هاني مسهور يكتب:
حزب الإصلاح .. ذراع قطر ولسان اردوغان (1)
تمثل مقاطعة الرباعية العربية (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) لدولة قطر في يونيو 2017م متغيراً سياسياً حاداً على مستوى السياسات في الشرق الأوسط، وانعكست هذه المقاطعة على ملفات وقضايا مختلفة منها الملف اليمني الذي تأثر بكل مباشر من إجراءات المقاطعة وتبعاتها، ولعل الحدة في الخطاب العدائي التي تنامت بشكل متزايد من كوادر حزب التجمع اليمني للإصلاح بعد المقاطعة تعطي دلالة واضحة على أن العقيدة الإخوانية هي العنصر المحرك لهذا الحزب.
في تكوين حزب التجمع اليمني للإصلاح ثمة عنصر لطالما تغافل عنه البحثين والدارسين لتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، فالإخوان المسلمون لم يحصلوا على ما حصل عليه (إخوان اليمن) إطلاقاً، فالإخوان اليمنيون كانوا شركاء في السلطة السياسية منذ نشوء الجمهورية العربية اليمنية عام 1962م ولعب الشيخ القبلي عبدالله بن حسين الأحمر دوراً اساسياً على مدار سنوات النظام الجمهوري حتى جاء الوقت لتأطير التنظيم ككيان سياسي قبيل إعلان الوحدة بين شمال وجنوب اليمن عام 1990م.
في مذكراته كتب الشيخ الأحمر :”بالنسبة لنا؛ المشائخ والعلماء، كان توقعنا أن الحزب الاشتراكي دخل الوحدة وسيضم إليه الأحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين وتلك المسميات الأخرى، حزب عمر الجاوي مثلاً، وسيشكلون كتلة واحدة، وكنا جميعاً في المؤتمر الشعبي العام.. ولهذا؛ لا بد لنا من إنشاء أحزاب تكون رديفة للمؤتمر، وطلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكون حزبًا في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر، قال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي، وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها، وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح في حين كان هناك فعلاً تنظيم وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذي جعلناه كنواة داخلية في التجمع لديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والأيديولوجية والتربية الفكرية”.
عمق العلاقة القطرية بتنظيم الإخوان في اليمن يمكن الإشارة إليه في موقف دولة قطر الرسمي خلال حرب صيف العام 1994م، ففي تلك المرحلة التاريخية أظهرت قطر تنافراً عن موقف دول الخليج العربية عندما رفض القطريين صيغة (924 و931) فلقد تحفظ السعوديين على نص فرض الوحدة اليمنية في الصياغة خشية من أن يستخدمها نظام صنعاء بوحشية عسكرية ضد الجنوب بينما كان الرأي القطري خلافاً لذلك، تلا ذلك موقف الدوحة الداعم لصنعاء برفضها الانفصال والامتناع عن الاعتراف بالدولة التي أعلنها نائب رئيس الجمهورية الأسبق علي سالم البيض في 21 مايو (أيار) 1994. واتخاذها في تلك الأثناء سلسلة مواقف مساندة لوحدة اليمن في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وفي بقية المحافل الدبلوماسية الإقليمية والدولية.
بعد الغزو الشمالي للجنوب في 1994م وما لعبه حزب الإصلاح من دور حظي الحزب بتمويل مالي مباشر من خلاله تمكن حزب الإصلاح من مراكز مختلفة لعبت أدوار مهمة سواء أنها وفرت مقرات للأفغان العرب الذين كانوا قد تقاطروا على اليمن خلال الحرب ثم انتشروا في المحافظات الجنوبية بشكل ملحوظ، كما أن قطر دعمت أنشطة الجمعيات الخيرية التابعة لحزب الإصلاح وساهمت في تمويل بعض المشاريع الطبية والتعليمية المملوكة للإصلاح، إلى جانب تمويل منظمات المجتمع المدني والصحف والأقلام الإعلامية ذات التوجه الإخواني.
لعبت قطر دوراً مزدوجاً فهي التي واصلت دعم حزب الإصلاح مالياً منذ ما بعد 1994م كذلك قدمت دعمها للحوثيين في صعدة ، هذه الازدواجية برغم أنها متناقضة لكنها كانت تتم عبر مشاريع متوازية سياسية وغير ذلك، ولعل أهم ما قدمته قطر للحوثيين سياسياً كان منحهم شرعنة سياسية برعايتها المفاوضات بين نظام صالح والحوثيين عام 2004م بالإضافة إلى تكفلها بدعم مشاريع تنموية داخل صعدة .
بعد تنازل الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن السلطة نسجت قطر علاقات متميزة مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، كجزء من دعمها للإخوان المسلمين، وقدمت لها دعماً مالياً بنصف مليار دولار، وقامت الدوحة بدفع رواتب وزارة الخارجية اليمنية المقدرة بربع مليار دولار، كما قدمت للجمعيات الخيرية الموالية لحزب الإصلاح بين أعوام (2011 ـ 2014) 100 مليون دولار، يضاف إلى ذلك أنها قدمت أجهزة بث تلفزيوني وعملت على تجهيز مراكز إعلامية في مختلف المحافظات تحت إشراف كوادر حزب التجمع اليمني للإصلاح.