بدر قاسم محمد يكتب:
انتصار عدن.. للعدالة وجه آخر
مثلما عُرف الرئيس الليبي الراحل بصفة "العقيد معمر القذافي" فأصبحت رتبة العقيد وقفا على الرئيس القذافي ولقبا يلازم ذكره.
صارت رتبة الضابط الجنوبي "المقدم" صالح ناصر الناخبي، الذي كلف بمهمة إنزال علم دولة الجنوب في عدن لحظة إعلان الوحدة مع الدولة اليمنية في صنعاء صباح يوم 22 مايو 1990م، وقفا ولقبا للضابط صالح الناخبي.
ذات الرتبة العسكرية التي وقفت عندها عقارب ساعة الزمن ولم تمض قدما بالجنوب فتوقفت وأوقفت معها رتبة المقدم الناخبي ولم تتزحزح قيد أنملة إلى الأمام إلى أن صارت لقبا يتمنى الجنوبيون من خلال إطلاقه على الناخبي لو يعود الزمن بهم إلى ما قبل الوحدة المشؤومة مع اليمن..
مثلما أرادت ممارسات سلطات صنعاء عقب اجتياحها لعدن والجنوب في حرب صيف العام 1994م بالقوة العسكرية واحتلاله، من خلال تسريح الجيش الجنوبي وإيقاف تدرج الرتب العسكرية عن التقدم، العودة هي الأخرى بالزمن إلى ما قبل الوحدة.
بشكل مكثف انطبعت صورة وعلاقة "المقدم صالح الناخبي" في الذاكرة الجمعية الجنوبية مقترنة بلحظة إنزال علم الدولة الجنوبية التي ظل عندها الناخبي مقدما لم يتقدم وظل احتلال الجنوب مؤخر صداق هذه اللحظة المجنونة.
لهذا ما زال الناخبي يُعرف لدى الشارع الجنوبي ب"المقدم صالح الناخبي" حتى بعد ترقيته مؤخرا لرتبة عميد بعد خوضه شرف معركة تحرير عدن مع زملائه الثوار من سيطرة مليشيات صنعاء الحوثعفاشية في يوليو 2015م.
"المقدم صالح الناخبي" ليس لقبا مجردا بل هو رواية تاريخية يرويها الشعب الجنوبي بذاكرة جمعية لا تظل إرادتها ولا تنسى، تجتر أماني وأحلام شعب وأمة جنوبية واحدة توقف عند هدف استعادة الوطن والدولة الجنوبية.
مثلما يقال، للعدالة وجوه كثيرة، أظن أن "للرواية التاريخية وجوه كثيرة" أيضا.
لماذا لا يحتفي نشطاء واعلاميو جماعة الإخوان من الجنوبيين بيوم انتصار عدن؟!
إذا كان بسبب وضع عدن الراهن الذي يخول لهم الاختلاف مع الآخر الجنوبي حنقا على عدن.. فهو سبب غير كاف لعدم الاحتفاء والفرح بذكرى انتصار عدن، لأنهم يبدون هنا كمن يختلف مع الوطن وليس مع وضع الوطن الراهن، خصوصا وأنهم يدعون مشاركتهم في انتصار الوطن مع كل أبنائه الأحرار.
ربما يثبت هؤلاء بطريقة غير مباشرة زيف ادعائهم حب عدن والجنوب ومشاركتهم في انتصاره.
الفرق الوحيد بين عمليات الاغتيال الجماعي لمنتسبي الحزام الأمني المنفذة أخيرا في أبين وعمليات الاغتيال الفردي لمنتسبي قوات النخبة الحضرمية والشبوانية، هو إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الأولى.. بينما الأخيرة تقيد ضد مجهول يستهدف طرفا جنوبيا معلوما دون غيره.
بينما أوجه الشبه عديدة منها، الطرف المستهدف هو نفسه والطرف المنفذ هو نفسه والملابسات الجنائية هي نفسها.
وكل هذا يذهب بنا إلى ملابسات سياسية بعينها تشير إلى مسؤولية تنظيم جماعة الإخوان دون غيره.