د. ياسين سعيد نعمان يكتب:

هل يسحب البركست بريطانيا نحو اليمين ؟

سؤال ما إن يثار في أي مناسبة أو محفل حتى يغرق البريطانيون في التفكير والحيرة مما قد يتعرض له هذا التنوع الثقافي والحضاري والإثني والديني ، وما قد يتعرض له مناخ التسامح في بريطانيا والذي تتحدث عنه كمرجعية لا يطالها أي غبار من وجهة نظرهم .

التطورات التي أحدثها "البركست " ، أي الدعوة إلى الخروج من الاتحاد الأوربي ، توشك أن تحدث إختراقات في جدار السلم الإجتماعي الذي يجسده كل من هذا التنوع والتسامح ، وخاصة بعد أن قرر الناخب البريطاني أن يعاقب أكبر حزبين يتناوبان الحكم في بريطانيا من عقود طويلة ولم يعرف لهما منافس ،وهما حزب المحافظين الحاكم ( يمين الوسط) و حزب العمال المعارض ( اليسار -وسط) .

ففي الانتخابات إلى البرلمان الأوروبي التي جرت منذ ثلاثة أيام اكتسح حزب البركست اليميني المتشدد الجديد بقيادة نايجل فراج الداعية الأكبر للخروج من الاتحاد الاوربي فوراً وبأي ثمن وبدون اتفاق ، وهو موقف اليمين المتشدد الذي يعمل على أعاد تعبئة النزعة الشعبوبة في مواجهة التنوع الإثني والثقافي .

نتيجة الإنتخابات أحدثت دوياً كبيراً من حيث انعكاساتها على مسار الأحداث القادمة ، فقد حصل هذا الحزب المغمور على ٣٣٪؜ من أصوات الناخبين الى البرلمان الاوربي ، وحصل الليبراليون الديموقراطيون على ٢١٪؜ ،وحل العمال في المركز الثالث١٣٪؜ ، وحزب الخضر في المركز الرابع ١٢٪؜ ، وجاء ترتيب المحافظين الحاكم في المركز الخامس ٩٪؜ فقط.

طبعاً قد لا يعكس هذا التطور الهام تغييراً جوهرياً في معادلة الحكم والمعارضة التي استمرت عقوداً طريلة من غير تغيير إذا ما فهم الحزبان الرئيسيان رسالة الناخبين على نحو صحيح ، وقد ظهرت آثار ذلك على حزب العمال اليوم حيث أعلن زعيمه كوربن اعتراف حزبه بأنه ظل يراوح بين موقفين ، وأنه آن الأوان أن يحسم أمر العودة الى الشعب فيما تقرير طريقة الخروج باستفتاء آخر .

- الرسالتان الأقوى هما أن دائرة زعيم المعارضة جيرمي كوربن أخذها اليموقراطيين الليبراليين ، ودائرة زعيمة المحافظين ورئيسة الوزراء أخذها حزب البركست اليميني المتشدد.