أحمد الفراج يكتب:

معركة صلاح - راموس!

منذ الأسبوع الماضي، لم يتوقف الجدل، حول ملابسات ما حصل للاعب نادي ليفربول الإنجليزي، المصري محمد صلاح، وهو لا شك لاعب عالمي، فرض اسمه على خريطة كرة القدم العالمية، واستطاع أن يشق طريقه، من قرية في مصر، إلى معقل كرة القدم، ولم تكن مهارات هذا الشاب الكروية هي السبب الوحيد في شهرته وشعبيته الجارفة، خصوصا في العالم العربي، فهو يتمتع بتواضع جم، وأخلاق عالية، واعتزاز بالهوية، نادرا ما تشاهد مثله عند اللاعبين العرب، وهناك لاعبون من أصول عربية، برزوا في المحافل العالمية، ولكن لم تكن الجماهير العربية تهيم بهم كما هو الحال مع صلاح، فاللاعب زين الدين زيدان، يعتبر أيقونة عالمية. هذا، ولكن شخصيته الحادة، وتكبره على أبناء جلدته، أفقده كثيرا من الاحترام، وكانت الجماهير العربية، والمصرية على وجه الخصوص، تتمنى أن يحصل فريق صلاح على بطولة أوروبا، ولكن الأمر سار على نحو مختلف تماما!.

بدأت مباراة بطولة أوروبا، وكان كل شيء يوحي بأن فريق صلاح (ليفربول) سيحصد البطولة، وأعترف بأنني، وأنا الذي لا أتابع المباريات إلا قليلا، كنت متسمرًا أمام شاشة التلفاز، لأن هذا اللاعب العربي جذب اهتمامي من خلال تواضعه وأخلاقه، قبل أن تجذبني مهاراته، وبعد مضي عشرين دقيقة من المباراة، أصاب مدفعجي ريال مدريد، سيرجيو راموس، محمد صلاح، وكانت الإصابة قوية، أجبرت صلاح على الخروج من الملعب، ولا شك أن صلاح شعر بموت حلمه في تلك اللحظة، ثم سهر الناس واختصموا، حول دافع هذه الإصابة، وهل كانت متعمدة، أم أنها عفوية، وكنت من الفريق، الذي اعتقد أنها لم تكن متعمدة، خصوصا وأن الحكم العالمي السوري السابق، جمال الشريف قال بذلك، ولكنني، وبعد مشاهدة اللقطة مرات عديدة، والبحث في تاريخ اللاعب الذي أصاب صلاح، أصبحت على قناعة بأن الإصابة كانت بالفعل متعمدة.

إصابة صلاح أخذت أبعاداً غير متوقعة، وأدلى كل بدلوه، بما في ذلك الذين لا تتجاوز علاقتهم بالرياضة علاقة المطربة إليسا بالفيزياء النووية، وكان أطرف تلك التعليقات، هي تلك التي تحدثت عما حدث لصلاح، وكأنه من ضمن الحرب على المسلمين!، وكان أبرز من قال بذلك هو الإخواني المصري، طارق الزمر، الذي استشهد بآيات قرآنية، تثبت عداء الكفار (اللاعب راموس في هذه الحالة) للمسلمين (اللاعب محمد صلاح)، وإذا كنا على قناعة بأن راموس تعمد إصابة صلاح، فهل كان ذلك بسبب أن راموس لاعب قتالي خشن، وهو بالفعل كذلك، لأن عدد الكروت الحمراء، التي حصل عليها خلال مسيرته الرياضية، يتجاوز عدد المرات، التي هدد فيها حسن نصرالله إسرائيل، أم أن تعمد الإصابة كان وراءه أسباب أخرى، غير طبيعة راموس الخشنة، وهنا أعيدكم إلى ما كتبته في المقال الماضي، عن اللاعب الأسطوري، مايكل جوردان، وإشارتي في ذلك المقال إلى أن الرياضة بالنسبة لنا، نحن المشاهدين، لعبة مسلية وبريئة، ولكنها قد لا تكون كذلك للقائمين عليها، إذ هي استثمارات ضخمة، تدر المليارات، وفوز فريق أو خسارته، تعني ربح مئات الملايين أو خسارتها، فهل اتضح لكم المقصود؟!

* نقلا عن "الجزيرة"