منى بوسمرة تكتب:
تقارير دولية مغلوطة
تتسم بعض التقارير الصادرة عن منظمات تابعة للأمم المتحدة بنقص المعلومات وفقدانها للتوازن والحياد المطلوب تجاه القضايا الدولية، بسبب تدخلات الخبراء والدول في هذه التقارير، والسعي لحرف اتجاهاتها خدمةً لهذا الطرف أو ذاك، بما يمس أسس عمل الأمم المتحدة ومنظماتها.
لقد تم التحذير مراراً من هذه المسألة، وفي ملف اليمن تحديداً لمست أطراف كثيرة وجود حالة اختلال يتعمدها الخبراء، بحيث تصدر هذه التقارير في نتائجها وخلاصاتها ضد دول بعينها، ولصالح أطراف إقليمية أو حتى ميليشيات تقاتل على الأرض.
وقد كان لافتاً للانتباه أن بعض المنظمات الدولية، وتحديداً مجلس حقوق الإنسان، قد تبنى روايات الانقلابيين في اليمن من دون أدنى تدقيق، بسبب سيطرة ميليشيا الحوثي على المستشفيات وتقاريرها، وعلى المصادر التي تزوّد هذه المنظمات وغيرها من دول بالمعلومات، فتختار ما تريد وتخفي ما تريد من حقائق، ولهذا يأتي أغلب هذه التقارير منقوص القيمة مختل التوازن منحازاً لطرف دون آخر.
هذه المغالطات كانت وراء وقفة دول عربية، أبرزها الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر، في التصويت الأخير بمجلس حقوق الإنسان، تجاه القرار الذي تبنّته مجموعة دول غربية حول اليمن، فغياب التوازن عن هذه القرارات من شأنه أن يؤدي إلى آثار مستقبلية سلبية بالنسبة إلى هذه المنظمات.
وهو الأمر الذي أكده معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، قائلاً: «قرار مجلس حقوق الإنسان حول اليمن جاء منقسماً، وانتفى عنه الإجماع التقليدي، ويعود ذلك للتقرير غير المتوازن والمغالطات المنهجية، وللأسف لم تنجح محاولات المجموعة العربية للوصول للإجماع، والمحصلة أن أي تقارير مستقبلية ستكون خلافية ومن طرف واحد».
الانقسام الواضح الذي ظهر أثناء اعتماد مجلس حقوق الإنسان القرار المقدم من مجموعة من الدول الغربية، الذي تم تمريره بموافقة أقل من نصف أعضاء المجلس، جاء نتيجة أنه لم يؤسّس على موافقة الدولة المعنية ذاتها، وبما لا يحترم الحق السيادي لها، في إبداء موافقتها على التعاون مع القرارات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أوضاع حقوق الإنسان على أراضيها.
وذلك على الرغم من الحرص والتعاون اللذين أبداهما وفد اليمن ووفود الدول المعنية، للوصول إلى صيغة توافقية تعكس وحدة المجتمع الدولي تجاه الوضع في اليمن، وبما يضمن التعاون الكامل من الحكومة الشرعية لتنفيذ ما يتضمنه القرار.
لقد آن الأوان أن تتخلى المنظمات الدولية عن الموقف المسبق، وأن تدقق جيداً في المعلومات والروايات التي تعتمدها لبلورة قراراتها من قضايا مثل اليمن، خصوصاً أن الدول ذات الصلة بما يحدث، إضافة إلى الحكومة الشرعية، أثبتت مراراً زيف هذه المعلومات، وعدم دقتها من جهة، ووجود اختلال في التوصيات والمعالجات لمثل هذه الملفات الحساسة.
كما أن الاهتمام برؤية بقية الأطراف وتفسيرها لما يجري أمر مهم جداً، حتى من ناحية تعاون هذه الدول لاحقاً مع الأمم المتحدة ومنظماتها في مختلف القضايا، أو في المناطق التي تشهد نزاعات أو أزمات أو حروباً، وبدون هذه الروح المتزنة، تتحول هذه المنظمات إلى أداة يتم توظيفها لمصلحة ادعاءات مغلوطة لبعض الأطراف من دون رؤية أشمل للحقيقة.