د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
عدن خلف الستار الحديدي ..مناجاة 2 - 5
عندما اختطفك الرفاق يا عدن .. يا سليلة الملوك وابنة التاريخ الذي وضع غاره و إكليله على هامة ..جبل شمسان ..!!
ودار عليك الزمن الردئ.. وباعك سماسرة الشعارات الكاذبة من غير أهلك .. وظلوا يصرخون في الشوارع بالخطابات الثورية..حتى بحت أصواتهم وهم يخاطبون أبنائك وكل الجنوب بمفردات ومصطلحات دخيلة..وثقافة غريبة لا يعرفونها ولا يفهمونها .. !!
لم نكن نعرف إلا لهجاتنا الدارجة البسيطة ..ولغتنا العربية الفصحى ، التي كان ينسجها لنا النخبة المثقفة أمثال : الشاعر لطفي جعفر أمان .. والدكتور محمد عبده غانم.. والأستاذ المحامي محمد علي لقمان.. وباشراحيل.. وبازرعه.. والصحفي أحمد شريف الرفاعي.. وغيرهم كثيرون كانوا يتغنون فيك شعرا ونثرا..وعندما غدر بنا الزمان اتضح لنا أن استقلالنا لم يكن إلا وهما وسرابا .. وسرعان ما اكتشفنا أنهم
باعوك للغرباء والسماسرة وهم قوم دخلاء ،أغراب .. أجلاف بيض البشرة ، زرق العيون، شقر الشعر، جاءوا من أصقاع سيبيريا.. لم يجلبوا لنا غير السلاح..والفودكا يدمرون بها كل فضيلة وحياة مستقيمة !!
لا توجد في قواميسهم كلمات التسامح، الرحمة، الشفقة، المحبة،ولا يعترفون بالقرآن والإنجيل وهم كفرة ملحدون.
قتلوا العلماء في محاريب الصلاة ..وسحلوهم في الشوارع .. وطاردوا كل حر شريف من أبنائك ..ولديهم مفردات معاكسة لكل فضيلة مثل: الفساد، القتل، الإجرام، الرذيلة والفجور !! وينشرون أدواتها معها مثل: الخمر، والموبقات والسطو والنهب على ممتلكات الناس !!
جثموا عليك يا عدن.. أسقوك المر والعلقم، وأخرجوا صنائعهم وذيولهم من الرعاع والأوباش والأوغاد .. يرقصون ويطبلون في الساحات والشوارع ويرفعون شعارات الماركسية – البروليتاريا- الصراع الطبقي – واستباحوا أرواح الناس وأموالهم،و أعراضهم!....
وترافقت تلك المسيرات الصاخبة بالقتل بالرصاص و بالفؤوس التي تقطف الأعناق وتزهق الأرواح تطبيقا لفكر عرابيهم وأسيادهم الجدد!!
نشروا الفتن والرذائل، الحقد والموت والكراهية وحملوها معهم ونقلوها أينما حلوا!!.
طاردوا الشرفاء والكفاءات وقتلوا شجعانك وفرسانك وأصحاب الرأي والفكر من أبنائك.. وتركوك يا عدن تنزفين وتبكين وتتألمين وأنت تشاهدين أبناء الجنوب يتساقطون كأوراق الخريف برصاص الغدر، ويذوون في السجون كما تذوي الزهور والزنابق ،ويشيخون وهم في عز الشباب من القهر والمعاناة تحت وطأة التعذيب .. في جبل حديد.. وسجن مربط ..والمنصورة..وتحولت بلادنا كلها من المهرة حتى باب المندب إلى سجن كبير!!
ويخرج السجانون ضحاياهم ليلا.. ويحصدون رؤوسهم بالفؤوس والرصاص.. ويخنقونهم بالحبال في الجبال والشعاب والآبار المهجورة وشواطئ بحر العرب ويتركون البعض منهم في العراء أما أغلبهم تختفى جثامينهم عمدا لنشر الرعب في نفوس المواطنين العزل في كل مكان!!
اغتالوا قياداتك.. رؤساء نقاباتك.. أدواتهم الحقد والكراهية والتجسس على الناس في منازلهم يحصون أنفاسهم بواسطة جواسيسهم وكلابهم وقططهم... والأوغاد التابعين لهم..!!
رملوا نسائك يا عدن ..ويتموا أطفال الجنوب من المهرة حتى باب المندب.. هاجر السكان والنحل والطيور والأفاعي والحيوانات !!
شاخت الأشجار وذوت حزنا عليك يا وطني العزيز .. وبكت الشموع وانطفأت المصابيح ..وخلت الساحات وجف الزرع والضرع .. وبقيت وحدك تنزفين وتنتحبين يا عدن وأنت تحاولين أن تخاطبي الزمان الذي عشت فيه أمجادك وأحلامك وتطلبين عودته و تبكين زمانك الذي ولى .. ولكن هيهات للزمان أن يعود ... لقد تخلى عنك الجميع وتشتت أبناؤك في أصقاع الأرض ..وبقيت وحيدة سجينة مكبلة أسيرة بقيود الذل والهوان.. تلتحفين هجير الحقد .. وتحرق جمالك نار.. الكراهية التي نشروا سمومها في كل شبر فيك !!
وتحولت قراك ومدنك إلى مأوى للجن والأشباح وميناؤك الشهير إلى وكر للبوم والعناكب والغربان !!
د.علوي عمر بن فريد