواته لمواجهة العدو وباستشهاده فتحت لقواتنا أبواب النصر المبين.
وقد أصبحت قواتنا اليوم تسيطر سيطرة تامة وتهاجم العدو في مواقع انطلاقه وتحقق الانتصارات بدعم أشقائنا في التحالف العربي.
نم قرير العين يا شهيدنا القائد عمر سعيد سالم، فما ناضلت من أجله طوال السنوات الماضية ها هو اليوم آخذاً في التحقق بفضل تضحيات الشهداء الأبرار.
وداعاً أبو وضاح رفيق الدرب الطويل.