هاني مسهور يكتب:

بن دغر عاد الى عدن .. وبدون تفاهمات

قبل ساعات من عودة رئيس الحكومة احمد بن دغر الى عدن بثت قناة (فرانس ٢٤) لقاءاً مع وزير الداخلية الميسري الذي شنّ هجوماً لاذعاً على السعودية متهماً اياها باحتجاز الرئيس هادي ووصف الامارات بانها قوة احتلال، وسبق هذا التصعيد (الكلامي) المعتاد استقبال الرئيس هادي للمبعوث الاممي مارتن غريفيث بعد استكماله جولة واسعة التقى فيها بقيادة المليشيات الانقلابية الحوثية في صنعاء والتقى الوفد المفاوض للحوثيين في مسقط ووزير خارجية عُمان يوسف بن علوي وانتقل الى العاصمة الاماراتية ابوظبي والتقى فيها بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي كما التقى قيادات من المؤتمر الشعبي العام ووزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد ليعود للعاصمة السعودية مُقدماً للرئيس هادي خلاصة جولته التي سيعرضها امام مجلس الامن الدولي في ١٧ ابريل ٢٠١٨م.

من الاهمية ادراك مسائل اساسية منها أن مارتن غريفيث ينطلق من تقرير الامم المتحدة الصادر في يناير ٢٠١٨م وهو الذي صنف الشرعية بوصف (المتآكلة) واعتبر مليشيات الحوثي مسؤولة امام الحالة المتردية للشعب اليمني نتيجة تجاوزاتها، وكان غريفيث قد استبق الجميع بمبادرة نقل مكاتب الامم المتحدة الى عدن بينما ان حقيقة أخرى تقول ان العاصمة عدن لا تتواجد فيها الحكومة وكذلك تغيب عنها قيادة المجلس الجنوبي.

في المقابل تبدو التطورات العسكرية المتسارعة تحمل بوادر لتغيير موازين القوى السياسية للاطراف المتصارعة، جبهات صعدة والساحل الغربي والبيضاء وحتى جنوب تعز تؤشر لهكذا تصور ممكن، وعلى رغم إن هذه الجبهات لا يوجد فيها تمثيل للحكومة الشرعية سوى (لفظياً) الا أن اي متغيير عسكري سيحسب لمصلحة الشرعية، وهنا تبرز (الانتهازية) عند الرئيس هادي بانتظار تحقيق انتصار يعمل على تغيير الموازين العسكرية ليحسب لصالحه .

عاد بن دغر الى المعاشيق بدون تفاهمات مع المجلس الانتقالي وبعد ان كلف مطابخه الاعلامية بأن التفاهمات تمت مع السعوديين والاماراتيين والامريكيين ، والحقيقة الوحيدة أنه عاد ومازال محافظاً على لهجة التصعيد المستفزة للمجلس الجنوبي في محاولة العودة للتصادم لاظهار الجنوبيين كمعطلين لعمل الحكومة، غاية مقصدها ابعاد المجلس الجنوبي عن المشاورات السياسية المزمع انطلاقها عبر مبادرة مارتن التي ستقدم خلال اسابيع.

فكرة جيدة لعرقلة الحل السياسي اولاً واقصاء المجلس الجنوبي عن المشاورات واستعادة الفوضى الى عدن ، فكرة تضمن استمرار الحرب وافشال جهود مارتن غريفيث في اول محطة عملية لاختبار قدراته في ايجاد صيغة توافقية للحل السياسي، فالمفترض أن يرفض الجنوبيين كما سيرفض المؤتمريين اقصائهم من المشاورات السياسية ، ذات ما فعله الرئيس هادي في ابريل ٢٠١٦م باسقاط خالد بحاح وتعيين علي محسن الاحمر نائباً للرئيس وبن دغر رئيساً للحكومة فالهدف كان تعطيل مسار الحل السياسي الذي كان يتمحور حول نقل صلاحيات هادي الى نائبه بحاح، ما حدث كان ازاحة بحاح ليكون نقل الصلاحيات للجنرال العجوز الاحمر وهذا ما ترفضه كل الاطراف واليوم يعود لتكرار فكرة العرقلة مجدداً بعودة بن دغر واستفزاز الجنوبيين وتحميلهم مسؤولية التصادمات والتوترات وبذلك تفشل مهمة مارتن غريفيث في اول محطاتها.

مازالت الشرعية غير مستعدة للانتقال لمرحلة السلام كذلك مازالت مليشيات الحوثي بعيدة عن مجرد التفكير في السلام ، حقيقة أن الاطراف المتنازعة تعيش على الفوضى والحرب والازمات هي حقيقة يجب ان تعيها كل القوى الدولية التي تريد انهاء الصراع في اليمن، فهذه الاطراف تستثمر في الحرب وتعرف كيف تشعلها كلما شعرت بانطفائها.