مشعل السديري يكتب:

أرفض المسافة والسور والحارس

اللصوصية - أي السرقة - فن وذكاء، وغالباً ما يفشل اللص الغبي، وأرجو ألاّ يظن أحد أنني أمجّد أو أروّج لهذه المهنة القذرة، ولكنني أحكي الواقع ولا شيء غيره.
وعلى سبيل المثال ماذا تصنفون ذلك اللص الذي انحشر في الصندوق الخلفي للسيارة التي كان يحاول سرقتها، وخوفاً من أن يختنق ويفطس اضطر للاستنجاد برجال البوليس، الذين أنقذوه ثم كلبشوه وأودعوه السجن؟
أو زميله الآخر الذي اقتحم منزلاً بالخطأ وسرق «لاب توب»، ظناً منه أنه لرجل مدين له بـ400 ألف جنيه إسترليني، لأنه أراد أن يساومه لإرجاع دينه، وعندما اكتشف أنه غلط بالمنزل رجع العبيط لكي يعيده، إلاّ أن البوليس كان له بالمرصاد.
غير أن هناك اختراعين سوف يكون لهما شأن عظيم عند اللصوص.
الأول: اختراع صيني عبارة عن مادة خارقة تستطيع إخفاء الأشياء مهما كان حجمها، وسوف يصنعون منها قماشاً يلبسه الإنسان فيختفي عن الأنظار نهائياً، وقد يسير بين المجاميع دون أن يلحظه أحد.
والثاني: اختراع ياباني، يرتديه المستخدم، فيعطيه القدرة على تخفيف الجاذبية الأرضية، ويسير فيه وكأنه يسير على سطح القمر، بمعنى لو أنه كان في العادة يستطيع القفز لارتفاع متر واحد، فإنه إذا ارتداه يستطيع القفز لثلاثة أمتار وأكثر، وهو قد يغني الإنسان عن استخدام جسور المشاة أو السلالم التقليدية، كما يمكن استخدامه لمساعدة المعوقين حركياً.
ولكن هذين الاختراعين سوف يستفيد منهما اللصوص بالدرجة الأولى، وكأنهما هدية نزلت عليهم من السماء.
فتخيلوا لو أن لصاً ارتدى لباس الاختراع الياباني ولبس فوقه الاختراع الصيني، فإنه في هذه الحالة سوف يستطيع القفز بكل رشاقة لأعلى حائط في أي منزل أو منشأة حتى لو كانت محوطة بالأسلاك الشائكة أو المكهربة، وقبل أن يبدأ الحرامي مهمته، لا شك أنه سوف يردد كلمات بدرين عبد المحسن التي غناها محمد عبده: أرفض المسافة والسور والحارس.
والعجيب أن الكلاب هي الوحيدة التي تلحظ أن غريباً قد دخل المنزل بواسطة الشم، ولكنها لا تستطيع أن تراه، فتظل تنبح متخبّطة بكل غباء، دون أن تفعل شيئاً.
عندها سيتحقق عملياً المثل القائل: «مصائب قوم عند قوم فوائد».
ولا شك أنني سوف أكون من الأوائل الذين يشترونهما، وسوف أقتنيهما فقط لكي ألعب مع أصدقائي لعبة «الغمّيضة»، التي كنا نلعبها عندما كنا صغاراً.
ولا أدري هل أنا بمقالي هذا أصبحت مثل الذي يخرج على الناس صائحاً يبشرهم بحلول يوم القيامة؟!