نورا المطيري يكتب:

حرب عالمية ثالثة في سوريا

بالرغم من اختلاف المصالح والأهداف بين دول «المحور الجديد» بنسخة القرن 21، التي تضم روسيا وتركيا وإيران، ما زالت موسكو تتشبث بـ «شريكي الشر»، والتقريب بينهما، خاصة في ملفات الشرق الأوسط، وإقليمية البحر الأسود، وحفر الطريق إلى طرطوس.

أردوغان، يبدو الأكثر حماساً لتقسيم «الكعكة السورية» لذلك، وامتداداً لخفايا سوتشي، طلب الاجتماع في «أنقرة»، على الرغم مما يظهره من اختلاف مواقف مع طهران وموسكو تجاه النظام السوري تحديداً، مع أنه لم يتوقف لغاية الآن عن دعم معارضي سوريا، والتي بدأت منذ نحو سبع سنوات، والتذرع بما يطلق عليه جزافاً «القضاء على الإرهاب»، تناقض لم يسبق له مثيل، فعلى الأرض، يتضخم عنف وإرهاب دول المحور الجديد، وذيلهم الصغيرة جداً جداً، قطر.

فرنسا وأميركا لا يلعبان، فالاستخبارات التركية عجزت أن تفهم التفاصيل الحقيقية للمكالمة الهاتفية بين ماكرون وترامب في الثاني من آذار 2018، حول سوريا، بعدها يستقبل الرئيس الفرنسي وفداً من قوات سوريا الديمقراطية، ثم يظهر الرئيس الأميركي ليعلن أن القوات الأميركية ستغادر سوريا قريباً.

اطمأن أردوغان حين أعلن الرئيس الأميركي عن نيته بسحب القوات الأميركية من سوريا، معتقداً أنه سيسحق الكيان الكردي، ويقضي على حلمهم بإقامة دولة كردية، وأنه سيجلس، يوم الأربعاء (3 أبريل) في (أنقرة)، كقوة مماثلة لروسيا على الأرض، لكنه صُدم بتراجع ترامب عن «الخروج من سوريا»، بضغط هائل من السعودية، التي يزور ولي عهدها، الأمير محمد بن سلمان، واشنطن حالياً.

صدم أردوغان وهو يستمع إلى تصريحات المبعوث الأميركي الخاص بهزيمة داعش «بريت ماكجورك»، حين قال: «نحن في سوريا لمحاربة داعش، هذه هي مهمتنا، ولم تنتهِ، وسنقوم بإكمال هذه المهمة»، فجلس في أنقرة، الأربعاء الماضي، يطلب من الكرملين الحصول على خارطة طريق ليوم واحد فقط، وهل سيحصل على الدعم إذا باغتت القوات التركية مواجهة عسكرية في «منبج»، فختم لقاء أنقرة بقوله: «الطريق إلى الأمام صعب»، وخشي أن يضيف «غامض جداً».

طهران الخبيثة، تستفيد من كل ذلك، سواء التقارب التركي الروسي، أو التوتر التركي-الأميركي الفرنسي، وكذلك عدم إقامة دولة للأكراد في شمالي سوريا، إضافة إلى تثبيت دعائم النظام السوري، ليس لسواد عينيه بالطبع، لكن لتبقى براثن الشر الإيرانية تضرب جذورها في سوريا للأبد، لذلك، وفي أنقرة، يوم 3 أبريل، وصل روحاني متأخراً، وبقي يهزّ رأسه الشيطاني موافقاً على الخضوع التركي، ورؤية أردوغان يتخبط في ما سيفعله ليوم واحد فقط.

أتوقع أن إيران طلبت نسخة ثالثة من سوتشي في طهران، خلال شهر أو شهرين، السبب أن روحاني تعمّد أن تكون مخرجات «سوتشي أنقرة» هشة وضعيفة، ولأن طهران تريد أيضاً أن تفهم النوايا الأميركية الفرنسية بشكل أوضح: هل سيخرج الأميركان، هل سيحارب الفرنسيون، أم سيظهر دول حلفاء جدد مع الأميركان والفرنسيين، ونعود إلى العام 1914، وتنطلق، من سوريا، بذرة حرب عالمية ثالثة حقيقية!!

لست مع الرأي الذي يقول إن العرب يتفرجون أو متخاذلون، وأن هناك «سايكس بيكو جديد»، فمن وجهة نظري، العرب هذه المرة، عليهم أن يكونوا أكثر حذراً، خصوصاً وأن دول المحور الجديد، أكثر خبثاً، ومحور دول الحلفاء الجديد القديم، أكثر قوة وذكاء.