حميد طولست يكتب:
المغرب: القذف سُلوك مرفوض ولو كان من مسؤول
إنه لمن الصعب على أي متابع للمشهد السياسي المغربي أن يتخذ موقفا حياديا تجاه الخطاب السياسي لبعض كبار المسؤولين والذي وصل إلى أحط درجات التدني والاسفاف في التعامل مع مصالح العباد وممعاناتهم مع عسر المعاش وغلاء المعيشة ، وتجرُّء البعض على إهانتهم لمجرد أنهم استاؤوا من أوضاعهم ، واختاروا التعبير الحضاري على معاناتهم مع ارتفاع الأسعار ، فقاطعوا ما ارتفع ثمنه من المنتوجات الاستهلاكية ، ولاشك أن غالبية المتتبعين -من كل التوجهات- اضطرتهم وطنيتهم ومصداقيتهم لشجب مبالاة المسؤولين غير المبررة لأحوال الناس، وإدانة تصريحاتهم غير المسؤولة والتي فضحت نقص وعيهم السياسي ، وكشفت قلة دربتهم على تدبير ملف اجتماعي بسيط لا يحتاج لذكاء خارق ، وعرت على مستواهم في امتهان السفاهة والبذاءة ، التي يستحقون عليها كل الإدانات الواجبة في حق من يتطاول على إهانة المواطن المغربي الكريم ببذيء الكلام ، ويذله بساقط اللغة ، و يقذفه بتافه التعابير الزنقاوية غير المهذبة ، ويخاطبه بمصطلحات الشوارع الخلفية المقززة والخارجة عن جادة الصواب، التي يأنف التلفظ بها حتى رعاع القوم ، لافتقادها للتبصر والبصيرة ، ولافتقارها لأبسط أسس العمل السياسي الرصين، والتي تثير الضحك الحزين ، وتشيع السخرية الغاضبة لدى سامعيها ، لما فيها من مس بكرامة المواطن المغربي ، والحكم على شخصيته -أهم ما لديه ، والمعبرة عن هويته الخاصة - بالضعف والسلبية والعجز والتردد وقلة الهمة والعزيمة وعدم امتلاك زمام المبادرة وفقدان القدرة على اتخاذ القرار ، وغير ذلك من المصطلحات ذات معان القدح والتحقير الجامعة لكل النقائص والقبائح والأوصاف المشينة التحقيرية ، والتي حسبنا أن زمانها قد ولى بلا رجعة مع تيار التهريج والتهكم المروج لمصطلحات "الصكوعة والمداويخ" و"العفاريت والتماسيح" و "ديالي كبر من ديالك" وغيرها كثير من المصطلحات المتخلفة التي يمقتها الذوق السليم ويحرمها السلوك المؤذب ويعاقب عليها القانون، ويدخل الله ممارسيها جهنم ، وعلى الأخص إذا كان منهم من من المفرود فيه أن يكون قدوة ، لكنه لم يقدر حجم مسؤولياته الدينية قبل الأخلاقية والسياسية ، ونسي أن إيمان العبد لا يستقيم حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، الذي لا يستقيم إلا بحسن الكلام وطيب القول ، المناقض للكلام الخبيث بدلالاته وإيحاءاته المسيئة ، التي يكب الناس بسببها على مناخرها في النار ، كما قال رسول الله ، ولو كان كلاما من قبيل عبارة "المداويخ" التي تلفظ بها أحد زورائنا الميامين رغم ما تحمله وما تعنيه لدى المغاربة من معاني القدح والتحقير