أحمد الفراج يكتب:
الخلايا تعزل ترمب!
كنت أُمنِّي النفس بإجازة من تطبيق تويتر الموقر حتى بداية شهر سبتمبر. هذا، ولكني قطعت هذه الإجازة، بعدما تنادى خصوم المملكة، والذين يخاصمون أمريكا حالياً بسببها، وبدؤوا ببث الإشاعات المضللة حول الشأن الأمريكي، فما إن اعترف أحد محامي الرئيس ترمب ببعض المخالفات، حتى بشّر هؤلاء بقرب عزل ترمب! ولا يراودني شك في أن معظم هؤلاء لا يعرفون حتى اشتراطات العزل في الدستور الأمريكي، ولا تبعات ذلك على الحزب الجمهوري العريق أولاً، وعلى الجمهورية الأمريكية تالياً، وهي الجمهورية، التي تحكم هذا العالم الواسع الذي نعيش فيه، ولو كان هؤلاء من فصيلة الجهّال لهان الأمر، ولكن منهم من يحمل أعلى الشهادات العلمية، ومن أمريكا ذاتها، وبالتالي فهم يضلّلون الرأي العام مع سبق الإصرار والترصد، مقابل الأصفر الرنان، أو تماشياً مع أيدولوجيا الإسلام السياسي، التي تعتبر ترمب ألدّ وأشرس خصومها.
خلال التاريخ السياسي لأمريكا، لم يَنجُ رئيس واحد من الملاحقات، فقد تأسست هذه الإمبراطورية الاستثنائية على أهمية الرأي الحر، الذي يمثّله الإعلام، ولولا مثل هذا التقصّي والملاحقة، لما صار للإعلام قيمة، ويعرف كل سياسي أمريكي أنه هدف للإعلام، مهما كانت مؤهلاته ومواقفه، ولك أن تتخيل أن أعظم رؤساء أمريكا، جورج واشنطن وإبراهام لينكولن وفرانكلين روزفلت، عانوا الأمرّين من النقد والملاحقات، ومن يمكن أن ينسى ملاحقات الإعلام للرئيس الشاب، جون كينيدي، واتهاماته بإقامة علاقة غير شرعية مع ممثلة الإغراء الأشهر، مارلين مونرو، ومن لا يتذكر الإعلامي الشهير، سام دانلسون، وأسئلته المحرجة للرئيس رونالد ريجان، وكذلك اتهامات الإعلام للرئيس جورج بوش الأب بأنه «ناعم»، ما جعله يستميت في إثبات أنه قائد عسكري فذ، خلال حرب تحرير الكويت!
فإذا كان النقد والتمحيص قد لاحق الرؤساء الكبار، جورج واشنطن وإبراهام لينكولن، في ذلك الزمن السحيق، فما بالك في يومنا هذا، مع سطوة الإعلام الجديد، ومع وجود رئيس نرجسي وعنيد مثل ترمب، يعشق التحدي، ولا يكترث بأحد، وعوداً على النقطة الأهم أتساءل: «كيف تفوت طبيعة علاقة الإعلام مع الساسة في أمريكا على معلّق سياسي، يفترض أنه يفهم أبجديات هذه العلاقة الناريّة، وكيف يغامر هذا المعلق، ويضلل الجمهور، زاعماً أن ترمب بدع من الرؤساء، وأن هجوم الإعلام عليه أمر طارئ؟!»، ثم يتجاوز هذا المعلق المدفوع الثمن، ويتنبأ بقرب عزل ترمب، وكأن العزل أمر روتيني يتم بين الفينة والأخرى! ولأن الأمر قد جاوز الحدّ، فسيكون موضوع المقال القادم عن الاشتراطات الصعبة لإجراءات «العزل» في الدستور الأمريكي، لأن للمتابع الحق في أن يعرف تفاصيل ذلك، ثم يحكم بنفسه على مصير الرئيس ترمب!
نقلاً عن "الجزيرة"