أحمد الفراج يكتب:

الكونجرس الأمريكي!

حدثت في ثلاثة مقالات سابقة، عن أسباب تعديل الدستور الأمريكي، بخصوص تحديد فترة حكم الرئيس الأمريكي وقصرها على فترتين (8 سنوات)، وإذا كانت هذه الإشكالية قد تم حلّها، فإن فترة الخدمة في الكونجرس الأمريكي مفتوحة، وهو أمر تعارضه نسبة لا بأس بها من الناخبين الأمريكيين، وقبل أن نشرع في تفصيل ذلك، يحسن أن نذكر أن الكونجرس الأمريكي يتكون من مجلسين، أولهما مجلس النواب، وعدد أعضائه 435، والتمثيل في هذا المجلس يكون بالنسبة والتناسب، حسب عدد سكان كل ولاية، فولاية كاليفورنيا الكبيرة، يمثّلها 53 عضواً، وولاية تكساس يمثّلها 36 عضواً، وولاية نيويورك يمثّلها 27 عضواً، أما الولايات الصغيرة، مثل فيرمونت وديلاوير، فيمثّل كل منهما عضو واحد فقط، وبين الولايات الكبيرة والصغيرة، هناك ولايات الوسط، مثل بنسلفانيا (18 عضواً)، وميتشجان (14 عضواً)، وولاية أوهايو ( 16 عضواً)، وهكذا.

هذا بالنسبة لمجلس النواب، أما مجلس الشيوخ، وهو المجلس الأقوى تاريخياً، فهو يتكون من 100 عضو، ويمثّل كل ولاية من الولايات الخمسين عضوان، تتساوى في ذلك ولاية كاليفورنيا (عدد سكانها أكثر من 37 مليوناً)، مع ولاية وايومنق ( عدد سكانها حوالي ستمائة ألف)، وبالمناسبة، ولاية وايومنق الصغيرة جداً، هي الولاية التي جاء منها أشهر وأقوى نائب رئيس أمريكي، باتفاق كل المعلّقين تقريباً، أي ديك تشيني، نائب الرئيس بوش الابن، ووزير دفاع بوش الأب، أثناء حرب تحرير الكويت، وكانت فكرة الآباء المؤسسين لأمريكا، قبل أكثر من قرنين من الزمان، أن تكون هناك عدالة في التمثيل بين الولايات، بغض النظر عن الحجم وعدد السكان، وهذا أمر مهم، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالانتخابات الرئاسية، التي يكون حسمها عن طريق المندوبين، وبالتالي يتوجب أن تشترك كل الولايات في حسم ذلك.

يتم انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب كل سنتين (فترة الخدمة بالمجلس سنتين)، أما مجلس الشيوخ، فإن الفائز بعضويته يخدم لمدة ست سنوات، وعلى العكس من مجلس النواب، فإن أعضاء هذا المجلس لا يترشحون لإعادة الانتخاب في ذات الوقت، بل يترشح ثلث الأعضاء كل سنتين، ففي الانتخابات النصفية القادمة، في شهر نوفمبر 2018، سيترشح كل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (33 عضواً)، ولأنه لا يوجد تحديد للفترة التي يمضيها عضو الكونجرس، إذ بإمكانه الترشح مدى الحياة، فقد حصلت إشكالات كبيرة، تسببت بالتكلّس لدى بعض الأعضاء، والتباطؤ في الإنجاز، لأن كثيراً من الأعضاء يستمرئ البقاء، والمميزات العالية التي يحصل عليها، والظهور الإعلامي، فالحضور في واشنطن له وهج خاص، وجاذبية عظيمة، والحديث في هذا ذي شجون، وسنستكمله في مقال مستقل!

نقلاً عن "الجزيرة"