هاني مسهور يكتب:
في حضرة محمد بن زايد
في سنوات مزاملة القلم، ومطاردة الأفكار تظل في وجدان الصحفي حالة من النهم، تبحث عن وسام في مكان ما، لم تتوقف لسنوات طويلة حالة الشغف ببلوغ النقطة الأبعد حتى وإن لفها كثير من الشقاء بين بحث عن خبر وتنقيب عن معلومة، والوصول إلى استنتاجات تتحول إلى المادة الخام للمقالة القادمة.
مرت الأعوام بهذا التزاحم حتى وصلت المسافة إلى الصفر في حضرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
اللقاء بالشيخ محمد بن زايد كان محفزاً كبيراً في الاستمرار على درب المهنة الموسومة بالمتاعب، وكلماته الأكثر تأثيراً تبقى في تأكيده على أنه ومعه الإمارات وشعبها سيمضون بثبات وإيمان على صيانة الأمن العربي، والمحافظة على الهوية العربية من تدخلات الطامعين، هنا تبدو الإمارات في كلمات محمد بن زايد الشخصية الأكثر تأثيراً في محيطنا لأنه ينطلق من ثلاثة ثوابت صنعت الرؤية ومنحت الإمارات المركز الريادي.
يرتبط الشيخ محمد بن زايد في الذاكرة العربية بصورة القائد في ميادين الحرب، وسيرتبط في التاريخ السياسي على أنه الشخصية التي تحملت أعباء مسؤولية الامتداد لتثبيت الدولة الوطنية على ما أسسها والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يرحمه الله، ففي حين يمر العالم العربي بمنعطفات سياسية حادة نجحت الإمارات العربية المتحدة في أن تظهر نجاحها السياسي، من خلال النموذج السياسي الاتحادي الذي أثبت نجاحاً باهراً، وتحولت التجربة الإماراتية لإلهام عابر لشعوب الشرق الأوسط والعالم.
فلقد كان التحدي ببناء الهيكل السياسي داخل مجتمع بدوي تحدياً لمؤسس لم يخضع للمستحيل، فوضع أسس الدولة، وكان على قادة الإمارات من بعده أن يعبروا بالنموذج الإماراتي أصعب مراحل الاختبار، التي عرفها العالم العربي في تاريخه.
قدمت دولة الإمارات مواقف صلبة بانحيازها إلى تثبيت دعائم الدول الوطنية، فمن مشاركتها الفاعلة ضمن قوات درع الجزيرة في البحرين إلى دعم ثورة 30 يونيو المصرية، وحتى الاستجابة لنداء الشرعية اليمنية في المشاركة ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في عملية عاصفة الحزم، هذه المواقف جاءت في سياق منهج سياسي يرتكز على المساهمة الفاعلة في حماية الأمن القومي العربي، والعمل ضمن المجموعة الدولية لتثبيت الأمن والاستقرار.
نجح الشيخ محمد بن زايد في أن يجعل من دولة الإمارات واحدة من أكثر الدول تأثيراً في المنطقة انطلاقاً مما تملكه الدولة من ريادة اقتصادية، تترجم سياسياً وعسكرياً في اتجاهات عدة؛ لعل أهمها على الإطلاق مكافحة الإرهاب التي وضعت فيه الإمارات بصمة مؤثرة سواء من خلال الاعتدال الديني وقيم التسامح، التي تعيشها الدولة، أو من خلال جهدها العسكري، الذي يشار إليه في تحرير ساحل حضرموت كواحدة من أبرز التجارب الدولية في تطهير مساحة جغرافية واسعة عملت فيها القوات المسلحة الإماراتية الدور الرئيسي بطرد تنظيم القاعدة وتحرير المكلا.
الإماراتيون يقدمون أنفسهم كدولة وشعب كنموذج قادر على التأثير، وتبدو هذه الحالة المتوهجة هي نتيجة لعمل تراكمي بدأ مع المؤسس الوالد، الذي اعتبر ذلك تحدياً لا بد من أن يكسبه الشعب الإماراتي، وتبدو الإمارات مع محمد بن زايد قد حققت ذلك التحدي، وما زالت تواصل مسيرتها في الاتجاه صعوداً عبر تعزيز التنمية في كوادرها على كل المستويات بتوفير بيئة تعليمية وثقافية لا تعرف مستحيلاً أمامها، وهو ما تمثله شخصية الشيخ محمد بن زايد في تشكيلها وقدرتها على مواصلة المسيرة الاتحادية إلى آفاق أعلى من الإبهار والنجاحات.
مع كل هذه المسؤوليات الجسام يجد كاتب صحفي نفسه مشمولاً بوسام من التقدير، قيمته أنه يأتي من قائد ترى فيه الشعوب العربية قائداً قادراً على أن يمنحها ما تستحقه من الحياة الكريمة، هذه الشخصية التي تستطيع أن تحيط بك وتقدرك وتحتويك ليست شخصية عابرة، فيكفي أنه محمد بن زايد آل نهيان.. وكفى.