حمد الكعبي يكتب:

«خليفة سات».. حيث اكتمال القمر

لم يكن إنشاء «وكالة الإمارات للفضاء» في العام 2014 أول خطوة تضعها الدولة في هذا الطريق، وإن كانت إطاراً مؤسسياً لا غنى عنه لأكثر مشاريعنا الاستراتيجية طموحاً، فقد بدأنا قبل ذلك بعقود، حينما وضعنا التعليم والابتكار في مقدمة أولوياتنا، وأنتجنا جيلاً مؤهلاً لعلوم المستقبل وتحدياته.
70 مهندساً ومهندسة من شبابنا، تتراوح أعمارهم بين 27 و28 عاماً طوّروا «خليفة سات»، أول قمر صناعي إماراتي، وهؤلاء تخرجوا من مدارس الدولة وجامعاتها، ومنهم من استفاد من برنامج الابتعاث الخارجي، وعاد ليجد بلاده مصممة على أن تكون لها أقمار، ويرتاد أبناؤها الفضاء.
في الثامنة من صباح اليوم، بتوقيت الإمارات، ينطلق «خليفة سات» من القاعدة «تانيغاشيما» اليابانية، في مهمة علمية تستغرق خمسة أعوام، وتساهم مع الدول الكبرى في تحليل التغيرات المناخية، ورسم الخرائط الطبوغرافية، وغير ذلك من السيطرة على الكوارث، وحماية البيئة، علماً أن هذا القمر هو الثالث التابع لمركز «محمد بن راشد للفضاء»، بعد «دبي سات 1» و«دبي سات 2».

الآن، يبلغ حجم استثمارات الإمارات في علوم الفضاء نحو 22 مليار درهم، وكانت الخطة تقتضي ألا نستورد التكنولوجيا بالكامل، وألا نكتفي باستقطاب الكفاءات الأجنبية لبناء برنامج وطني، فقررنا الاعتماد على قدراتنا الذاتية، وتدريب الكوادر الشابة المواطنة، ووضعها في خضم هذا التحدي الكبير، في تطبيق حرفي ومدروس لمفهوم «توطين التكنولوجيا» على صعيدي البنية التحتية والموارد البشرية.

النجاح يكمن هنا، فلا أسهل من استيراد المعرفة وجذب منتجيها، وقد شاع عن منطقتنا أنها مجرد سوق استهلاكية ضخمة، قليلة الاعتماد على الذات، فكان أن قررنا الاستفادة من تجارب العالم، وخبراته، ومن فكرة أن العلوم منظومة تراكمية، مع إضفاء جوهر إماراتي حقيقي على الإنجاز، بنسبة 100 % في «خليفة سات».
الخطوة التالية هي زيادة الاستثمار في هذا القطاع، لتنويع روافد الاقتصاد الوطني، فهذه صناعة ترتبط بقاعدة خدمات، وأساسها الثروة البشرية، وهو ما يرفع منسوب التفاؤل في الأجيال المقبلة، خصوصاً أن «وكالة الإمارات للفضاء» و«جامعة خليفة»، نظمتا مؤخراً تحدي «القمر الصناعي الإماراتي الصغير»، بمشاركة 21 فريقاً من 10 جامعات محلية.
لدينا بيئة علمية محفزة، وأطلقنا هذا الشهر أول قانون لقطاع الفضاء الإماراتي، ولدينا همة شباب لا تفتر أبداً، ويكفي أن الدولة استقبلت ترشيحات 4000 شاب، عندما أعلنت هذا العام عن برنامجها لرواد الفضاء، ويستمر «الاستشعار عن بعد» في رؤية القيادة، كما هو في الصور القادمة من «خليفة سات».. ومن المستقبل.

*الاتحاد