بدر قاسم محمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

مسلمون وإسلاميون !

أولا : لماذا تشكلت احزاب الإسلام السياسي في المجتمع المسلم ؟! وما حاجة المجتمع المسلم لاحزاب اسلامية ؟! ألم يقل الله في محكم كتابه ( انا انزلنا الذكر و انا له لحافظون ) صدق الله العظيم ؟!
أي اجابة ستساق لنا هنا على وجهها لايمكن بأي حال من الأحوال ان تنفك من نقطة الانطلاق التقليدية لاحزاب الاسلام السياسي , من منطق الضرورة (الرؤية الفقهسياسية) , أي ان الضرورة هي من حتمت تشكل الاحزاب الاسلامية : الضرورة الانية الضرورة اللحظية الضرورة الزمكانية.. الخ , ومن منطق الضرورة تلد وتتكاثر الأدلة والبراهين , الدنيوية أولا والدينية ثانيا , التي تحاول ان تخلص بنا في النهاية إلى حقيقة مفادها : ان الامة الاسلامية ضلت طريقها وأضلت ! ..
وأفسدتها الاحزاب السياسية عن طريق القوننة والتشريع الوضعي فكان لابد من خوض الاسلاميين المعترك السياسي وسعيهم لقوننة الشريعة الاسلامية !... كلام جميل ومنطق يبدو وجيها لكن لاينبغي اغفال ان هذا المنطق ينطلق مستندا على رؤية عقلية وليست نقلية من العقيدة , كما لاينبغي اغفال نسبية العقل لأن هذه الألية من التفكير هي أساس نقد " جماعة المعتزلة " وجوهر خطيئتها على الرغم من اختلاف منهاج جماعة المعتزلة الفكري الذي حاول ان ينفذ أولا إلى أصول العقيدة وان يُعمِل فيها العقل ويترك النقل فأهمل نسبية العقل البشري ! , وكأن احزاب الاسلام السياسي وهي تتشكل تُعمِل العقل في ماتراه من حال المجتمع الاسلامي ومن ثم بعد إعمَالها العقل والمنطق تختطفك وتلج بك إلى عتمة النقل المتضارب مع بعضه ..
وأنت في الداخل ,في عتمة النقل, لاينبغي ان تُعمِل عقلك أو تستخدمه بل ينبغي عليك ان تسلم برأي مرشد الحزب الإسلامي الرأي الذي هو في الاساس عقيدة مقدسة لاجدال فيها ! .. ماعلينا لنسلم بسلامة رأي وعقيدة الحزب على كل حال .. لكن بعد ان نكون قد سلمنا عقولنا وكل جوارحنا لقيادة الحزب الإسلامي , إذا بها ماتلبث ان تواجهنا بعض الموانع العقدية التي تعترض طريقنا السياسي : كأن نواجه تشريع دستوري يساوي تصويت المرأة بتصويت الرجل (وهذا لايجوز ) أو كأن نحلف ونقسم إيمان مغلظة حفاظا على نظام جمهوري لا نؤمن ببعض نصوصه الدستورية  (وهذا لايجوز ) أو كأن نمرر معاهدات دولية ونصوت عليها وهي من وجهة نظر شريعتنا الاسلامية لاتجوز .. الى اخره !.. فماتلبث ان ترتد بنا قيادة الحزب الاسلامي إلى مربعها ومنطلقها الأول (منطق الضرورة وإعمَال العقل ) ونعود بعد ان مُلئت عقولنا بالعقيدة النقلية المقدسة إلى استخدام منطق اللحظة العقلية المبجلة فيأتي المشرع الحزبي الأول للحزب الاسلامي ليُجوّز الغير جائز ويُحل الغير مُحلل ..!
السؤال : عند أي حد سيتوقف الحزب الاسلامي عن استخدام منطقه السياسي هذا المناقض لشريعته ومنهاجه العقدي ؟!
لانعرف عند أي حد يمكنه التوقف ! .. مانعرفه انه يسعى لنصرة العقيدة بالوسيلة التي يراها (وضع ألف خط تحت كلمة يراها ) ممكنة ولا بأس ان أضر بالعقيدة وداس في طريقه على بعض نصوصها وأحكامها الفقهية .. فالغاية تبرر الوسيلة : وهل هناك عقيدة سماوية وحتى غير سماوية تعتقد بصحة ألية (الغاية تبرر الوسيلة )  ؟!
لا لا توجد عقيدة تقر هذه الألية الا عقيدة احزاب الاسلام السياسي!.
اخيرا وهو الأهم لنتخيل ان حزب اسلامي تسلم مقاليد السلطة والحكم ! : بعد السلطنة والتمكين برأيكم هل ستقبل عقيدته فيما بعد بتعدد احزاب اسلام سياسي ناهيك عن تعدد احزاب سياسية مدنية أخرى ؟!
لا اعتقد انه سيقبل لأن تعدد احزاب الاسلام السياسي يعني بالضرورة في وقتنا الحالي تعدد العقائد ! .. ولن يقبل بها حتى من الباب الفقهي الذي يعتبرها تعددية مذهبية !.