لا عاصمة من عواصم الشرق او الغرب التفت الى سحرها ومجدها كمثل الشام ولا مدينة في الدنيا مر بها الغازون والفاتحون كمثل دمشق فمنهم مر وانطوى وآخرين طاب لهم المقام واستقروا بها وانغمسوا في تفاصيلها الجميلة. فعندما أشاد الخليفة الوليد بن عبد الملك الجامع الأموي خاطب أهل الشام قائلا .. يا أهل الشام انكم تفاخرون الدنيا بثلاث خصال هوائكم ومائكم وفاكهتكم واليوم أضفت لكم الرابعة مسجدي هذا..
نعم ان سورية الجغرافية والسياسة تتقاطع بها خطوط ومنحنيات الاقليم والعالم فما من عقدة من عقد المنطقة الا وللشام فيها اسهامة ولا حلول تطرح للمشكلات في الاقليم من دون ان ينظر الى سفوح جبل قاسيون ماذا سيهب منها من عواصف او تأتي نسمات الغوطة العليلة .. محسودة هي دمشق فلا هي قادرة على الصد ولا الاخرين يقدرون على زحزحتها عن موضعها ..
دمشق بيدها سلسلة مفاتيح المنطقة وهم افضل من برع تاريخياً في دور الوسطاء باعة حاذقين ومشترين صبورين يراقبون الافق ولا يستعجلون العروض .. سورية اليوم في عين عاصفة لم تزورها منذ عقود وبردى الذي تضائل مجراه لا زال قادراً على ان يسكب شيئا في كأس السياسة العربية والأقليمية .
يصل الشام الرئيس الروسي بوتين ويصطحب معه رئيس مخابراته ونائبه ولا احد انتبه الى لون الرسالة السياسية والأمنية معا في زيارتة لقاعدة حميميم.
وعندما سأل محلل روسي هل ان هذه الزيارة هي قبلة وداع الأسد اجاب من يطبع قبلة الوداع لا يرسل قبل اسبوع أكبر شحنة سلاح روسي الى طرطوس ومن يريد اي يقول للآسد وداعا لا يصطحب معه هذا الحجم من العيار الثقيل .. سورية قطعة وموقع صراع صارت محورا للتنافس والضرب تحت الحزام بين قوى اقليمية وعربية ودولية ان لم نقل كونية .. هذا هو قدر الشام في التأريخ والجغرافية فالغزاة اما ان يقتحموها او يتوقفوا عند اطرافها كما فعل المغولي هولاكو فبعد ان دمر بغداد وأهلك اهلها وزرعها ذهب للشام وتوقف عند اسوارها وتزوج شامية حسناء وانسحب من دون أي أذى .. سورية ليست تونس او ليبيا فمن يريد اسقاط نظامها الذي به من العيوب أكثر من المحاسن عليه ان يسأل سؤالا واحدا هل ان البديل الذي لا أحد يعرف جنسه او شكله سيجلب للشام استقرارا وتطويرا وهل ان حال العراق بعد الأحتلال والصدمة والرعب واحلام الديمقراطية الامريكية افضل ام ان ليبيا الان أحسن ومر على اليمن وحالها لا يسر صديق ولا عدو .. لماذا ترفض كل القوى المناوئة لحكام الشام فكرة الحوار والتدرج في الأصلاح فدولنا هشة لا تحتمل هياكلها هذه الرجات والضغوط .
هذا واقعنا مر ومأساوي لا بد من انتهاج الحوار والتدرج في الاصلاح المنشود فالشام التي تتقاطع بها كل خطوط السياسة والحرب والسلام يجب ان نفكر فيها ببعد نظر والا فالخراب لا يرحم احدا لأننا جميعا في مركب واحد مهما تناثرت سفننا وتباعدت اشرعتنا فالرياح والأعاصير يجمعن المصابينا ودماء اهلنا في الشام عزيزة علينا جمعيا فالقاتل والمقتول منا والمنتصر والمهزوم هم ضحايانا عندما نفقد دولنا ونضيع في معمعة الشعارات والسخب سنفقد حاضرنا ويتبخر مستقبلنا ؟؟