رحيم الخالدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

كيف نتقدم ؟

تتغير أنماط الحياة بين الحين والآخر، ونلاحق التقدم لتغيير الحياة للأسهل، ونستغني عن بعض الأمور لإستبدالها، كونها أصبحت لا تفي بالغرض مقارنة بالمستحدث، لكن هنالك أشياء لا يمكن إستبدالها، وتدخل مباشرة في حياتنا وتلعب دوراً مهما، ولا يمكن الإستغناء عنها، مثال ذلك لا يمكن إستبدال الأب أو الأم كونهم البناة الرئيسي في عماد العائلة، بإستثناء الحالات الشاذة، التي برزت أخيراً في مجتمعنا، وهي مستنكرة من قبل عامة الناس، سيما المتربين تربية صالحة . إبن يرمي والده أو والدته في قارعة الطريق!

أو يعمل جميلاً ليضعهم في دور رعاية المسنين، وعائلة تستغني عن فلذات أكبادهم، بحجة عدم التمكن، وتتركهم لمن يحب تربيتهم، وحالات كثيرة تبعث على الإستغراب! .

هذا أولا ناتج عن الحالة التي يعيشها مجتمعنا .. والحروب أول الأسباب كذلك عدم الإستقرار، والإهمال الحكومي الملحوظ الذي أوصل الأمور لهذه الحالة، والعوز المادي لشريحة كبيرة من المواطنين، وهذا يحتاج لدراسة عميقة ومكثفة من قبل المعنيين، ومعرفة الأسباب ومعالجتها، لأنها أصبحت ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها، إلا في حالة وجود التفاتة جدية لتلافي حدوثها مستقبلاً ومعالجة أسبابها.

كلنا يريد محاربة الفساد والتخلص منه، ووسائل الاعلام الجيدة التي تتبع الأسلوب المهني المسؤول مشكورة، توضح لنا بين الحين والآخر، من خلال نشرها وثائق فساد في دائرة أو وزارة معينة وتضعنا بالصورة، لكن جمود السلطات وعدم جديتهم بالمحاسبة يجعلنا حائرين!.

ليس في نيتنا إتهامها بأمور ليست لائقة، وجعلها شريكاً بالفساد، لكن المطلوب منها الجدية في المحاسبة، وليس الإكتفاء بالعقوبة للفاسد أو المرتشي الصغير، بل تكون العقوبات رادعة، وأهم شيء في العقوبة هو إسترجاع ما سرق أولاً، والعقوبة تأتي ثانيا.. ويا ليت توضح لنا المحكمة آلية براءة السوداني ؟.

إستلم محافظ واسط مهام عمله كمحافظ للكوت، وكانت المطاليب محافظتهِ التخلص من الفساد والقضاء عليه، سيما وهو يمتلك شهادة عليا، حيث إتبع أسلوب ضرب الهرم، وليس الأسلوب التقليدي من قبل كثير من المسؤولين، الذين تركوا الحيتان وعاقبوا الأسماك الصغيرة، وما أن وضع يده على الجرح، وبدأ بفضح الفاسدين والمتنفذين، يضاف لهم المافيات، حتى ثارت ثائرة الفاسدين ومن يقف خلفهم!

وأتبعوا أسلوباً جديداً غير معهود، وهذا كشف للجمهور أن الفساد ليس بشيء عادي، بل هنالك آليات تتحكم بمجلس المحافظة، الذي لبى الطلب ومن غير سابقة، بإجتماع لإقالته من منصبه وتنصيب شخص من نفس طينتهم! لبقاء الحال كما يرغبون .

بعد بيان أنياب الفاسدين بدأ بتعليل الهجمة، ولم يكتفي بهيئة النزاهة وباقي الطرق القانونية، بل إتبع الأسلوب الذي يستحقون، وهو التصريح دون خوف أو وجل وعلى الفضائيات، ومن المحتمل إذا تصعدت النبرة أكثر، سيكشف بالأسماء!

وأبسط ملف هو عائدات معبر زرباطية، الذي تأخذ المحافظة وحسب القانون النصف من تلك الواردات، التي يمكن تعمير المحافظة وتمكينها من البناء، وقد صرح قبل فترة ليست بالطويلة، أن المحافظة لا تعاني من نقص بالتمويل، بل هنالك أزمة إدارة!

وهذا يحتاج لأشخاص يمتلكون النزاهة، لإيقاف مافيا الفساد، والقرار للنهوض بواقع المحافظة، التي تعاني من تراكم فساد طال أمده ولابد له من نهاية .

نتقدم بالتخطيط الجيد والمحاسبة الفعلية، والضرب على يد الفاسدين مهما كانت مرتبته في عشيرته ومجتمعه، والمطالبة اليوم من رئيس الحكومة، تفعيل الدور الرقابي الجاد فعلاً، على أن يكون مستقلاً ومهنياً يحميه القانون من يد أؤلئك الفاسدين، وإنهاء عمل اللجان التي تم تشكيلها سابقا، وعرض النتائج لإقناع المواطن أن هنالك حكومة قوية، قادرة على المحاسبة وفق القانون والدستور، الذي أصبح لا يعرف بالعقاب والثواب، فالسارق يكرم ويهان الفقير، الذي سلبت أمواله من قبل ثلة مارقة تحميها أحزابها .