نجيب يابلي يكتب:

ماذا لو زارت جلالة ملكة بريطانيا التواهي وخور مكسر والشيخ عثمان؟!

اطلعت على «الأيام» الصادرة يوم الخميس، 22 مارس، 2018م، فتراكمت عندي هواجس مسببة أولها "لوجه الله" في الصفحة الأخيرة، هناك نهب ممتلكات عامة وخاصة.. هناك إزهاق أرواح.. هناك رصاص عشوائي.. هناك روضة أطفال تعرضت للنهب.. هناك مهبط المروحيات في حرم مستشفى باصهيب بالتواهي دارت حوله اشتباكات مسلحة.. هناك صورة مشوهة للأجهزه الأمنية.. هناك بلاطجة يتمترسون وراء الميري.

وفي نفس الصفحة موضوع الزميل نجيب صدِّيق ("ارحل" وماذا بعد؟) تطرق صدّيق - وكان صادقا - إلى “الحراك الجنوبي" السباق في كل شيء، ارتفعت أصوات "ارحل!!".. ظهر سحرة جدد قفزوا من مركب صالح إلى مركب الشباب.. رحل صالح دونما رجعة، إلا أن الذين أدوشونا بصيحة "ارحل" عليهم أن يرحلوا.. لم يسقط النظام بل سقطت الدولة، أما نظام صالح ورموزه الفاسدة لازالت باقية حتى الآن.. ماذا عملت تلك الشعارات؟ هل تحقق التغيير؟ اسألوا أنفسكم.

نأتي إلى كلمة عميد «الأيام» محمد علي باشراحيل (رحمه الله) في واجهة الصحيفة، تطرق فيها إلى معركة الحياة.. معركة العدالة الاجتماعية.. مصلحة القلة زائلة، ومصلحة الجماعة باقية..

إلى الداخل وتحديداً الصفحة (15) الدكتور علي عبدالكريم يهدي جريفيث البريقاوي البريطاني قصيدة “من شنجهاي الصين إلى بندر عدن”، تقف أمام سلسلة أرقام وأعلام.. وعرابدة ورموز طهارة تارة ورموز دعارة تارة أخرى.

لامس الكوميديا (شابلن) والتراجيديا (جوركي) والحكمة (غاندي) والسخرية السياسية (الجاوي)، وتعشم الدكتور علي خيراَ في المبعوث البريقاوي الجديد (جريفيث) وقال له (عندك جذور المشكلة) ولا شيء نراهن عليه (فلا إمام منتظر ولا أمم متحدة).

ثم نقف أمام الصفحتين (10) و (11) حيث الاستطلاع المفصل على مستشفى الملكة اليزابيث الثانية (حاليا مستشفى الجمهورية) بخور مكسر، الذي وضعت حجر الساس له عند زيارتها لعدن يوم 27 أبريل 1954م، وافتتحت مصافي عدن في البريقة.. التفاصيل بينت كل شيء.. كيف كان هذا الصرح الصحي الطبي وكيف أصبح؟.. كيف كان في عهد الاستعمار (من تعمير طبعاً) إلى عهد الثورة والجمهورية والوحدة (ملعون أبوكي بلد).

سألت نفسي: كيف لو قدر لجلالة الملكة اليزابيث الثانية زيارة عدن في العام 2018م بعد زيارتها الأولى عام 1954م.. سترى رصيف الأمير ويلز في التواهي وستنكر أنه الرصيف الذي شاهدته سابقا، ولو تحركت إلى مهبط المروحيات في حرم المستشفى العسكري البريطاني في التواهي (مستشفى باصهيب حالياً) ستنكر أن هذا هو المستشفى الذي كان قائماً.. سترى العشوائي وقد أغرق التواهي وخور مكسر والشيخ عثمان، وقد وقفنا ونحن طلاب صغار على طول الطريق المؤدية إلى حديقة الكمسري في الشيخ عثمان، وستشاهد حي عمر المختار بوضعه المزري حالياً. ستتحسر على حال البلاد والعباد.. ستتذكر حال خور مكسر عندما زارتها عام 1954م وقد شاهدت أن السكان كانوا يعطون بعض الوقت في العصرية لحديقة المسكن، أما الآن فقدت سدت كل المنافذ، وستسأل: لو حدث حريق كيف ستدخل سيارات الإطفاء؟!

ستسأل عن مهبط المروحيات في مستشفى باصهيب وستبدأ بالسؤال:WHO IS BASUHAIB وسيجد المسؤولون حرجاً في التعريف.. وستعقب: سمعت أن قتالاً دار حول مهبط المروحيات، بين من ومن؟ ما موقف الجهاز الأمني؟ ما موقف الداخلية؟ أين رئيس الوزراء ؟ أين رئيس الجمهورية؟ ما موقف المواطنين من كل ذلك؟

وفي الأخير ستنفجر جلالتها باكية وهي تصرخ: My God ! My God.. يا إلهي يا إلهي!!