
عبير طايل يكتب:
سلم لي على "الخصوصية"!
قد يختلف الكثيرون معي حين أقول إن مواقع التواصل الاجتماعي هي بالفعل "نقمة هذا العصر".. أعرف أنني سأواجه بعاصفة من الانتقادات والاتهامات بالرجعية وربما "التخلف" عن الحداثة والتمدن لو صح التعبير.
إذاً.. لماذا كل هذا الغضب الذي انصب على موقع التواصل الأشهر بالعالم "فيسبوك" والاتهامات الرهيبة التي وُجهت إليه والتي تتركز جميعها في "انتهاك الخصوصية" وتسريب "المعلومات الشخصية".. أي "خصوصية" وأي "شخصية" تتكلمون عنها؟
لا أنكر أنني امتلك حساب "فيسبوك"، بل واتمسك به لسبب واحد فقط، وهو البقاء على تواصل مع الأهل والأصدقاء والزملاء الذين لا تمهلني الحياة بزحمتها وزخمها من اللقاء بهم أو حتى سماع أصواتهم عبر التليفون.. فالكل مشغول بحياته اليومية وركضه وراء لقمة العيش.. فلا ضرر من إرسال علامة "إعجاب" أو "التعليق" من أن لآخر على تدوينات الأصدقاء، أو حتى التهنئة بالعام الجديد أو عيد الميلاد أو الزواج أو حلول شهر رمضان أو الأعياد.. إلخ. فكلها مباحة ولا ضرر منها.
لكن ما هو غير مقبول على الإطلاق هو ما يفعله رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنفسهم من انتهاكات الخصوصية بتصوير موقف في الشارع مثلاً أو حادث ربما لسيدة أو رجل أو طفل، واستباحة تداوله بين الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمجرد إثارة الضحك أو الشعور بالأسى أو التفاعل!
الأمور وصلت لحد مشاركة مقاطع "وفاة" لأشخاص كل ذنبهم أنهم وافتهم المنية أمام أشخاص يحملون هواتفهم المحمولة!
لا أصدق أن أصادف موقف كهذا ولا أفكر في إسعاف شخص يحتضر أمامي، بل أن يكون كل همي تصوير وتوثيق موته. لا أتخيل أن أشاهد جريمة أو حادث أمام عيني ولا اسارع للنجدة، بل أخرج هاتفي المحمول وأبدأ في التصوير أملا في زيادة المتابعين أو الحصول على إعجابات أكثر عن طريق تحويل مآسي الناس وسذاجتهم إلى مادة للسخرية.. فربما "يضرب" مقطع الفيديو (بلغة اهل التواصل) ويتخطى المليون مشاهدة، فأصبح بين ليلة وضحاها نجمة على مواقع التواصل الاجتماعي.
يا إلهي هل أفقدتنا مواقع "الفضائح" إنسانيتنا إلى هذه الدرجة؟
نتهم "فيسبوك"وغيرهم من المواقع التواصلية بانتهاك خصوصيتنا، ونحن أول المرتكبين لهذه الجريمة!
ومن الآن فصاعداً يجب أن نحذر.. فربما في المرة القادمة أكون أنا أو أنت أو هو أو هي مادة السخرية على مواقع التواصل.. ووقتها "إبقى سلملي على الخصوصية"!