عمر علي البدوي يكتب:
تركيا تدعم الحوثي نكاية بالسعودية
سمحت الحكومة التركية قبل أيام لعشرات الأتراك بتنظيم وقفة احتجاجية أمام القنصلية السعودية في إسطنبول لتأييد ميليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، رُفع خلالها الشعار الشهير للجماعة ويسمّى “الصرخة” وصور لزعيم حركة “أنصار الله” عبدالملك الحوثي، مرددين شعارات ضد المملكة العربية السعودية تصفها بأقذع الألفاظ.
في بلد تضيق فيه مساحة الحرية والعفوية مثل تركيا، يسمح النظام لديها بدعم فصيل خارج عن الشرعية، ومرفوض لدى المجتمع الدولي، يتسلط على الشعب اليمني، يمارس عليه أبشع أنواع التنكيل، غير آبه بمشاعر اليمنيين ولا تضحياتهم في سبيل التحرر من قبضة هذه الميليشيا المتخلفة.
تفعل أنقرة هذا بدوافع سياسية غير نزيهة، وتجاهر بازدواجيتها الصارخة، وهي التي أعلنت عن دعم عمليتيْ عاصفة الحزم وإعادة الأمل أول الأمر، ثم تنكص اليوم وتعطي الضوء الأخضر لمجاميع المؤيدين لهذه الجماعة الإرهابية للتعبير عن نفسها في وسط المدينة المكشوفة بلا عتاب أو حساب.
ولو استعرضنا سلسلة الجرائم التي اقترفها الحوثيون في حق اليمنيين، باعتراف المجتمع الدولي، سيشعر كل صاحب ضمير بالخجل من إبداء أي نوع من الدعم أو التعاطف مع هذه الجماعة الانقلابية المتمردة.
يقاتل الانقلابيون الحوثيون الذين يحتلون العاصمة اليمنية منذ أربع سنوات، القوات الموالية للحكومة الشرعية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. ودفع النزاع في اليمن الذي سبب أسوأ كارثة إنسانية في العالم حالياً حسب الأمم المتحدة، بملايين الأشخاص إلى حافة المجاعة.
وقبل أسابيع فقط، جمدت تركيا ممتلكات ثلاثة من كبار قادة المتمردين الحوثيين في اليمن، حسب قرار نشر في الجريدة الرسمية. وتفيد الوثيقة التي وقّعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هذا القرار اتخذ تماشيا مع عدد من قرارات مجلس الأمن الدولي.
لكن، وعلى عادة الحكومة التي يقودها الرئيس المتناقض أردوغان، سمحت بهذه التظاهرة الموجهة بالأساس لمضايقة السعودية، في إطار سياسة مواجهة عدائية لم تعد خافية لاستهداف الرياض وإعاقة دورها الحيوي في المنطقة، الذي يعزز وينتصر للحضور العربي المعتدل، ويستفز، بالضرورة، تلك المشروعات التركية والإيرانية الدخيلة والمستهجنة.
وألقى منظمو التظاهرة بيانا فجّا وغير أخلاقي وصف الواقع اليمني “بمذبحة بشرية على يد التحالف السعودي، بدعم أميركي ومشاركة إسرائيلية”، وقال البيان إن اليمنيين يُذبحون بلا رحمة، ودون أي سبب.
ومجّد البيان الحوثيين قائلا إنها حركة قاومت الهيمنة الإمبريالية، وتواجه النظام الخائن، وحثّ على مناهضة ما سماه “الحرب التي تقودها السعودية في اليمن”، مشيرا إلى أنه لا فرق بين الحصار الذي يتعرض له اليمن على يد التحالف، والحصار الذي تتعرض له غزة منذ 12 عاما على يد إسرائيل.
وزاد البيان المُلقى علانية في التظاهرة المرخصة رسميا بتحية عبدالملك الحوثي وفصيله، قائلا “إن الحوثيين يحققون انتصارات كبيرة ستكتب كقصص ملحمية في التاريخ”.
كيف تجرؤ الحكومة التركية بترخيصها لهذه المظاهرة المشينة، أن تستخف بمتاعب اليمنيين وتضحياتهم، وتمنح اعترافا بعدالة هذه الجماعة الانقلابية المتمردة؟
وكيف تساوي بين الذي ينتهك حقوق شعبه وينكل به ويغتصب عاصمته ويحتجز المساعدات الدولية ويمنع وصول الشاحنات الإغاثية ويجنّد المرتزقة الأفارقة ويختطف شيبه ونساءه وكفاءاته، ويغيّب مفكريه ومبدعيه وينهب أمواله ويبتز مواطنيه ويجند أطفاله ويسبي نساءه ويودي بالبلاد كلها في المهالك، وبين السعودية التي لبّت نداء الشرعية واستنصرت لمظلومي اليمن، وبلغت حجم مساعداتها الإنسانية أكثر من 11 مليار دولار دفعتها الرياض من خزينتها لترميم الحلم اليمني المنهك بالاستقرار والإعمار، في وجه هذه الجماعة الظلامية البشعة.
-العرب