سترون ستيفنسون يكتب لـ(اليوم الثامن):
زيارة أوروبية إلى ألبانيا تكشف حملة التضليل الإيرانية
بدأ النقل الجوي ووصل أول المعارضين الإيرانيين إلى العاصمة الألبانية منتقلين إلى بر الأمان من جحيم كانوا قد تحملوه في مخيمي أشرف وليبرتي في العراق.
قد تكون ألبانيا بلدا صغيرا ولكن شعبها له قلوب كبيرة. وبعد أن عانت الحكومة الألبانية سنوات من الاضطهاد في ظل الشيوعيين، اتحدت في تصميمها على توفير ملاذ آمن لمجاهدي إيران (منظمة مجاهدي خلق الإيرانية). وسرعان ما تم إيواء 3000 من أعضاء مجاهدي خلق الباقين على قيد الحياة في أماكن لإقامة خاصة في تيرانا وفرتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
إن الملالي الإيرانيين يشعرون بالفزع حيث أحبطت محاولاته الهادفة إلى تصفية مجاهدي خلق، المعارضة الديمقراطية الرئيسية لنظامهم الاستبدادي. ولا يمكن لهم أن يسمحوا لهؤلاء المعارضين الذين يقدمون مستقبلا من الحرية والعدالة للمضطهدين من الملالي في إيران، بإقامة أشرف جديد، مركز جديد للمعارضة لنظامهم الاستبدادي.
بدأت حملة للشهير والتسقيط ضد منظمة مجاهدي خلق. لهذا الغرض، ركز الملالي انتباههم على عناصر الإعلام الغربي والتلاعب بجدول أعمالهم ضد ترامب ليشمل حملة التشهير ضد منظمة مجاهدي خلق. وحتى أن النظام الإيراني عاد إلى أعمال الإرهاب مستخدما أحد دبلوماسييه من سفارتهم في فيينا لتنظيم مؤامرة ضد تجمع لمجاهدي خلق في باريس في يونيو/حزيران ومؤخرا أرسل وكيلا آخر قريبًا جدا من سفير إيران في النرويج لاغتيال شخصية معارضة في الدنمارك. وألقي القبض على «ما يسمى» بالدبلوماسيين ويحاكمون بتهمة ارتكاب الأعمال الإرهابية.
تم تكليف مسعود خدابنده وزوجته آن سينغلتون وهما جاسوسان معروفان لوزارة المخابرات والأمن الإيرانية وتم الكشف عن هويتهما في تقرير بمكتبة الكونغرس والبنتاغون، بزيارة لتيرانا. وقد شوهد هذا الزوج من عملاء المخابرات الإيرانية المدربين أمام مدخل مخيمي أشرف وليبرتي في العراق قبل وقوع الهجمات المميتة التي أسفرت عن مقتل 168قتيلا وأكثر من 1700جريح من الرجال والنساء.
وهما الآن كانا يجوبان حول المجمع الجديد الذي تم بناؤه من قبل الأشرفيين بالقرب من مدينة مانز في محافظة دورس الألبانية. وبالتأكيد، في حينها شوهد بعض الصحافيين الغربيين السذج برفقتهم.
وبعدما أجبر اللاجئون على ترك أماكن إقامتهم في تيرانا عندما نفد تمويل المفوضية في سبتمبر/أيلول 2017 فقاموا بشراء بعض الأراضي الزراعية بالقرب من مانز وبدأوا بناء سريعًا للسكن. وقد وظفوا أكثر من 600 من الألبان المحليين حيث قاموا بتدريبهم على مهارات البناء والتشييد وسرعان ما أصبحوا جزءا موثوقا ومحترما من المجتمع الألباني.
وتم تسييج المجمع الجديد واسمه أشرف3 مع الأمن عند المدخل الرئيسي لردع محاولات الاغتيال. ومع ذلك، فإن الرجال والنساء في مجاهدي خلق لهم حرية في المجيء والذهاب كما يشاؤون. مئات منهم يغادرون المجمع يوميا في رحلات التسوق والترفيه. وقد زار أكثر من 700عائلة إيرانية أقاربهم في أشرف3، حيث مُنعوا من رؤيتهم لسنوات خلال فترة سجنهم الوحشي في العراق. والصحفيون والسياسيون والمحامون والتجار هم يزورون يوميا.
لقد رجعت من زيارة لمدة ثلاثة أيام إلى أشرف3 مع وفد رفيع المستوى من أعضاء البرلمان الأوروبي من بروكسل يتألف من عضوين في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان ونائب رئيس لجنة الأمن والدفاع، وهم يحملون بيانًا صدر في غضون أسبوع من قبل 150عضوا للبرلمان الأوروبي من جميع الفصائل والمجموعات السياسية يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ما رأيناه كان تحولا ملحوظا. تمكنا من التحرك بحرية حول المخيم والحديث مع مئات اللاجئين الإيرانيين.
وخلال 12 شهرا فقط، قام هؤلاء المقاتلون الذين يعملون بجد وصمود ببناء مدينة صغيرة فيها متاجر وعيادات ومرافق رياضية ومطابخ ومخابز وكتل صغيرة وقاعات اجتماعات ومكاتب واستوديوهات. سيتم نشر تقرير شامل لهذه الزيارة قريبا.
ولكن وزارة المخابرات الإيرانية تنوي رسم صورة مختلفة من خلال تشجيع الصحفيين السذج على التنصت حول السياج المحيط بأشرف3 وحتى استخدام الطائرات بدون طيار حول المجمع. وقامت وزارة المخابرات والأمن بتزويد وسائل الإعلام بمزاعم أن أشرف3 هو سجن حيث لا يمكن لأحد المغادرة دون إذن من القيادة المتشددة ويتم رفض حتى الحريات الأساسية. ويزعمون أن المنشقين تعرضوا للتعذيب وحتى القتل، وهذا كلام سخيف.
وفي قصة مخادعة يكررونها بلا نهاية يزعمون أن الشابة سمية محمدي 38عاما محتجزة رغما عنها. وقد شوهد والداها وهما مواطنان إيرانيان ـ كنديان في الماضي خارج مخيم أشرف في العراق وهما يرميان تهديدات وإساءة المعاملة من خلال مكبرات الصوت، برفقة خدابنده وسينغلتون وغيرهم من عملاء وزارة المخابرات والأمن.
وبالتعاون مع وفد من أعضاء البرلمان الأوروبي قابلت سمية في زيارتي إلى أشرف3 كانت وحدها دون أن يرافقها «الحراس» الذين يزعم والدها بأنهم يرافقونها دائما. وقالت إنها للأسف كانت قد تبرأت بوالدها منذ سنوات عديدة بعد أن أصبح عميلا لوزارة المخابرات والأمن. وأخبرتنا أن والدها وهو سباك في كندا قضى مؤخراً أربعة أشهر في ألبانيا مقيما في فندق بلازا الفاخر في تيرانا ومن الواضح أن الملالي دفعوا له. وأكدت أنها حرة في الخروج والذهاب من أشرف3 كلما رغبت في ذلك وأنها يمكن أن تغادر بشكل دائم إذا أرادت ذلك. ومع ذلك، قالت إنها عضوة فخورة وملتزمة في منظمة مجاهدي خلق وعلى عكس والدها ، كرست حياتها سعيا وراء الحرية للشعب الإيراني.
إنها أكاذيب من هذا القبيل يملئها «الأغبياء المفيدون» في بعض الصحف الغربية التي تشجّع الملالي. نشر مقال مطول مؤخرا في صحيفة وطنية في بريطانيا يكرر كل هذه الإهانات والأكاذيب المنشورة في موقع خدابنده اللاذغ والمؤيد للملالي كلمة بكلمة قبل ثلاثة أسابيع من ظهوره في الصحيفة، ويكشف بوضوح عن مصدره البغيض. ومن دواعي السخرية أن مثل وسائل الإعلام هذه، تبدو سعيدة بتجاهل القمع المتواصل في إيران حيث تستمر الإضرابات والاحتجاجات الجماهيرية على مدار ما يقرب من عام مع إصدار أحكام الموت على سائقي الشاحنات المضربين والجلد على العمال المحتجين لقصب السكر والسجن لفترات طويلة. وسجن أكثر من 12000متظاهر وقتل الكثيرين.
ومن دواعي حزني الشديد أن هناك صحفيين اليوم يتجاهلون هذه القضايا ويتجاهلون الحقيقة ويفضلون بدلاً من ذلك إساءة معاملة الرجال والنساء الذين تخلوا عن حياتهم المهنية والحياة الأسرية لتكريس أنفسهم من أجل إنهاء الظلم والقمع في إيران. ويعلم الملالي أن العد العكسي لأيامهم قد بدأ. إنهم يلقون اللوم للانتفاضة الواسعة على مجاهدي خلق، وبالتالي ليس من المستغرب أنهم قد خاضوا حملة كهذه من التضليل الإعلامي. ولكن لن ينطلي على أحد. وعندما يتم إسقاط هذه الديكتاتورية الشريرة سيسجل التأريخ أسماء هؤلاء الصحفيين الذين لعبوا هذه اللعبة غير الشريفة في نداء من الخجل والعار.
سترون ستيفنسون منسق الحملة من أجل التغيير في إيران وعمل كعضو في البرلمان الأوروبي ممثلا إسكتلندا (1999-2014) ورئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي (2009-2014) ورئيس مجلس إدارة مجموعة أصدقاء إيران الحرة ( 2004-2014) وهو محاضر دولي في الشرق الأوسط وأيضا رئيس الجمعية الأوروبية لحرية العراق.