أزراج عمر يكتب:
الجزائر: محمية موريتي رمز فساد عصابة النظام الحاكم
أصبح من الثابت الآن أن عددا كبيرا من أفراد النظام الحاكم في الجزائر سوف يجبرون على إخلاء محمية موريتي البحرية بالقوة، بعد أن حولوا مساكنها المخملية إلى مرتع لهم ولأولادهم وذلك على مدى أكثر من عقدين ونصف العقد من الزمان دون وجه حق. من المعلوم أيضا أن مساكن منطقة موريتي قد منحت لهؤلاء مجانا وهم معفيون أيضا من دفع فواتير الماء والغاز والكهرباء والهاتف
وتفيد مصادر مطلعة أن أمام هؤلاء أسبوع واحد لتفريغ هذه المحمية بشكل كامل، وإذا لم يحدث ذلك فإن مصالح الدولة ستلجأ إلى استعمال قوة القانون لإخراج قاطنيها، وفي مقدمتهم رؤساء وزراء وجنرالات ووزراء وسفراء ومديرون مركزيون كبار وأتباعهم، فضلا عن عائلات محسوبة على عصابة النظام الجزائري.
في الحقيقة هناك عدد كبير من المحسوبين على الثقافة والإعلام قد تورطوا في الاستحواذ على أملاك الدولة دون حق في هذه المنطقة وفي مناطق أخرى عبر الوطن، وهم يحاولون أن يركبوا موجة الحراك الشعبي للتغطية على فسادهم.
وفي الحقيقة فإن منطقة موريتي وامتداداتها في غرب عاصمة الجزائر تحولت مع مرور الأيام إلى رمز للتفرقة بين المواطنين البسطاء الذين يُحشرون في عمارات حقيرة في مناطق تندر فيها المياه الصالحة للشرب، وبين أصحاب النفوذ من المحسوبين على الإعلام والثقافة والوزراء والضباط الكبار وأصحاب السلطة الساحقة في المؤسسات الكبرى التابعة في الحقيقة لعصابة النظام وليس للدولة كما يروج لذلك.
وفي الواقع فإن منطقة موريتي لا تمثل فقط المنفذ الذي دخل منه الجيش الاستعماري الفرنسي في العام 1830، وإنما هي أيضا الفضاء الذي يرمز ماديا إلى تقسيم الجزائر، بعد رحيل الرئيس هواري بومدين، إلى عالمين متناقضين؛ وهما عالم الفقراء، وعالم الأغنياء وأصحاب القوة والحل والربط، حيث تم بذلك إحياء التقسيم الاستعماري القديم.
لا شك أن الحركة الثالثة التي أسفرت عنها الانتفاضة الجزائرية -بعد نسف العهدة الخامسة للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة ووضع عدد من كبار العسكريين والمسؤولين في السجن وإحالتهم على المحاكمة والمحاسبة القضائية- ترمي جوهريا إلى محو هذا التفاوت والفصل التعسفي الذين يعيدان إنتاج الممارسات الاستعمارية بين المواطنين وبين المسؤولين الكبار في الدولة الجزائرية.
وتتمثل هذه الحركة الثالثة في القرار الذي اتخذه في الحقيقة رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، وليست الحكومة الخجولة كما يروج لذلك، لطرد العشرات بل المئات من سكان محمية بمنطقة موريتي البحرية الواقعة بغرب العاصمة بمحاذاة فندق شيراتون المخملي.
في الواقع فإن طرد هؤلاء من هذه المحمية المصفحة يدخل في إطار محاربة الفساد الذي تعودوا على تكريسه في المجتمع الجزائري بمختلف الأساليب.
أما على الصعيد العملي فهو يعني إعادة هذه المنطقة السياحية الجميلة إلى موقعها الطبيعي لتصبح أحد منتجعات السياحة الوطنية التي ستلعب دورا في دعم الاقتصاد الوطني من جهة، والتعريف بالطبيعة الجزائرية الخلابة للسياح الجزائريين والأجانب من جهة أخرى.
من المعروف أن شاليهات وفيلات منطقة موريتي قد احتلها رموز النظام السابق وأتباعهم وطوقوها بالدبابات والحرس العسكري والأمني، حيث يحرم المواطنون البسطاء من الدخول تلقائيا إليها كما صارت مع الأيام أشبه بثكنة عسكرية.
وفي الواقع فإن الشخصيات التي استفادت من مساكن وأملاك الدولة المخملية في عدة أماكن أخرى قد قامت باستخدامها وكأنها ملكية خاصة، وكثيرا ما نجد بعض هذه الأملاك مسجلة بأسماء مستعارة.
وفي هذا السياق دعا الحراك الشعبي، وكل الوطنيين الصادقين، إلى فتح ملف استيلاء كبار المسؤولين الجزائريين وحلفائهم في أوساط السماسرة ورجال الأعمال على أملاك الدولة والشعب، على أن يشمل ذلك تطبيق القرار بأثر رجعي على كل الذين نهبوا أحسن أملاك الشعب مثل محطات البنزين والأراضي الزراعية والمساكن الفخمة، والشواطئ وثرواتها الرملية، والمحلات التجارية في العاصمة الجزائرية وفي مختلف الولايات والدوائر وغيرها من الثروات الوطنية التي كانت تابعة للقطاع العام، ثم بيعت لذوي النفوذ بأثمان بخسة منذ الاستقلال إلى اليوم.
المطلوب من الحراك الشعبي أن يواصل ضغوطه من أجل الكشف أيضا عن نهب ما يدعى في الأدبيات الدبلوماسية بالصناديق السوداء التي نهبها السفراء والقناصل والملحقين العسكريين، ومحاسبة كل من تورط في الاستيلاء على مليارات الدينارات وأكياس الذهب والفضة المودعة في صندوق التضامن الوطني في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وعلى توزيع مئات المليارات من الدينارات على ما يسمى برجال الأعمال الذين هم في الواقع إما من بطانة النظام، وإما من كبار القيادات في مختلف أجهزة الدولة بما في ذلك جهازا الجيش والمخابرات. فهل ستتم محاكمة هؤلاء أمام الشعب على مخالفتهم لقوانين الدولة ولأخلاقيات تحمل المسؤوليات فيها؟