ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق: كي نكون دولة !

إمسك ورقة وقلم، وأكتب ما مر به العراق منذ عام 2003، حين بدأ تاريخ جديد لم يكن أحد يتخيله، وأحداث عظمى لم ير العالم لها مثيلا،  تتسارع لها دقات قلبك، و يسترسل بالكتابة قلمك لتنه الصفحة الأولى، وأنت لم تحص أحداث فترة الإحتلال، وتغير شكل النظام السياسي في العراق الى صورته الجديدة.

  عشر صفحات إكتملت، وما زال قلمك مستمرا بالكتابة، وكيف جرت الإنتخابات ؟ وكيف تشكلت الحكومات ؟ وكيف بدأت الصراعات السياسية ؟ حتى ولدت صراعات طائفية ضربت البلاد وقتلت وشردت العباد، سيكتب قلمك عن تعاقب الحكومات على العراق، وكيف إن بعض الإحزاب المشتركة فيها، بنت نفسها على حساب بناء الدولة !  فكل حزب حول حصته من الوزارات الى حصن له ولإنصاره، فإستشرى الفساد وتدهورت الخدمات.

  سترتجف يدك ويتوقف قلمك، حين ينظر الى حالنا، فقد أصبحنا شعبا متمزقا طائفيا وقوميا، وداعش إحتلت ثلث إرضه حتى وصلت أطراف العاصمة، وحكومة حصنت نفسها في المنطقة الخضراء، لاهية في التصارع على مغانم السلطة، ففقدنا عنوانا إسمه " دولة "، لكن لإننا أصحاب أول دولة في التاريخ، وأحفاد أولئك الرجال الذين حكموا الجهات الأربع، فقد إنتفضنا لنعيد التاريخ الى مساره الصحيح.

   توحد الشعب بكل طوائفه، وأعيدت الأرض المسلوبة، وهزم الغزاة الجدد شر هزيمة، وصنع العراقيون ملحمة لم ير التاريخ لها مثيلا، وتغير مسار العملية السياسية في العراق، فتغيرت التحالفات الطائفية والقومية، وبتنا نشهد تكتلات وطنية، وأصبحنا نملك دولة ينظر العالم اليها بشكل مغاير، فصارت تتسابق الوفود الى بغداد، تعيد رسم الاتفاقيات السياسية والاقتصادية، لكن ما زال للأمر بقية.

  على قلمك أن يكتب بالخط العريض، أن هناك معارك مؤجلة على الحكومة القيام بها لتفرض " هيبة الدولة "، فالحرب على الفساد تعادل الحرب على الإرهاب، بل ربما أشد منها، لأن أغلب الفاسدين وحماته هم في الهرم الأعلى للسلطة، ولن يستقر للدولة قرار إذا ما بقي الفاسدون، ينهبون ثروات البلاد ويعطلون مشاريع التنمية، مسببين البطالة والفقر والفوضى في صفوف المجتمع.

   أكتب بخط أحمر، أن هناك خطر ما زال يهدد كيان دولتنا الفتية، فالسلاح السائب خارج أطار الدولة نار مستعرة، في كل يوم يصيب شررها أبناء الوطن، فبعض الكيانات المسلحة ما زالت ترفض الإنصياع للحكومة، وبعض العشائر تملك من الأسلحة ما يعادل فرقة عسكرية، وبعض العصابات إستولت على الأراضي الحكومية بقوة السلاح، تبيعها كيفما تشاء دون خوف أو رادع من أحد.

   لقد خاض العراقيون تحديات كبرى هددت وجودهم، لكنهم خرجوا منها منتصرين، وبقيت تحديات محاربة الفساد وتوفير الخدمات وحصر السلاح بيد الدولة، تقف عائقا أمام فرض هيبة دولتهم، وإستعادت مكانتها التاريخية بين الأمم، ويقينا إنهم سينتصرون فيها، إذا ما توفرت النية الصادقة والقوانين الفعالة، وأشخاص أكفاء يمتازون بالصدق والنزاهة والشجاعة، وإلا سنبقى دولة مع وقف التنفيذ.

 رفعت الأقلام وجفت الصحف.