نورا المطيري تكتب:

كيف نتفاهم مع إيران؟

أصاب سمو ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، حين ذكر، في لقاء مع سموه، إلى انعدام وجود لغة تفاهم وحوار مع النظام الإيراني، وقال: «كيف نتفاهم مع نظام لديه قناعة مرسخة بأن نظامه قائم على إيديولوجية متطرفة منصوصة في وصية آية الله الخميني، في السيطرة على العالم الإسلامي، ونشر مذهب الجعفري الإثني عشري الخاص به، حتى يظهر المهدي المنتظر، الذي سيأتي حتماً، ويجب تحضير بيئة خصبة له عند وصوله، أهمها السيطرة على العالم الإسلامي» وشدد سموه وقال «كيف نتفاهم معهم؟»

الدراسات والبحوث، التي تشير إلى وجود «هلال شيعي ملالي»، يبدأ في إيران ويمر في العراق وسوريا وينتهي في لبنان، لا تنظر إلى الخرائط السرية المعتمدة في خزائن الحرس الثوري الإيراني، والتي تستكمل هلالها المزعوم ليصبح دائرة تبدأ من غزة في فلسطين وتنطلق نحو لبنان وسوريا وصولاً إلى العراق ثم إيران، وتستكمل طريقها مروراً بالمنطقة الخليجية ثم تكتمل في اليمن.

نظام الملالي، يعتمد في الدائرة الإرهابية، على الأقليات الموجودة في كل دولة أو مدينة يدخلها، يتسلل عن طريق الخطابات الدينية العاطفية المتشددة، المحشوة بالكراهية والتحريض ضد الآخر، ويقوم أصحاب العمائم، الذين يدينون بالولاء والقدسية للمرشد الأعلى، الذي يقدم لهم صكوكاً بدخول الجنة، بمهمة مزدوجة، مليئة بالخطابات الشعبوية لبث الخوف والحزن، وزرع الشك والتفرقة في النفوس، وعدم الثقة بين الحاكم والمحكوم، ثم تشتعل فتيلة الفتنة، وتتحول هذه الأقليات إلى مرتزقة وميليشيات كما حدث في حزب الشيطان والحوثي والحشد الشعبي وحماس.

المراقب لتحركات النظام الإيراني بالمنطقة العربية، خطوة بخطوة، يرى أن محاولة توسع النشاط الاستيطاني النفسي والعقلي في دول الخليج، تجد في قطر الخائنة، الحاضنة الحليفة الصغيرة، التي تتولى استخبارياً وجيوسياسياً، مهمة اختراق المنطقتين الخليجية والعربية لتفكيك تماسكهما. حيث بدأت، ومنذ أواسط تسعينات القرن الماضي، برامج سرية مشتركة، للتوغل شرقاً وغرباً في تلك الدول، حيث عملت قطر بجد، سواء من خلال أقليات شيعية، أو جماعة الإخوان المسلمين، على تصدير الثورات والتوترات، مستعينة بأموال الغاز، والدعم اللوجستي والإعلامي، إلى جانب عمليات شراء الذمم والتجنيس للمتطرفين والإرهابيين، الذين تم تدريبهم في الدوحة وطهران.

لعب نظام الحمدين في الدوحة، حليف إيران، في المنطقة، دوراً إسنادياً موازياً، فانتهج سياسة صهيونية قديمة، تشبه سياسة اليهود بغزو فلسطين في بداية القرن الماضي، من خلال الهجمات الصغيرة الكثيرة، المدعمة بغطاء إعلامي مركّز، على الشأن الداخلي لمعظم الدول العربية، والتي تستند إلى فكرة «فرّق تسد»، وتهدف تفكيك المجتمعات، طائفياً وسياسياً، ونخر حصانتها الثقافية والإنسانية والعقدية، عن طريق الأقليات أو الأحزاب المعارضة كجماعة الإخوان المسلمين، المستعدة دائماً لخدمة المشروع الملالي، انطلاقاً من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.

الدراسات والأبحاث السياسية، تشير إلى أن معظم الدول العربية، لم تجد طريقاً للتفاهم مع نظام الملالي، الغارق في الوهم، بل أن هناك دولاً، ليس لديها أية خطط لمواجهة التمدد الإيراني، الذي يأمل باستكمال «الدائرة الملالية»، واستعادة إمبراطورية فارس المنقرضة، التي يقودها الديكتاتور الأعلى.

من وجهة نظري، فإن جهود التحالف العربي في اليمن، كذلك الضغوط الأمريكية على نظام الملالي، لا تكفي وحدها، على قطع الطريق أمام نظام إيران ونظام حليفته الصغيرة قطر، إذ لابد من أن يفهم العالم كله، خاصة في أقصى الشرق وأوروبا، أن العالم لن يتسق، إذا استمر وجود هذه الأنظمة الفاشية الإرهابية المؤذية.

* كاتبة وإعلامية