د. محمد أبو سمره يكتب لـ(اليوم الثامن):
العدو الصهيوني يستنزف الفلسطينيين
أعلن الجيش الصهيوني أنَّه أنهى بناء الحاجز الإسمنتي على طول ( الخط الأزرق ) ، أي الحدود الفلسطينية اللبنانية ، ومن الواضح أنَّ الجنرال غادي أيزنكوت / رئيس أركان العدو ، معني في نهاية عمله في هذا المنصب الهام، بإنهاء المشاريع الكبيرة التي بدأ العمل عليها في ولايته، وجعل الجيش الصهيوني في أقصى درجات التأهب والإستعداد لكافة احتمالات التصعيد والحرب ، سواء أكانت في الشمال على الجبهتين اللبنانية والسورية ، أوعلى جبهة قطاع غزة ، أو على الجبهتين (المُفترضتين ) البعيدتين جداً: إيران والعراق ، أو لمواجهة الحرب على أكثر من جبهة في آنٍ واحد.
ومع نهاية السنة العبرية الماضية ، واحتفال الكيان الصهيوني بالسنة العبرية الجديدة ، أجرى بعض الخبراء الصهاينة الأمنيين والعسكريين والإستراتيجيين تقييماً ومراجعة لما تم تحقيقه من انجازات أمنية وعسكرية وسياسية في العام الماضي ، وللتوقعات والتحديات الأمنية والعسكرية للعدو الصهيوني ، في العام العبري الجديد.
وجرت العادة مع اقتراب الأعياد اليهودية في كل عام ، أن تُصدر الجهات الأمنية والعسكرية الصهيونية ( تقديرات موقف) حول طبيعة التهديدات والمخاطر المحيطة بالكيان الصهيوني ، وظهر واضحاً أنَّ تعدُّد جهات التهديد في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، لها ما بعدها من تبعاتٍ وآثار داخلية على مستوى إدارة الحكم في الكيان الصهيوني من جهة، ومنح الجيش هامشاً أوسع في مستويات صنع القرار من جهة ثانية، وخارجية على مستوى تكبيد خصوم الكيان الصهيوني اللدودين، دروساً مكلفة وباهظة، وفي ضوء هذه المعطيات والتطورات والتهديدات ، فقد دأبت المؤسسة العسكرية على عقد اجتماعات دورية، سرية وعلنية، يمكن أن يُستَشف منها كلام كثير ومهم وخطير في آنٍ واحد، على سبيل المثال:
1ــــــ ستكون السنة العبرية الحالية مليئة بالتحديات الأمنية والعسكرية.
2ـــــ على الجيش أن يكون على أتم الاستعداد لذلك.
3ـــــ عرض خطط العمل للسنة الحالية بالتطرق لاستخلاصات نتائج الحروب السابقة.
ومن المعتاد أن يُجري الجيش الصهيوني بين الحين والآخر ( دراسة مهنية ) حول : ( الوضع الاستراتيجي للدولة العبرية)، وكذلك حول انتشار قواته العسكرية، لا سيما وأنَّ الوضع الحالي للجيش الصهيوني مختلف قبل عشر سنين، عندما كانت الدولة العبرية في ظرفٍ آخر فيما يتعلق بالفلسطينيين، وتناولت النقاشات التي دارت بين كبار ضباط هيئة الأركان الصهيونية ، الخيارات العسكرية المتعددة التي تواجهها الدولة العبرية في المنطقة، وفي أكثر من عاصمة، مما أدي ببعض كبار المحللين العسكريين والأمنيين الصهاينة ، للقول أنَّ : ( تزاحم هذه الخيارات قد يجعل حكام تل أبيب يغضون النظر عن خيارات، ويلجأون لأخرى، على النحو الذي جعل كبار الجنرالات والساسة يقفون أمام واحدة من عمليات المُفَاضَلة بين الخيارات الأكثر إرباكاً في التاريخ السياسي العسكري الأمني الإسرائيلي ، وتعتقد "إسرائيل" أنَّ أي مواجهة حربية تمتد على عدة جبهات معاً، أو أي منها، قد لا تتوقف تبعاتها الجيوـــــ سياسية عند حدود خط المواجهات المذكورة، بل قد تصل الضربات هذه المرة لعمق "إسرائيل" الحيوي، وربما يصل الموقف لفتح جبهة خامسة في الضفة الغربية، قد تكون الأكثر خطورة على أمن "إسرائيل" بسبب قدرة العناصر المُسلَّحة الموجودة في الضفة على الوصول ضمن فترة وجيزة إلى أي مكان في العمق الإسرائيلي) ، وأوضح هؤلاء الخبراء الصهاينة ، أنَّ : ( الأنظمة العربية التي ظلت تتعاون حالياً مع "إسرائيل" ضمن ما يُعرَف بـ"المعتدلين العرب"، ستتعرض للمزيد من السخط، وربما الانهيار السياسي، وقد تتضرر الجهود الأمريكية الإسرائيلية، وقد تزداد عزلتهما في الشرق الأوسط). وأضافوا بالقول : ( في نفس الوقت ترى الأوساط الأمنية الصهيونية ، أنَّ الظرف العسكري الأكثر دقة في هذه المنطقة المشتعلة، يحتم على الدولة أن تسعى لوضع جدول أولويات عسكرية يمكنها من تحقيق مطالبها الأمنية).
وفي ظل طبيعة وإمكانيات وقدرات الجبهات الأربع، حماس وحزب الله وسوريا وإيران، فقد أجمَعَ الخبراء العسكريون الصهاينة ، على :( خطورة التهديد الاستراتيجي الذي تشكله هذه الجبهات على إسرائيل، بالنظر لضخامة التبعات التي قد تترتب على أي مواجهة مع مختلف الأطراف ، مع إمكانية أن تخرج الأمور عن النص، وأن يكسر أي من أطراف المواجهة قواعد اللعبة، مع أن تل أبيب بادرت لكسرها عبر عمليات القصف في مختلف الجبهات ) ، وتُشكِّل مثل هذه التقديرات الإستراتيجية قراءة لأبرز التهديدات الأمنية والعسكرية التي تواجهها الدولة العبرية ، مع ترجيحٍ متوقع من الخبراء الصهاينة ، لـــ : (إمكانية خوص الجيش الإسرائيلي مواجهة عسكرية ضارية، سواء في أزقة غزة، أو قلب جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت ، أو على مرتفعات الجولان، أو عبر ضربة جوية "بسرعة البرق" نحو المفاعلات النووية الإيرانية في بوشهر وأصفهان!).
ومَن يقرأ آراء وتحليلات الخبراء والمراقبين والمحللين العسكريين والأمنيين والإستراتجيين الصهاينة ، يكتشف بعض آليات السياسة الصهيونية، وهذه الآليات هي جزءٌ من المخطط الصهيوني، من أجل إستنزاف القضية الفلسطينية، وتفكيك مقوماتها ومبادئها الأيديولوجية، والسعي الصهيوني الحثيث والدؤوب لتحويلها من قضية فلسطينية /عربية /إسلامية / إنسانية / مركزية وعالمية، إلى قضية فرعية حياتية، تهم فقط الفلسطينيين والمحتلين الصهاينة ، أما المخطط الصهيوني الآخر الأشد خطورة ، فهو تجريد القضية الفلسطينية من بُعدها العربي والإسلامي بذكاءٍ شديد، وذلك بنزعِ قداستها من أذهان العرب والمسلمين ، باستخدام مناكفات ومصائب ومؤثرات الانقسام الفلسطيني الأسود ، والعمل على تشويه صورة النضال والمناضلين الفلسطينيين الوطنيين، وللأسف الشديد هذا ما جرى بالفعل!!.. الأمر الذي جعل الكثير من الجماهير والشعوب والأنظمة العربية والإسلامية يندمون على دعمهم للقضية الفلسطينية، ولم يُفلح الفلسطينيون في إعادة ضبط البُعد المركزي الإسلامي والعربي والإنساني والدولي لقضية فلسطين، بسبب إستمرار الإنقسان الفلسطيني البغيض ، الذي تسبب في جعل الصورة مُلتَبَسَة وغير واضحة لدى الكثير من الناس ...
أما غزة، فقد أصبحت حكايتها تراجيديا فلسطينية إنسانية من نوعٍ خاص ، في ظل إستمرار الحصار الصهيوني الظالم لها للعام الثاني عشر على التوالي ، وكذلك إستمرار الإنقسام الفلسطيني البغيض وعزلها عن الجزء الآخر من النظام السياسي الفلسطيني ، وعن الضفة والقدس والمناطق المحتلة عام 1948 ، وعندما حاولت غزة لفت أنظار العالم للظلم والحصار الصهيوني الواقع عليها ، ولوضعها المأساوي الكارثي من خلال مسيرات العودة وفك الحصار التي انطلقت يوم 30/3/2018 ، عبَّرَت الدولة العبرية عن إستيائها وغضبها الشديد من المسيرات الشعبية السلمية ، وخاصة بعد التسبب لها بالحرج الشديد أمام الرأي العام الدولي والغربي ، واستنكار وشجب المنظمات الدولية ، والكثير من دول العالم لقتل المواطنيين الفلسطينيين الأبرياء العُزَّل ، من النساء والشبان والأطفال والفتيات والمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة والمسعفين والممرضين والصحافيين أمام كاميرات التلفزة ومختلف وسائل الإعلام ، وكذلك جلبها لتعاطف الأشقاء العرب والمسلمين ، والكثير من أنصار ومؤيدي القضية الفلسطينية ، لذا فإنَّ العدو الصهيوني سَعَى منذ اليوم الأول لتحويل هذه المسيرات الشعبية السلمية إلى ( مسيرة حربية) ، ومحاولة جرها نحو ( العَسكَرَة ، والعنف الفلسطيني بمختلف أنواعه ) لتعزيز النظرية الصهيونية بـ : ( بقاء غزة في خانة الإرهاب ) ، فأمعنوا في القتل والإصابات والتسبب بأكبر عدد ممكن من الإعاقات الكليَّة أو الطرفية للمصابين ، والهدف الواضح والصريح والمكشوف ، هو جر الفلسطينيين ، نحو الرد العنيف، ولذلك شرع جنود العدو الصهيوني بالقنص، وإطلاق الصواريخ، ومطاردة المتظاهرين السلميين بالطائرات ـــ بدون طيار ــــ ، واستهداف المدنيين العُزَّل الأبرياء ، ودون أن تكون تظاهراتهم ومسيراتهم وفاعلياتهم السلمية ، تُشكِّل أي خطر مباشر على جنودالعدو وقطعان المستوطنين!!!...
وكان ضرورياً أن تُبرمَج هذه الهبة الشعبية وفق المفهوم السالف، ووفق الحنكة السياسية، وأن يُحتفظ بها ورقة ضغط شعبية سلمية، وأن تُجنَّب أيَّ فعل أو رد فعل يجعل الدولة العبرية قادرة على توظيفه ليدعم مزاعمها الكاذبة ، لكي تُهزَم مؤامرتُها، وأن يجتهد الفلسطينيون والتجاوب مع الجهودالمصرية لتقوية الصف الفلسطيني ، وتحقيق المصالحة ، وإنهاء الانقسام، وتعزيز الجبهة الفلسطينية ، وإنَّ أبرز أعراض نقص الخبرة الدبلوماسية والسياسية الفلسطينية ، سيجعل القضية الفلسطينية إحدى البضائع الثانوية في سلَّةِ ( صفقة القرن) ، قد نحملها بأيدينا مُنوَّمين إلى حيثُ سيجري شطرُها نصفَيْنِ!!
*****
ـ تقديرات وتقييمات صهيونيةللمخاطروالتحديات،التي تهدد بالكيان الصهيوني :
تناقلت وسائل الإعلام الصهيونية الكثير من (المواقف والتحليلات وتقديرات الموقف) لبعض هؤلاء الخبراء ، ونورد هنا بعض ماتم نشره ، في الصحف والمواقع الإخبارية والبحثية العبرية ، من هذه التقييمات والتقديرات الصهيونية :
1ــــ تحدث الكاتب والمحلل الصهيوني أفيد كلينبرغ في مقاله الذي نشره في صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) الصهيونية بتاريخ 11/8/2018 ، عن عدم امكانية التسوية والتهدئة مع حركة حماس ، فقال إنَّ: ( إسرائيل ليست معنية بتسوية مع غزة لسببيْنِ: الأول، لأنَّها بعقدها صفقة تهدئة مع غزة، فإنها تنتقص من صيغة، إسرائيل القوية، المنيعة، القادرة على هزيمة دول المحيط!، فكيف تعقد إتفاقاً مع حركة إرهابية؟! الثاني: أية تسوية مع غزة ستثير أزمةً داخل حكومة نتنياهو، لذا، فإنَّ حكومة إسرائيل ملتزمة بسياسة الأمر الواقع، أي: إبقاء غزة "إرهابية" محكومة بحماس ، كحزبٍ "إرهابي"، يهدف لتدمير إسرائيل! فإذا عُقدتْ هدنةٌ معها، فإن صيغة الإرهاب ستزول، مما يجعل محاصرتها وإغلاق معابرها عملا غيرَ مُبرَّرٍ) ، وأضاف الكاتب ، بالقول : ( حماس، قوية جداً في غزة، والسلطة ضعيفة جداً في رام الله، هذا الصورة هي الأفضل لاستمرار البناء الاستيطاني!! ، فالحالة الراهنة هي أفضل الحالات لجني الأرباح، لذلك، لا نيَّة لحكومة نتنياهو أن تهزم حماس، وتشعل حربا جديدة!! ، والحالة المُريحة، هي كيانان منفصلان متصارعان)، ويتساءل، أفيد كلينبرغ السؤال الأهم، والذي يجري تطبيقُه اليوم: (كيف نُساعد غزة على الحياة، بدون أن نقوِّي حركة حماس، أي بتقليل الأزمة الإنسانية؟)، فأجاب على هذا السؤال بالقول : (يمكن تحقيق ذلك ببناء جزيرة، أو ميناء تحت مراقبة إسرائيل )..
2ـــ توقع المستشار السابق للشؤون العربية لدى بعض رؤساء حكومات العدو ، والخبير الأمني الصهيوني المستشار عاموس غلبوع في مقاله الذي نشره يوم السبت 8/9/2018 ، على ( موقع نيوزون ) الصهيوني ، أن تشهد : (السنة اليهودية الجديدة تطورات إسرائيلية واضحة في المستويين الأمني والعسكري، أهمها أنَّ إسرائيل لم يتم استدراجها إلى أي مغامرات عسكرية) ، وأكد أنَّ :( مراهنة إسرائيل على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ثبت نجاحها، لكننا فشلنا في التعامل مع ظاهرة الحرائق في غلاف غزة ، وخلاصة السنة اليهودية الماضية من الناحية الأمنية يعطيها تقييماً إيجابياً، لكن الإنجاز الأهم أنَّ إسرائيل لم تتورط في حروب أو أنصاف حروب، ولم تُصَب بالجنون، رغم أن فرصاً مهمة ليست هينة توفرت أمامها في الجبهتين الشمالية والجنوبية، والعديد من المحللين طالبوها بالخروج لتلك الحرب التدميرية) ، وأوضح قائلاً إنَّ : ( إسرائيل نجحت في عدم الانزلاق للحرب التي تشهدها سوريا، رغم الإغراءات التي قدمت أمامها، لكننا في الوقت نفسه حافظنا على مصالحنا هناك، ومنعنا قيام تواجد إيراني من خلال قواعد عسكرية في الأراضي السورية من خلال تفاهمات سياسية وعسكرية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما منحنا حرية الحركة العملياتية داخل الأجواء السورية) ، وأضاف : ( شهدت الضفة الغربية تراجعاً ملحوظاً في حجم العمليات المسلحة بمختلف أنواعها: الطعن وإطلاق النار وعمليات الدعس، ومن أصل 171 عملية وهجوم شهده العام 2016، فقد تراجع العدد إلى 82 في 2017، ووصل العدد حتى سبتمبر 2018 إلى 28 هجوماً فقط، وهذا يعني أننا أمام إنجاز دراماتيكي ، وهذا الإنجاز الأمني في الضفة تزداد أهميته إذا أخذنا بعين الاعتبار أننا نعيش مرحلة حساسة وحرجة، أعقبت اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة إليها، فيما تواصل فيه حماس تفعيل المسيرات على طول الحدود مع غزة، ودعت لتنفيذ هجمات وعمليات، وكثير من الإسرائيليين والعالم توقعوا اندلاع انتفاضة فلسطينية، وحذروا منها ) ، وأوضح أنَّه : ( تركزت الأزمة الأمنية في قطاع غزة، لكننا استطعنا استيعابها مع قتيل إسرائيلي واحد، و لم تنجح جميع محاولات حماس لاجتياز واختراق الجدار الحدودي ، ومع ذلك فقد فشلنا في مواجهة الطائرات الورقية المشتعلة، واندلاع سلسلة الحرائق في مستوطنات غلاف غزة، ويمكن البحث عن كثير من الإنجازات في الجبهة الغزية بالذات، كأن لم يقع قتلى إسرائيليون، وأنَّ الحديث يدور عن حرائق زراعية وليس عمليات إطلاق نار، وهي وسيلة صبيانية ووجود رادع أخلاقي منعنا من إطلاق النار على من يستخدم هذه الطائرات ) ..
3ــــ توقع الجنرال المتقاعد أمير بوخبوط الخبير العسكري الصهيوني في مقالٍ له ، نشره يوم السبت 8/9/ 2018 موقع (واللا) العبري الإخباري ، أن: ( تفسح حماس المجال لمزيدٍ من التصعيد العسكري على حدود غزة ، بعد أن شعرت أن ظهرها بات للحائط، في ظل فشل المصالحة مع السلطة الفلسطينية ) ، وأكد أنَّ : ( الحدود اللبنانية تشهد هدوءً غير مسبوق، رغم أنَّ المخاطرة الحقيقية القادمة من الجبهة اللبنانية، تتمثل في كمية ونوعية الترسانة الصاروخية التي يحوزها حزب الله، لكن التقديرات الإسرائيلية تؤكد أنَّ هذه الترسانة سيتم تشغيلها وتوجيهها نحو إسرائيل بقرارات وتعليمات قادمة من طهران ، وأنَّ "استخدامها وإخراجها من مخازنها مرهون بالعلاقة الإسرائيلية الإيرانية، وستكون ساعة الصفر لتوجيهها، في الوقت الذي تستهدف فيه إسرائيل القواعد الإيرانية في قلب طهران) ، واعتبر أنَّ : (إسرائيل خذلت سكانها ، واعترفت بانتهاك سيادتها في غزة ، مما يعني وجود بقعة سوداء في ثوب الانجازات الأمنية للعام الحالي ، رغم وجود انفتاح إيجابي تحت الأرض في العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج، خاصة السعودية، وتعاون أمني مع مصر لمواجهة داعش في سيناء).
4ــــ رأى أمير بوحبوط في مقالٍ آخر ، نشره على موقع ( واللا) الصهيوني ، صباح يوم الإثنين 17/9/2018 بأنَّ : (الأحداث الأخيرة التي شهدتها الجبهة الشمالية من قصفٍ لمواقع ومخازن أسلحة إيرانية على الأراضي السورية ، والجبهة الجنوبية من المظاهرات الحدودية وعودة البالونات الحارقة ، وفي الضفة الغربية من العمليات الأخيرة ضد الأهداف الإسرائيلية ، والتي كان آخرها عملية الطعن التي وقعت يوم أمس "الأحد16/9/2018 " ، والتي أسفرت عن مقتل مستوطن إسرائيلي ، تشير إلى أنَّ الهدوء الأمني لا يزال بعيداً عن الواقع) ، وأكدَّ بوحبوط أنَّ : ( الإيرانيين لن يتنازلوا بسهولة عن قبضتهم العسكرية القوية في سوريا ، حيث أنهم أنفقوا الملايين من أجل إحكام قبضتهم على الأراضي السورية ، كما أنَّ الوضع الأمن القائم في الضفة الغربية لا يزال هشاً وضعيفاً وقابل للاشتعال في أي لحظة كانت ، أما على صعيد غزة فإنَّ حماس قد تلجأ خلال الفترة القريبة إلى جر إسرائيل لجولة تصعيد جديدة في ظل تعثر المفاوضات حول التهدئة وتفاقم الأزمة الانسانية في غزة ) ، وأوضح ، بأنَّ : ( الوقائع تشير إلى أن الحديث عن التهدئة على كافة الجبهات خلال الفترة المقبلة بمثابة خيال وهمي ، بالرغم من رغبة إسرائيل الشديدة لتحقيق الهدوء الأمني وترسيخه على كافة الجبهات الشمالية والجنوبية والضفة الغربية)..
5ــــــ كتب المحلل والخبير الأمني الصهيوني يوآف ليمور ، مقالاً بعنوان : ( ما بين غزة وإيران ــــ لا تزال الضفة الجبهة الأكثر تعقيداً )، نشرته صحيفة ( يسرائيل هيوم ) ، يوم الثلاثاء 18/9/2018 ، حذر فيه من الأوضاع في الضفة الغربية ، على خلفية عملية الطعن الأخيرة ، وقال : ( بسبب الانشغال بقضية التواجد العسكري الإيراني في سوريا، وباحتمالية اقتراب التصعيد مع قطاع غزة، نسينا الضفة الغربية، وهناك حقيقة بسيطة، وهي أنَّ الجبهة الأكثر تعقيداً التي يتعامل معها الجيش الإسرائيلي، هي الضفة الغربية ، والاحتكاك الدائم بين مليوني فلسطيني ومئات آلاف الإسرائيليين، والحاجة للدفاع عن مئات المستوطنات ، وآلاف الكيلومترات من المحاور، وطرق الوصول السهلة إلى مركز البلاد، كل هذه هي مرتكزات أساسية لاستمرار العمليات الأمنية، سواء كان منظمة أو فردية) ، وأوضح ، أنَّ : ( السبب الذي يقف خلف هذه العمليات، مثل عملية الطعن في مفترق "جوش عصيون" هو الإحباط، فكل ليلة تجتاح قوات الجيش الإسرائيلي، المناطق الفلسطينية، إستناداً إلى معلومات توفرها المخابرات الإسرائيلية، وتقتحم بيوت عشرات الشبان الفلسطينيين، ممن توجد معلومات حول الاشتباه بنيتهم تنفيذ عمليات، وفي السنة الماضية اعتقل الجيش الإسرائيلي نحو 4 آلاف شاب كانوا يخططون لتنفيذ عمليات طعن )، وتحدث عن تفاصيل العملية الفدائية الأخيرة ، فقال : ( العملية التي وقعت بجوش عتسيون، كانت مخيبة للآمال، ليس فقط بسبب نتيجتها الفتَّاكة، بل أيضاً لأنَّه كان ثمة خطوة واحدة فقط بين تنفيذها وبين إحباطها، فلم يكن لدى المنظومة الأمنية معلومات مسبقة عن المنفذ، والذي نجح في اجتياز كافة الحواجز والإجراءات الأمنية بدون أن يتم الكشف عنه ، ولقد تبين من تحقيقات الشاباك، أنَّ المنفذ خرج في الصباح من بيته في قرية يطا، وسافر إلى منطقة الخليل، وبعد تجولٍ طويلٍ ودون أن يجد هدفاً، واصل نحو مفترق جوش عتسيون ، وتقدم نحو المتجر ونفذَّ عملية طعن هناك ، وكان أوري فولد، الذي تصارع مع المنفذ، هو القتيل الثامن في سبع عمليات منذ بداية السنة ، سبعة من القتلى كانوا في الضفة، وواحد في البلدة القديمة في القدس) ، وأضاف قائلاً : ( يمكن أن نتعرف من ذلك على القبضة الشديدة لـقوات الأمن الإسرائيلية، في مناطق التماس، وعلى الصعوبة النسبية التي يواجهها منفذو العمليات، في الدخول إلى الخط الأخضر) ، وطالب يوآف ليمور الأجهزة الأمنية الصهيونية بـ : ( بذل المزيد من الجهود والإجراءات لمنع تنفيذ عمليات فدائية ) ، وقال : ( المطلوب الآن من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، بذل جهود أكبر لإحباط متزايد لمثل هذه العمليات، وخصوصاً في فترة الأعياد، حيث تكون الطرقات ومراكز الاستجمام مليئة بالإسرائيليين ) ، وأضح : ( في كل سنة في "عيد الغفران" يتم فرض إغلاق كامل على المناطق حتى منتهى العيد، لتخفيف الخطر على السكان اليهود في الضفة، خصوصاً على خلفية الدعوة العلنية من قبل المنظمات الفلسطينية وعلى رأسها حماس، لتنفيذ العمليات).
6ـــــ في سياق تطورات الأوضاع على جبهة قطاع غزة ، واستمرار المسيرات النهارية ، وابتكار مسيرات الإرباك الليلة على الحدود الشرقية للقطاع ، وتشكيل مجموعات شبابية جديدة ، أطلقت عليها حركة حماس ، إسم :(مجموعات الإرباك الليلي) ، تطرقت وسائل الإعلام العبرية ، يوم الخميس 20/9/2018 إلى ما أسمته : ( نشاطات الإزعاج التي يقوم بها الشبان الفلسطينيين على الجدار الحدودي الشرقي لقطاع غزة في ساعات الليل من كل يوم ) ، واعتبرت الصحافة الصهيونية ، أنَّ : ( هذه الظاهرة خطيرة جداً ، حيث تتسبب هذه الأعمال في إزعاج وإرباك جنود الجيش الاسرائيلي المنتشرين على طول الحدود مع قطاع غزة ، وكذلك سكان المستوطنات القريبة من الحدود في غلاف غزة ) ، وأوضحت وسائل الإعلام الصهيونية ، أنَّ : ( الشبان الفلسطينيون يتجمهرون في كل ليلة من الساعة العاشرة والنصف بالقرب من الجدار الحدودي مع قطاع غزة ، لمباشرة الأعمال الإزعاجية بما في ذلك توجيه إشعاعات الليزر باتجاه القوات ، وإطلاق الألعاب النارية وصافرات الانذار) .
7ـــــ أثار الصاروخ الذي تم إطلاقه من غزة فجر يوم الأربعاء 17/10/2018 ، نحو مدينة بئرالسبع المحتلة عام 1948، وأصاب أحد المنازل إصابة مباشرة دون أن تعترضة القبة الحديدية ، وكذلك دون أن تعمل صافرات الإنذار ، وكذلك الصاروخ الذي سقط في البحر على بعد مئة وخمسين متر من ساحل تل أبيب ، التساؤلات المحيِّرة لدى الإعلام الصهيوني ، ولتبرير عدم إعتراض القبة الصاروخية الصهيونية للصاروخ الفلسطيني ، قال رونين مانيليس الناطق باسم جيش العدو لصحيفة (هآرتس) الصهيونية ، يوم الأربعاء 17/10/2018 ، رداً على عدم اعتراض القبة الحديدية للصواريخ التي أطلقت من غزة :( قدرات القبة الحديدية ليست مطلقة) .
وحاول الكيان الصهيوني استغلال ما حدث اليوم بقوة، حيث نقلت قنوات التلفزة العبرية أخبارها الرئيسية يوم الأربعاء 17/10/2018 ، من أمام المنزل الذي أصابه الصاروخ في بئر السبع، وأظهرت الدمار الذي حلَّ به ، وأكد المراسلون العسكريون في القنوات العبرية ، أنَّ :( المؤسسة الأمنية والسياسية، تذهب إلى أن حماس لا علم لها بما حدث ليلة الثلاثاء، خاصة في ذروة الجهود المصرية، ومن أطلق الصواريخ هي عبارة عن منظمات "مارقة" تسعى لإحراج حماس).
8ــــ قال الصحافي الصهيوني عميت سيجل ، يوم الأربعاء 17/10/2018 ، إنَّ : ( الوضع السياسي سيء ، لذلك المستوى السياسي غير قادر على اتخاذ أي قرار)، وشكك سيجل في : ( مقدرة الكابنيت على الخروج بأي قرار حتى عملية أو تصعيد محدود، لأنَّ الفجوة بين الأطراف كبيرة جداً ، وإنَّ ما نسمعه من تصريحات و تجاهل للضائقة التي يعيشها الشعب ، يدل على أننا نعيش في أصعب ظرف ، والأقوال بعيدة جداً عن الأفعال كل يوم يقولون سندمر ، سنضرب ، سننفذ، ولم يهدد نتنياهو وليبرمان وباقي الوزراء) ، وأشار إلى أنَّ : ( نتنياهو وليبرمان وباقي الوزراء لأول مرة، لم يهددوا وتصريحاتهم مكررة ولا أعتقد أنَّها ستصبح عملاً على الأرض ، لأنَّ التصريحات عالية جداً والتنفيذ منخفض جداً).
وقالت قناة ( كان ) العبرية، إنَّ : ( وزير الجيش ليبرمان يدفع إلى مواجهة واسعة وتوجيه ضربة قاسية لغزة، ونتنياهو يعارض أي عملية عسكرية ، لكنه يذهب إلى موقف الجيش والذي يقوم على توجيه موجة من الاستهدافات المحدودة في القطاع) ، وأضافت القناة : ( يتهم الوزراء ليبرمان بأنَّه يتصرف كمعارضة ونسي أنه وزير جيش، لذلك لا يستخدم الكثير من صلاحياته، ويكتفي فقط بالتصريحات الحربية ) .
9ـــــ قالت مراسلة القناة (11 ) الصهيونية ، إنَّ : ( ليبرمان سيمنح غزة التسهيلات لكن بعد توجيه ضربة قاسية كما قال لحماس وبذلك غمز لنتنياهو، وبينيت هاجم ليبرمان ).
واعتبر مراسل القناة الصهيونية العاشرة، تسفيكا يحزقيلي، يوم الأربعاء 17/10/2018 ، إنَّ : ( ماحدث ، هو إعادة غزة على جدول أعمال السياسة العالمية مرة أخرى، وإخراج أبو مازن خارج المعادلة) .
وقال تسفيكا يحزقيلي، في (القناة 14) ، إنَّ : ( حماس تسعى لأن تكون كلمتها هي العليا، وأن تكون هي من تقرر، وتحاول استنزاف "إسرائيل"، وإذا ما ردت "إسرائيل" فسيكون ردها هو استهداف للمباني والبنى التحتية الخاصة بحماس).
وحسب استطلاع لصحيفة ( يديعوت أحرونوت) الصهيونية ، أجرته يوم الأربعاء 17/10/2018 ، فقد أكد ( أكثر من 51% من الإسرائيليين أنهم يعارضون الدخول في مواجهة مع قطاع غزة في هذه الفترة) .
10ــــ أظهر هرتسي هيلفي قائد المنطقة الجنوبية في جيش العدو ، أنَّ : ( الجيش الإسرائيلي ربما اكتفى بما حدث يوم الأربعاء من استهدافات ، وهو جاهز لأي سيناريو، لكن قد تأتيه تعليمات جديدة).
وأكد ألون بن دافيد مراسل القناة الصهيونية العاشرة يوم الأربعاء 17/10/2018 ، أنَّ : (حماس لا علاقة لها بإطلاق الصواريخ، وهي حاولت اليوم عبر تصريحاتها إثبات أنها غير مسؤولة عما حدث) ، وأوضح أنَّ : ( الوزير الإسرائيلي نفتالي بينيت يريد ضربة جوية ، وليبرمان يريد ضربة قاسية ، ونتنياهو ربما يذهب لاستهدافات لا تجر لمواجهة شاملة ، وحماس اليوم أثبتت قدرتها على ضبط الأمور فلم يتم إطلاق أي صاروخ رغم الاستهدافات الجوية).
وأعرب الوزير الصهيوني تساحي هنغبي ، وهو مقرب من نتنياهو ، في تصريحاتٍ خاصة لإذاعة جيش العدو ،عن : ( عدم رغبة "إسرائيل" في الدخول في مواجهة واسعة مع غزة) ، وأضاف : (سياستنا هي ضبط النفس، وأنا أتفهم إحباط الجمهور الذي يريد ردود عسكرية أشد ) ، وأكد : ( نحن لا نريد جبهات أخرى ، وعلينا التركيز على الجبهة الشمالية، والمستوى العسكري يقوم بمهامه على أحسن وجه، وينفذ قرارات الكابينت بامتياز) ، وكشف : ( لدى إسرائيل أدلة على مصداقية إعلان الفصائل بعدم مسؤوليتها إطلاق صاروخ على بئر السبع، وتوضيحات حماس والجهاد بهذا الصدد لم يسبق لها مثيل ) .
11ــــ أعلن جيش العدو صباح يوم الأربعاء 17/10/2018 عن تنفيذه غارات على 20 هدفاً في قطاع غزة بعد سقوط صاروخين أحدهما في فناء منزل ببئر السبع تسبب بأضرار كبيرة و4 إصابات بـ (الهلع !!) ، فيما سقط الآخر في منطقة نتنانيا(غوش دان) عند ساحل وسط فلسطين المحتلة ، وأدت سلسلة الغارات الصهيونية على قطاع غزة، إلى إستشهاد شاب وإصابة 3 آخرين، وكشفت تسريبات الجنود الصهاينة من خلال صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي ، تدل على أنَّ الدولة العبرية ، قد استدعت الاحتياط وتقوم بحشد الدبابات ، وأطلقت وزارة الحرب الصهيونية ، على العدوان الصهيوني المرتقب اسم ( الشتاء الساخن ) ، وقد سعى وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان ، لاستثمار اطلاق الصاروخين ، واطلاق التهديدات بشن الحرب على غزة ، وقال بــ :( أنَّ الجيش الإسرائيلي لن يقلق لوجود مدنيين أثناء الاستهداف )...!! ، ولكننا نأمل أن تنجح الشقيقة الكبرى مصر في نزع فتيل الحرب والعدوان الصهيوني ..
12ـــــ يبدو أنَّ حركة حماس تريد فرض تهدئة بالقوة ، لكنَّ القوة غير متكافئة ولا متناسبة ، ولهذا صنعت الدولة العبرية من صاروخ بئر السبع ضجةً إعلاميةً وسياسيةً كبيرة ، من أجل الدخول إلى العدوان الصهيوني ـــــ لوقررت تنفيذ العدوان ـــــ كنوعٍ من : (المدافع عن النفس ضد "الإرهاب") ، وهذا ما يكشفه ارتفاع حدة وعنف وتهديدات الكثير من التصريحات الصهيونية بشن عدوان عسكري صهيوني جديد واسع النطاق ، وفرض المزيد من العقوبات على قطاع غزة المحاصرة، وقالت صحيفة (هآرتس) مساء يوم الأربعاء 17/10/2018، إنَّ : ( أفيغدور ليبرمان، لم يترجم ذلك إلى خطة عملياتية واضحة، ولم يحدد أهداف عملية عسكرية من هذا القبيل ) ، وكشفت الصحيفة : ( تعتقد القيادة السياسية في إسرائيل ومعها مسؤولي الأجهزة الأمنية، أنَّ "اللهجة القتالية" التي يعتمدها ليبرمان مؤخرًا، خلافاً لموقف الجيش وأعضاء الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية نابعة من شعوره بأنَّه في ورطة سياسية) ، وأضافت ( هآرتس ) : ( شهدت تصريحات ليبرمان خلال الأيام الماضية تصاعدًا في اللهجة، ساق خلالها التهديد والوعيد للقطاع وسكانه وحركة حماس ، والكثير من الحديث عن الحاجة الإسرائيلية المُلِّحَة إلى عملية عسكرية موسعة في قطاع غزة).وقد جدد ليبرمان : ( رفض تل أبيب لطلب "حماس" رفع الحصار المفروض على قطاع غزة)، ولوَّحَ بــ : ( توجيه ضربة عسكرية شديدة للحركة) ، ودعا إلى:(توجيه ضربة لحركة "حماس" في قطاع غزة ) ، وقال الصحيفة : (خلال اليومين الماضيين، أعلن ليبرمان أنه سيطلب من الوزاري المصغر المصادقة على توجيه "ضربة عسكرية قاسية لحركة حماس من أجل تحقيق الهدوء في غزة، وأنَّه لا يرى أي إمكانية سوى توجيه ضربة شديدة لحماس في القطاع ) ، وأضافت : ( أعلن ليبرمان، نهاية الأسبوع الماضي، عن قراره وقف توريد النفط والغاز والوقود إلى غزة، "طالما لم يتوقف العنف في غزة بشكل تمام، بما في ذلك إطلاق البالونات الحارقة وإشعال الإطارات المطاطية"، على الرغم من معارضة المسؤولين الأمنيين والمستوى السياسي، كما أعلن ليبرمان اليوم إغلاق المعابر إلى غزة وتقليص منطقة الصيد المسموح بها لثلاثة أميال بحرية ) واعتبرت الصحيفة ، أنَّ : (الرسائل التي حاول ليبرمان إيصالها من خلال تصريحاته وتسريبات من الدائرة الضيقة المحيطة به، بأنَّه عازم على شن عملية عسكرية واسعة في غزة، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو والجيش منعا ذلك ) ، وبحسب (هآرتس)، فإنَّ : ( نتنياهو ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، بالإضافة إلى معظم أعضاء الوزاري المصغر يعتقدون أنَّ على إسرائيل الاستجابة للطلب المصري واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الهدوء إلى غزة).
13ــــ كشفت صحيفة ( هآرتس ) على موقعها الإليكتروني ، مساء يوم الأربعاء 17/10/2018 السر وراء تشدد ليبرمان في تصريحاته ومطالبته بشن ضربة عسكرية قوية لحماس وغزة ، فقالت : ( ربط مسؤولو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وسائر أعضاء الوزاري المصغر، التغيير في موقف ليبرمان إلى دوافع سياسية، حيث يستغل الأوضاع الراهنة للترويج لحزبه "يسرائيل بيتينو" الذي يعاني في معظم استطلاعات الرأي الإسرائيلية ويتذيل قائمة تمثيل الأحزاب في انتخابات تجري اليوم، بالإضافة إلى المناكفة السياسية مع وزير التعليم نفتالي بينيت، الذي يسعى إلى الفوز بمنصب وزير الأمن ، ويصف سياسات ليبرمان في غزة بأنها "يسارية" و"ضعيفة ) .
ويرى البعض الآخر ، وفقًا لـماقالته ( هآرتس ) ، أنَّ : ( تصريحات ليبرمان الأخيرة لا تتعدى كونها ورقة مساومة محتملة في سياق المنافسة المحتملة مع بينيت للفوز بمنصب وزير الأمن في الفترة القادمة، بالإضافة على مدى تأثيره في تعيين رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في خلافة آيزنكوت) ، وأشارت الصحيفة إلى أنَّ : ( آيزنكوت، ينظر إلى ليبرمان على أنَّه وزير أمن بالوكالة عن نتنياهو، الذي في طبيعة الحال الرجل الأقوى في الحكومة ، وهو من يحدد السياسات العريضة للوزارة ، ومن سيقود أي تحرك عسكري) .
14ــــ انعقد المجلس الوزاري الصهيوني المصغر (الكابينيت)، مساء يوم الأربعاء17/10/2018 ، واستمر حتى وقتٍ متأخر من الليل ، وذلك لبحث الأوضاع في غزة، وقطع آيزنكوت زيارته إلى الولايات المتحدة ، وعاد خصيصًا للمشاركة في الاجتماع في ظل التطورات في غزة ، وذكرت وسائل الإعلام الصهيونية ، صباح يوم الأربعاء، أنَّ : ( ضباطا في الجيش الإسرائيلي قالوا في إيجاز صحافي إنَّ منظمة خارجة عن طوع "حماس" هي التي أطلقت الصاروخين) ، بينما قال رون بن يشاي المحلل العسكري الصهيوني في موقع (يديعوت أحرونوت ) الإلكتروني ، في نفس اليوم ، إنَّ :( سقوط القذيفتين يستوجب رد فعل إسرائيلي "من نوع آخر". وبالإمكان الاستنتاج أيضا، أن الرد "من نوع آخر" لا يعني تغيير الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه قطاع غزة بعدم شن حرب أو عملية عسكرية واسعة) .
15ـــــ إعتبر المحللون الصهاينة ، الذين يستمدون المعلومات لتقاريرهم من الجيش الصهيوني مباشرة، أنَّه : ( لا يبدو معقولاً أنَّ قيادة حماس هي التي أمرت بإطلاق القذيفتين) . وتعليقاً على إعلان حركتي حماس والجهاد الإسلامي أنهما لم تأمرا بإطلاق القذيفتين، بل وأنهما تعارضان ذلك ووصفته بغير المسؤول، اعتبر المحللون الصهاينة ذاتهم أنَّ : ( كلتا الحركتين الفلسطينيتين بادرتا إلى إطلاق القذيفتين، كتهديد هدفه إنقاذ المفاوضات مع المصريين حول التهدئة ، من الطريق المسدود الذي وصلت إليه ، ولذلك امتنعت الحركتان عن تحمل المسؤولية عن إطلاق القذيفتين ) .
واعتبر الجيش الصهيوني أنَّ الصاروخين حملا رسالة إلى الكيان الصهيوني، وأن سقوط إحداهما في البحر قبالة شواطئ وسط فلسطين المحتلة كان متعمداً، وهذه الحقيقة دفعت العدو الصهيوني إلى اتخاذ القرار بعدم شن حربٍ واسعة، لأنها لن تحقق أية نتائج من خلالها ، ولإدراك الجيش الصهيوني أنَّه لن يحقق شيئاً من خلال الحرب وعدوانٍ جديد يشنه ضد غزة ، وبنفس الوقت فإنَّ بنيامين نتنياهو، ليس معنياً بحربٍ كهذه عشية الإنتخابات العامة ، التي يتأمل أن تبقيه في الحكم ، ولهذا فقد أرجأ نتنياهو انعقاد الكابينيت (الحكومة الصهيونية الأمنية المصغرة) إلى حين عودة آيزنكوت .
وفي المقابل فقد أطلق وزراء صهاينة أعضاء في (الكابينيت ) التهديدات وطالبوا بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ، لكنَّ المحللين العسكريين والمراقبين الصهاينة ، أجمعوا بأنها تصريحات موجهة نحو الداخل الصهيونية ، وإلى اللجنة المركزية لحزب الليكود الحاكم أكثر مما هي موجهة ضد حماس.
ــ الكيان الصهيوني والمصالحة الفلسطينية :
يبدو أنَّ الوضع الحالي للعلاقة وطريقة التعاطي الصهيوني مع حماس وقطاع غزة ، مريح جداً لقادة الكيان الصهيوني من الناحية العسكرية والأمنية والسياسية والإقليمية والدولية ، لأنَّ إستمرار الصراع بين الكيان الصهيوني وقطاع غزة بشكله الحالي، مع استمرار تحييد الضفة الغربية على المستوى الجماهيري والفصائلي ، يعزز الإنقسام الفلسطيني بين قطاع غزة والضفة الغربية ، ويعطِّل الجهود المصرية والفلسطينية لتحقيق المصالحة الفلسطينية ، وكذلك يسمح باستمرار حالة الإستنزاف للوضع الفلسطيني برمته ، ولهذا باتت المعادلة الصهيونية للتعامل مع الموضوع الفلسطيني ، بالغة الوضوح : فالكيان الصهيوني لا يريد شن حرباً واسعةً ضد قطاع غزة ، بينما يريد إبقاء القطاع محاصراً ومعزولاً، ولا يرد الكيان الصهيوني خوض أية مفاوضات مع السلطة الفلسطينية ، حتى لا يوافق أو يسمح بقيام الدولة الفلسطينية ، في نفس الوقت الذي يستمر فيه بابتلاع ومصادرة كافة مقومات الدولة الفلسطينية ، مع استمرار وتغول الإستيطان والتهويد بسرعة كبرى في القدس والضفة الغربية المحتلة.
ومن الواضح أن تحديات كبيرة ومعوِّقات كثيرة تنتظر تطبيق وتنفيذ بنود إتفاق المصالحة الفلسطينية الذي نجحت القاهرة في إنجازه بعد أحد عشر عاماً من سنوات الإنقسام الفلسطيني المؤسف ، حيث أنَّ سنوات الإنقسام راكمت كمية كبيرة جداً من المشاكل والآثار والتعقيدات ، والتي لايمكن إزالتها بسهولة ، أو بمجرد البدء بتطبيق بنود الإتفاق ، خصوصاً في ظل رغبة محلية للكثيرين ممن إستفادوا على المستوى من وجود الإنقسام ، وتضرر اكثر من طرف ولاعب إقليمي من إستعادة الفلسطينيين لوحدة صفوفهم ، وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني ، وإعادة القضية الفلسطينية إلى مكانتها الرئيسة بين قضايا وإهتمامات الأمة الإسلامية والعربية ، وبنفس الوقت فالعامل الأهم في إعاقة إنجاح المصالحة الرغبة الصهيونية في استمرار الإنقسام الفلسطيني ، وإبتعاد الفلسطينيين عن التماس والتفاعل مع قضاياهم وأمورهم الأساسية ، وخصوصاً النضال ضد تقسيم المسجد الأقصى المبارك وتهويد القدس الشريف ، وضد الإستيطان في الضفة الغربية ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وحق العودة ، وغير ذلك من المطالب الهامة للشعب الفلسطيني ، حيث أن وحدة الصف الفلسطيني ستدفع بالقيادة الفلسطينية للمطالبة بنيل وإستعادة كافة الحقوق الفلسطينية ، وتحقيق المزيد من الإنجازات والمكاسب الفلسطينية ، وفي مقدمة ذلك الحصول على الإعتراف الأممي بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة ، وبالطبع فإن الرهان الفلسطيني الأكبر من أجل تجاوز كافة العوائق والعراقيل التي تعترض المصالحة ، هو مصر الشقيقة الكبرى ، التي رعت وتحتضن المصالحة ، وتشكل الضامن الأساس لنجاحها واستمرارها ، ونحن نتوقع لمصر النجاح في تجاوز كافة العقبات.
وكان مركز الدراسات الصهيوني المعرف باسم: ( يروشليم لدراسة الجمهور والدولة ) ، نشر مؤخلااً تقييمموقف للمصالحة الفلسطينية ، اعتبر فيه أنَّ : ( كلاً من واشنطن والرياض والقاهرة ، ترى أنَّ إنجاز المصالحة بين حركتي فتح وحماس يعد أهم المتطلبات الأولية التي يتوجب توفرها ، قبل البدء في التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لاسيما السعودية) ، وأوضح المركز الصهيوني ، أنَّ (الدول العربية تشترط انفتاحها على التطبيع الكامل والمعلن مع إسرائيل بالبدء في مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية) ، وأضاف : ( في حين أنَّ بدء المفاوضات يستلزم إنجاز المصالحة بين فتح وحماس، وذلك لقطع الذرائع على إسرائيل للإدعاء بأنَّ محمود عباس لا يمثل كل الفلسطينيين. وإنجاز المصالحة سيمهد الطريق أمام عقد مؤتمر إقليمي في "شرم الشيخ" لبحث حل الصراع بمشاركة قادة إسرائيل ومصر ودول الخليج والأردن والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، وهي نقطة تحول فارقة نحو تشريع التطبيع العلني بين إسرائيل والدول العربية ، بغض النظر عن مصير ونتائج المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ) ، وكشف المركز ، قائلاً : ( على الرغم من موقفها المعادي لحركة حماس، إلا أنَّ السعودية تحمست للمصالحة الفتحاوية الحمساوية ، من أجل ضمان "سلخ" حماس عن الإخوان المسلمين وإبعادها عن إيران، إلا أنَّ إيران التي فطنت إلى مرامي المصالحة سارعت لدعوة قادة حماس إليها للتباحث معهم حول خطوات الحركة المستقبلية لضمان عدم التأثير على مستقبل العلاقة بين الجانبين ) .
وأـضاف المركز بالقول : ( زعم ، إنَّ العائق الآخر أمام انجاز المصالحة يتمثل في الموقف الأردني، لأنَّ المواقف التي عبر عنها ملك الأردن عبد الله الثاني خلف الأبواب المغلقة تتعارض تماماً مع ترحيبه المعلن بالمصالحة، و أبدى خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، مخاوفه من أن يسمح تطبيق اتفاق المصالحة بتعزيز مكانة حركة حماس في الضفة الغربية، مما ينعكس إيجاباً على مكانة الإخوان المسلمين في الأردن).
ومن المؤكد أن المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تقودها وتحتضنتها وترعاها الشقيقة الكبرى مصر بين فتح وحماس ، ستنزع عن الدولة العبرية حجتها وذريعتها المتصلة بحالة الإنشقاق والإنقسام الداخلي الفلسطيني ، وستوضع أمام استحقاق مرحلة مغايرة من مراحل البحث عن حلول جذرية للإحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية ، وستقف الدولة العبرية أمام مفترق طرق حقيقي، خصوصاً وأنَّ المجتمع الدولي بات مهيئاً لقبول فلسطي