نبيل الصوفي يكتب:
يمن الحرب.. الحرمات قصاص يا عبدالملك
لم يعد هناك طرف سياسي يمكن أن أقارن الحوثي بهم حتى أقارن بين سيئ واسوأ.
لم يعد أمامنا كيمنيين مؤتمر ولا مشترك ولا إصلاح، هذه أدوات دولة لم تعد موجودة، هي لم تعد اليوم سوى ترتيب يبقي افرادها فاعلين في الساحة الوطنية على الفضاء الالكتروني، أما ميدانيا فحتى لو أراد أي طرف منها تفعيل العمل التنظيمي فإما أنه سيخدم الحوثي أو سيعتقله الحوثي، بمعنى هو نضال بالدم لا بالسياسة.
وحتى الان لا يوجد تنظيم قبل بالنضال السري السياسي داخل معاقل الحوثي، الجميع أفرغ هذه المناطق على أمل الانتصار العسكري على هذه الآفة.
الحوثي اجتث كل أشكال العمل السياسي.. ولا يعترف بغير صرخته وسلاحه، وقد فرضها معادلة: الدم بالدم.
هو فرضها ولم نختارها.. فرضها بالأمس وقبله وغدا وبعده، كل ما قد يقوله السياسيون عن التعايش مع الحوثي هو ترتيب لمصالح وليس مراعاة لوطن أراق الحوثي دمه قطرة قطره وشربها واحتفل بها.
كان بقاء مؤتمر الزعيم رحمه الله، هو آخر المحاولات لإنقاذ اليمن بالسياسة والحزبية، لكن الحوثي حين فرض القتال على “على عبد الله صالح”، نثر هذه المحاولات وذراها للريح، كلما تذكرت في آخر كلمات الزعيم وداعيته، أقول، لم يكن يودعنا نحن، بل كان يودع “بلاده” التي عادت بقفزة واحدة الى شتات ما قبل ثورة 26سبتمبر.
لن يستطيع الحوثي فرض امامة ولا جمهورية ولا، هو قد فرض المسار عليه وعلينا: الاقتتال حتى يعاد صياغة المعادلات على الأرض بالسلاح لا بالسياسة. وفي اليمن فان الحرب “لعبة”، لا تخيف أحدا ولا تحيجه لمقاتلين.. القتال في اليمن، قد يستمر خمسين سنة على مرعى غنم، فما بالك بتوجه ديني، ولاحظوا ديني وليس سياسي.. الحوثي قاتل اليمنيين ملتزما لقلة تربيته وانحطاطه العقلي بأنه “ولي الله”..
ولي الله!؟ يستحوذ حتى “الهنا وديننا” يريد أن يتحكم بتصوراتنا تجاههم ويمول خرافاته الملعونة من المال العام.
ثم يأتي من يتحدث عن التسوية السياسة والتعايش مع عيال بدر الدين، هذه العائلة المأفونة التي كل ما احتاجته هو مجموعة مسلحين جوعى ضواري ينتشرون في المدن قتلا وسلبا ونهبا لجوهر ما في البلاد، التعايش والتراضي.
نعم يحفظون المنازل والطرقات، ولكن لانهم اصلا ينهبون معنى الوطن والدين، وبسيطرتهم عليه يصبح كل شيء فيه ملكا لوليهم عليه لعنة الله والناس أجمعين.
مقاتلة الحوثي، ايها المحترمون وغير المحترمون ايضا، ليست مسألة سياسية، والسلام معه ليس كذلك..
قد لا يرى العالم أنه “داعش” ويطلق عليها كل اسلحة الدمار، لكن ما حاجة العالم لخنق الحوثي، هو يخنق نفسه بنفسه، من يرى نفسه فوق الناس والدين والوطن يقتل نفسه، وهكذا يفعل الحوثي.
حتى اليوم فان من يقاتل الحوثي، يقاتله لأسباب سياسية ومصالح أو لعقيدة مذهبية سلفية تلخص كل الاذى الحوثي في “استباحة الدم السلفي ابتداء”.
وللأسف أنه رغم أن مال التحالف وسلاحه خفف عن المقاتل اليمني ضد الحوثي مواجع الفقر والفاقة، الا أنه في المقابل رآكم من “تكتلات المصلحجية” في كل هذه التجمعات القتالية التي تكافح الحوثي.
وتسهم الشرعية بلا وطنيتها ولا نزاهتها وعبثها وعيشها في الماضي الصراعي والتحايل والتذاكي، في حماية الحوثي من تشكل راية وطنية قومية دينية لمقاتلته.
ولكن كل ذلك، لا يخفف الحقيقة المرة، لقد قتل الحوثي الجمهورية اليمنية، بكل أدواتها السياسية والحزبية، وفرض في الميدان قتالا وحيدا هو العين بالعين والسن بالسن والحرمات قصاص.
وهو قتال يبادل الحوثي، تحقيرا بتحقير، وليس الامر ادعاءات للتعايش، اليد الحوثية امتدت لكل شيئ في اليمن وأحرقته وقتلته وعبثت به وتريد فرض رؤيتها فرضا، بالعصا والجزرة.
أيها السادة، لم يحاول أحد في اليمن كما حاولنا نحن الذين كان الزعيم علي عبد الله صالح يقودنا في الميدان داخل ازقة التعيش مع الحوثي، رحمه الله قبل استشهاده بخمسة أيام قال لي: “ثلاث سنوات نحاول، عيينا نحبهم وعيو يحبونا”..
ولن يزايد علينا أحد في ذلك، ولسنا ضد من يريد المحاولة، فالطريق أمامه يدعنا نقاتل فكلما أمنا كيلو متر من هذه البلاد منحناه هو مكانا يدعمه في حربنا الازلية مع الحوثي، وحين يجد أنصار الشر يقاتلون فيه دينه ودنياه، بدون حتى مبرر سنكون سنده، كما فعل من قرر قتال الحوثي من اليوم الأول، فيما كنا نراه مخطئا، ولولا ما تحرر من أرض اليمن من هذه النبتة الشيطانية ما وجدنا مكانا يأوينا سوى سجون الحوثي ومقابر ممتدة تشهد على جذر الحوثية الضارب موتا في قلب اليمن طولا وعرضا.
وبأيادي اليمنيون تقرير الزمن الذي ستستمر فيه معادلة “والحرمات قصاص”، هل ألف سنة.. أم أقل أم أكثر. على موقفهم الجذري القطعي المطلق مع الحوثي فكرا وتنظيما.
طالما بقي الحوثي فلن تهدأ اليمن ولا حتى قرية من قراها، حتى لو تعب العالم من الحرب وقال اتركوا نصف اليمن او ربعه للحوثي، فان الحوثي لا يمكنه أن يتعب، هو جماعة “تقاتل نفسها ان لم تجد ما تقتله”.
هي جماعة سرطانية، وليس هناك سرطان يلتزم العلاج.