مشعل السديري يكتب:

عندما صليت صلاة الراحلة

قبل عدة سنوات كنت مع ثلاثة أشخاص نركب السيارة، ومنطلقين من مكة إلى جدة، وفي منتصف الطريق حان موعد صلاة العشاء، فاقترح علينا أفهمنا أن نصلي صلاة «الراحلة»، وهذا ما حصل حيث أمّنا هو لأنه يجلس في المقعد الأمامي، والوحيد الذي لم يشاركنا الصلاة هو من كان يقود السيارة بسبب الحيطة والدواعي الأمنية - مع أنه حاول مشاركتنا إلاّ أنني نهرته.
وذكرت ذلك للأستاذ نجيب يماني الذي أكد لي أن صلاتنا تلك كانت باطلة. الحقيقة أنني فوجئت - ورغم اعترافي بأن تفقهي بالدين محدود بجانب غزارة ثقافته الدينية، إلاّ أنني لم أستسلم للاستفادة من معلوماته، فقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الراحلة أينما توجهت، والسيارة في هذه الأيام هي بمثابة الناقة، فقال: هذا يكون في صلاة «النافلة» فقط، أما في صلاة «الفريضة» فينزل ويستقبل القبلة ويصلي.
قلت له: إذن كيف نستوعب، أن أماكن الصلاة على الطائرات أصبحت هي العنوان الأبرز في الحملات الترويجية لدى الكثير من الناقلات في المنطقة.
أجابني: قال عليه الصلاة والسلام، جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فالفريضة لا تصح إلاّ على الأرض، وفي الطائرة هم محمولون على الهواء، لهذا يجب عليهم أن يؤجلوها حتى ينزلوا على الأرض.
وأخذني حب الاستطلاع وسألته: ماذا عن من ركب سفينة؟!، أجابني: الصلاة على السفينة جائزة حتى في «الفرض»، لأنها لو لم تكن جائزة لما أجاز الوضوء بماء البحر... عندها سكت والحمد لله أنني لم أسأله عن الغواصة، ولكنني قلت له: إذن ما الفرق بين السيارة والسفينة والطائرة، كلها تسير في الأرض التي ليست هي الجماد فقط، ولكنها ما حواها من ماء وهواء؟!، ويبدو أنه استهجن سؤالي، لأنه صمت ولم يجبني.
عندها ازداد حماسي غير العقلاني فقذفته بهذا السؤال: وماذا عن الفضاء وكيف تكون الصلاة فيه؟!، أجابني: لو أن رجلاً مسلماً امتطى مركبة فضائية تدور حول الأرض ست مرات كل 24 ساعة، ويطلع عليه الفجر وتغيب عنه الشمس بهذا العدد؟، فلو أراد أن يصلي الخمسة فروض المرتبطة بطلوع وغروب الشمس كما هو الحال على سطح الأرض بنسب وقتية للفروقات بين الصلوات، فإنه في هذه الحال يصلي ثلاثين صلاة بين اليوم والليلة، وهذا مرفوض فالتكاليف المرتبطة بتعاقب الليل والنهار مثل الصلاة والصيام تسقط إن خرج المرء عن الكرة الأرضية.
كان هو يتكلم وأنا أحسب عدد الركعات، وعندما لاحظ شرودي فاجأني بهذه المعلومة قائلاً: لقد ترك الرسول عليه الصلاة والسلام، صلاة الفجر عند رجوعه من الإسراء والمعراج.