محمد فؤاد الكيلاني يكتب لـ(اليوم الثامن):
القيصر الروسي يظهر من جديد
بعد فشل ما يسمى بالربيع العربي وصدّ صفقة القرن ورفضها من معظم دول العالم ، ظهرت روسيا من جديد ، هدفها السيطرة على دول مهمة في العالم، فمن غير المعتاد لدى موسكو بأن تحارب خارج أراضيها، ففي سوريا كان لها بصمات واضحة ، وفي فنزويلا أيضاً رفضت التدخل الأمريكي وقامت بإرسال قوات إلى فنزويلا وتم استقبالهم في مطار كاراكاس، وهذا الأمر يستفز أمريكا بأن تقوم روسيا بمهمة عسكرية في فنزويلا برغم الحصار على هذا البلد، والتعاون العسكري بين روسيا ودول العالم أصبح واضحاً للعيان، بعد أن قامت تركيا بشراء صواريخ متطورة من روسيا .
أفريقيا هي قارة كبيرة ومهمة وأمريكا تريد الهيمنة على هذه القارة، لكن مصالح الدب الروسي من الاستفادة ببناء علاقات مع أفريقيا للاستفادة من الثروات الأفريقية (القارة السودائيتين) ، وما تحويه من نفط وألماس ويورانيوم وغيره الكثير من الثروات والمعادن النفيسة، دخلت روسيا إلى أفريقيا ، وعمدت على إرسال قوات عسكرية من أجل بناء قواعد لها في الداخل الأفريقي ، وفي نفس الوقت قامت بإرسال متعهدين لفتح أسواق تجارية بين روسيا وأفريقيا على غرار ما قامت به الصين في وقت سابق ، والمعروف اقتصادياً أن أكبر سوق للصين موجود داخل القارة الأفريقية ، وهذا التوجه الروسي يتم بالتنسيق مع الصين كما هو واضح ، والتعاون بينهم كان جلياً في الوقوف بجانب فنزويلا أثناء الهجمة الأمريكية الأخيرة عليها ، وتمثل هذا الوقوف بإرسال قوات إلى فنزويلا ، وذكرت الصحف الروسية بأن مهمة هذه القوات هو تدريب الجيش الفنزيولي على إطلاق صواريخ إس 300 التي تتميز بها روسيا ، وثبت نجاحها في الفترة الأخيرة حين استعملتها سوريا ضد الطائرات الإسرائيلية.
الصناعات الروسية لها سمعتها الطيبة في العالم سواء كانت عسكرية أو صناعية ، وفتح أسواق بهذه القارة ينعش الاقتصاد الروسي من جديد، والمصانع الروسية تبحث عن مستهلك ، والقيصر الجديد قام بوضع يده على أقوى سوق في العالم ، لتكون المنفذ لتصريف البضائع الروسية .
ومن الناحية العسكرية وجود قوات وقواعد عسكرية داخل الشمال الأفريقي ، يجعل روسيا تزداد قوة وهيمنة على العالم ويعتبر نهاية القطب الأمريكي الواحد والمتحكم، ليصبح قطبين روسيا وأمريكا ؛ هذا من ناحية اقتصادية وعسكرية .
أما من الناحية التعليمية ففي إحصائيات جديدة واللافت للنظر أن الجامعات الروسية وبكافة اختصاصاتها أصبحت محجاً للطلاب الأفارقة ، وطلب العلم من روسيا بعدما كانت تطلب العلم من أوروبا وأمريكا، وهذا يعزز التعاون بين أفريقيا وروسيا ، على أوسع نطاق.
ولبناء علاقات روسية أفريقية بدأت روسيا بزيارات تعتبر مكوكية إلى هذه القارة، وتمثل ذلك بلقاء الرئيس السوداني ، ونتج عن هذا اللقاء بأن تقوم روسيا بإقامة قواعد عسكرية روسية على أراضي السودان ، وبعد هذا الاتفاق ستخطو دول أفريقية أخرى نفس خطوات السودان وتقوم بفتح قواعد عسكرية روسية على أراضيها ، وهذا من شأنه أن تكون روسيا في أفريقيا، وتقوم بعزل الدور الأمريكي عنها، في حال أرادت أن تتدخل في الشؤون الداخلية الأفريقية.
ومن ثم توجهت روسيا نحو الجزائر ، حاملة معها رسائل إلى أمريكا والعالم ، بأن الجزائر ليست وحدها، ولن يطبق عليها ما يسمى بالربيع العربي ، ورفضها المُطلق بصفقة القرن الذي أطلق عليها العرب (صفعة القرن)، وروسيا داعمة للجزائر وتعتبر ثاني دولة أفريقية تقوم بزيارتها بعد السودان ، الأمر واضح بأن روسيا باتت تفرض سيطرتها ونفوذها على أفريقيا بعد دعمها لسوريا في حربها ضد الإرهاب والإرهابيين ، ولا نغفل ذكر موقف روسيا المشرف تجاه إعلان ترامب بأن الجولان ارض إسرائيلية غير محتلة، ورفضها التام لمثل هذا القرار .
هذا الوضع يُنذر بحرب عالمية ثالثة أو رابعة إذا استمر هذا الوضع كما هو ، هناك دول غنية بثرواتها الطبيعة أمريكا تريد السيطرة عليها لسداد العجز الموجود في الخزينة الأمريكية ، وروسيا ترفض هذا الأمر ، ووجود قواعد روسية داخل أفريقيا لها اعتبارات كبيرة عند دول عظمى ومهمة في العالم تسعى إلى الهيمنة والاستفادة من هذه الثروات ، سواء كان النفط أو المعادن.