مشعل السديري يكتب:
عقولنا ليست عقول عصافير
شيخان جليلان، وفي بعض طروحاتهما مقدار كبير من المنطق والعقلانية التي أحترمها وقد أعجب بها... غير أنهما كباقي البشر لا يخلوان من «الهنات»، إن جاز التعبير.
الأول شيخ سلفي هو عبد الله القرني، والثاني شيخ صوفي هو الحبيب الجفري.
ففي مقطع من محاضرة للشيخ عبد الله يقول: حدث في سنة من السنوات فيضان عظيم في نهر النيل فأغرق الحرث والنسل ودمر البيوت، فكتب عمرو بن العاص يستنجد بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب عما يفعل، فما كان من عمر إلاّ أن كتب له خطاباً طلب منه أن يلقيه في نهر النيل، وجاء في نصه «من عمر بن الخطاب إلى نهر النيل، إن كنت تجري بأمرك فاجرِ كما شئت، وإن كنت تجري بأمر الله، فإني أعيذك باسم الله ألاّ تطغى على عباد الله». وما إن رمى عمرو الرسالة في النهر حتى انخفضت وغارت مياهه فجأة – انتهى.
كيف أوفِّق بين هذه الرواية، وبين مَن طلبوا مَن رسول الله أن يفجر لهم ينبوعاً، فقال لهم: «هل كنت إلاّ بشراً رسولا»؟!
وفي رواية أخرى أن عمر، رضي الله عنه، صاح من على المنبر وهو في المدينة قائلاً: «يا سارية الجبل، يا سارية الجبل»، فسمع صيحته القائد سارية الهذلي، وهو يقاتل في بلاد فارس على بُعد أكثر من 2000 كيلومتر، ولجأ إلى الجبل فتبدَّل سير المعركة لصالح المسلمين!
الصحابة، رضي الله عنهم، لهم مكانتهم وتقديرهم، ولكن مثل هذه الروايات وغيرها، تعد من المعجزات التي خص بها الله تعالى الأنبياء وحدهم، فكيف نخلط الأمور بالمبالغات التي تشبه الخرافات؟!
أما الشيخ الحبيب فقد قال: إنني سمعت أغنية «أمل حياتي» لأم كلثوم خلال ركوبي «الميني باص» في القاهرة، وأُعجبت بها، فذهبت إلى مؤلفها أحمد شفيق كامل، أسأله عن كلماتها، فقال لي «إنها قصيدة حب كتبتها في رسول الله»، وبعدها كلما سمعتها أبكي بكاءً شديداً(!) – انتهى.
يا حبيبنا الجفري هوّن عليك يا رعاك الله، يبدو أن مؤلف الأغنية قد «سرح» بك كثيراً لا قليلاً، والرسول عليه الصلاة والسلام أكرم من أن يُكتب ويُتغنى به بمثل هذه الكلمات التي منها:
الليالي الحلوة والشوق والمحبة - من زمان والقلب شايلهم عشانك - دوق معايا الحب دوق حبة حبة
يا أحلى غنوة سمعها قلبي ولا تتنسيش - خلّيني جنبك خلّيني - في حضن قلبك خلّيني –انتهى.
اعطفوا علينا أيها المشايخ الكرام، ارحمونا من «التهاويل»، فعقولنا ليست عقول عصافير.