بدر قاسم محمد:

الإصلاح : إن سبرت حجنه و إن اعتوجت شريم !.

يحاول اليمن الأعلى " جماعات عقدية و احزاب سياسية " وهو يلتقط جديد التوجه الدولي ان يقدم نفسه كنادل محترم يقف بجانب طاولة المجتمع الدولي ممسكا بالقلم والدفتر ليدون قائمة الطلبات ..

ولأن العالم مهتم الان بتفكيك الإرهاب كفكرة .. أنحشر الحوثي كنادل صاعد من الممكن الاعتماد عليه .. ; بعد ان استمر الرئيس صالح يمارس هذه المهنة , بصورة أنشط , بعد احداث ال11 من سبتمبر 2001 م الإرهابية التي ضربت امريكا , حينها كان صالح أول رئيس يزور امريكا عقب الاحداث مباشرة , زيارة تشبه الاستدعاء الفوري والمثول بين يدي الأمريكان , سجل صالح مجموعة طلبات الزبائن الأمريكان التي يأتي على رأسها - فتح الأجواء اليمنية أمام الطيران الأمريكي " القتالي والمسير " , كانت حيلة صالح مع جناح الاسلام السياسي في اليمن " حزب الإصلاح "- وهو يحاول ان ينتصر لزمالة الدرب السياسي والجنائي أولا ولوطنيته الشمالية ثانيا , ان يلقي بالطعم جنوبا نافيا عن الشمال التهمة , فيما كان يعتقد حينها - ليس صالح فقط بل الكل - ان الأمريكان مقتنعين بسنية الإرهاب الدولي .. إذاً فتهمة الإرهاب تبدو لائقة جدا بالجنوب السني !. ( بدا هذا الاعتقاد عند صالح حينها كسراب بقيعة يعلن عن نهاية الحلف الأمريكا السعودي .. وهي ربما رأها بداية لصناعة تحالفات جديدة ).
ولأنه لدى الأمريكان قناعات أخرى تذهب إلى تورط صالح و الإسلام السياسي صنيعته في أمر الإرهاب .. بدا لهم أداء صالح غير مقنعا ! , صالح حتى يبدو مقنعا أكثر , حاول ان ينفض الغبار عن ثقافة قومه العقدية شمالا و ان يُربي ويرابي " الحوثي " في عقر داره .. وكأنه يقول للأمريكان بصريح العبارة :
نحن في الأصل شيعة .. باعتماده على ان المستهلك العقدي للإرهاب هو مستهلك "سني" ! .. توالت الاحداث الدرامية في اليمن إلى ان هبت رياح مايسمى ب"ثورات الربيع العربي" متجهة من المغرب العربي إلى الشام و اليمن , فجاءت لحظة تنحي الرئيس صالح عن الحكم لنائبه : عبدربه منصور هادي ذي الجذور الجنوبية السنية .
استمر صالح بالتزامن مع ادارته للعبة الإرهاب جنوبا بعد تسليمه السلطة لهادي في ممارسة لعبة تربية ومراباة " الحوثي " إلى ان أوصلت عملية تحالفه مع الحوثي الأمور إلى "نقطة اللاعودة" نقطة اسقاط صنعاء والانقلاب العسكري على الرئيس "هادي " في 21 سبتمبر 2014م, بعد حادثة نفي الحوثي للرئيس الشرعي " هادي " خارج البلد خرج تحالف حركة الحوثي و حزب صالح للعلن , عندما تمكن الحوثي من السيطرة الفعلية على كل مقدرات الدولة والمؤسستين الأمنية والعسكرية .. في مطلع العام 2017م بدأت بوادر صراع خفي بين الحوثي و صالح للظهور فتعاظم الصراع حتى انتهى بمقتل صالح في 4 ديسمبر 2017م على يد جماعة الحوثي !.
عبدالملك الحوثي الان وهو يقدم نفسه للأمريكان كنادل صاعد يمكن الاعتماد عليه في الحرب على الإرهاب " حتى وهو يرفع شعار : الموت لأمريكا ..الخ " , كمواطنه السابق مازال يلقي بالطعم جنوبا مشيرا إلى سنية الإرهاب نافيا التهمة عن جناح الإسلام السياسي في اليمن غاضا الطرف عن مرجعيته السنية .. لا لشيء إلا لأنه شمالي المنشئ , يفعل كما سبق و أن فعل صالح فهما يتفقان في ميلان النزعة الوطنية الشمالية للإخوان , بينما يختلفان فقط في الفارق التوقيتي لزمالة الدرب السياسي والجنائي ! فصالح يراها إرث ماضوي حدث و الحوثي يراها إرث مستقبلي سيحدث !.
من هنا يهز الحوثي الحبل فيهز طرفه الاخر " حزب الإصلاح " جناح الإسلام السياسي في اليمن كما سبق و ان مارس هذا الأخير مع صالح " لعبة هز الحبل و الإشارة جنوبا " عقب احداث ال11 من سبتمبر 2001م, حيث سانده وهو يلقي للأمريكان طعم الإرهاب جنوبا !.
لقد توافرت لصالح قراءة سياسية خاطئة ألقت به إلى التهلكة .. نفس القراءة تتوافر اليوم لدى الحوثي وهو يقدم نفسه للأمريكان كنادل جديد .. ربما قد تلقي به إلى التهلكة إذا لم يفرملها أخيرا , خصوصا وان الأمريكان سعوا مؤخرا لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية !.
بينما يبدو حتى الان " حزب الإصلاح " الناجي الوحيد من سياق الأحداث العربية عامة و اليمنية خاصة ; هو الأكثر مكرا و ذكاءً فهو لم يفعل كما فعل التنظيم الأب " اخوان مصر " الذي قدم نفسه كنادل جديد للأمريكان فانتهى به المطاف إلى " نادل سجين مخلوع يواجه الحكم بالإعدام و السجن المؤبد " .
اخوان اليمن نفذوا بجلودهم من مواجهة مصير اخوان مصر مرتين على التوالي :
- الأولى كانت مع صالح وهم يقبعون تحت جنحه عقب هجمات ال11 من سبتمبر و هو يستثنيهم من تهمة الإرهاب ويمارس معهم لعبة الإشارة جنوبا .. !.
- الثانية مع هادي عقب ثورة 2011م وهم قابعون الان تحت جنحه ولايظهرون أنفسهم في موقع متصدر قرار حكومته الشرعية .. وبالتالي هم غير مسائلين عن التهم الأممية الموجهة للتحالف العربي ولحكومة الرئيس هادي .. وعلاوة على هذا يمارسون لعبة التحريض الاعلامي على ادانة طرف التحالف العربي والاطراف التي تقف عمليا مع شرعية الرئيس هادي جنوبا امام المجتمع الدولي في نفس وقت ظاهر ادانتهم للجماعة الحوثية !.
أخيرا يعتقد حزب الإصلاح وهو يأرجح مواقفه بين ادانة التحالف العربي وادانة انقلاب الحوثي ان بمقدوره ان ينفذ بجلده للمرة الثالثة على التوالي :
إما في ركب شرعية الرئيس هادي (إن سبرت) أو في ركب تمدد سلطة الأمر الواقع الحوثية (فهي سابر خصوصا و هو يدعم الإشارة الحوثية إلى ان بؤرة الإرهاب تكمن جنوبا) ولسان حاله يقول :
إن سبرت حجنه و إن اعتوجت شريم !.
بدر قاسم محمد