مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
للتذكير، التعبير عن الرأي مسؤولية ضمير
الموقف غير إبداء الرأي، والأخير قيمته من قيمة صاحبه الهادف نِعْمَ السَّعْي ، دون جعله منال "التداوي" بالكيّ، أو التعالي دون موجب حق لمرتبه الوصي ، ودونه سائل غير صالح للري ، مقبول إن كان المصدر الضمير الحي، ومرفوض إن قيس بالزمان والمكان فَما عٌثِرَ عن فحواه إلا مَن كان بالافتراء غني .
الموقف شيء مخالف ، لا يحتمل التزييف ، ولا يرضى التسويف ، لا يتلاءم والخائف ، إن كان الداعي الحق يتصدى جور المُلَوِّح بالسيف ، يشتهى ضرب رقاب معارضيه لإسكات حناجر من نعتهم بأرذل وصف ، وهم لا يستحقون غير المدح لو كان يعرف .
الموقف النظيف ، بمراوغات السياسة المتحركة لاقتناص المنافع الظرفية لا يعترف ، ومن التملق بكل صفاته لا يغترف ، و للوصول لغاية مغرية لا يلتف ، عنده التقدم إلى الأمام لقضاء مآرب مشكوك في أمرها يفضل الرجوع عنها للخلف . مهما تشكَّل الكم والكيف .
الموقف الأصح، رجولة مشبعة بشيمة أسمى كفاح، مودية الشهادة لتقويم الميزان لفرض أنبل إصلاح، البادئ بترك الفرد حراً غير مًعَرَّضٍ لمضايقه أو استفزاز إن صاح : "اللهم هذا منكر" حينما يرى الكرامة الإنسانية أمامه تُذبح.
... ما يقع في السودان يُنقل بكلمات مُشَفّرَة صعب الإطلاع على مضمونها معلومات كانت أو "آراء" دون امتلاك باعثيها حق إبداء "موقف" مهما وصل حجمه من حيث التأثير على اتخاذ القرار الأنسب لكل حالة على حدة ، مسخرة في العملية أرقى المبتكرات التكنولوجية عرفها الاختصاص في العالم المتقدم ، ليصل التخاطب الثنائي عبر أقمار غير معلنة عن مهامها الرسمية مشخصة اهتماماتها الآونة على نقط ساخنة بعينها ومنها بكل تأكيد السودان لأسباب تضعها دول كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا صوب أعينها ، مدركة في ذات الوقت أن للأولويات حكم مفروض طاعته بالكامل ، وعندما نفحص مستوى المتتبعين على ارض الخرطوم خاصة من ذوي التراخيص الشديدة المفعول والدقيقة الحصانة نعلم أن المجلس العسكري السوداني ليس وحده المكلف بتطبيق برنامج مُعَد لن يزيغ عنه قيد أنملة ، مسألة التفاوض تبقى وسيلة مطالب التعامل معها لإلهاء الشعب وضياع الوقت الذي يعتبر العدو اللذيذ للثورة الشعبية المندلعة سلمية تلقائية من طرف عموم المواطنين بغير تأثير ذي بال من جهات مُعيّنه كل همها التربع فوق كراسي الحكم مهما كانت الغاية وليس لموقف راسخ أساسه تنظيف الوطن من الفساد بكل أشكاله والمفسدين مهما كانوا وكيفما كانوا وانجاز برنامج مبتكر شكلا ومضمونا صادر عن إرادة جماهيرية مكتوية كانت ولا تزال بنار نظام أوصلها لما تتخبط فيه من ويلات لا تُحصى .
... ما يروج معروف القائم عليه ، مشكلته الفعلية أن جل السودانيين كالسودانيات "متسيسون" لدرجة مقبولة ، على اطلاع واسع بما يجري داخل وطنهم وخارجه بأسلوب هادئ و إحساس مرتبط بالحب والإخلاص لوطنهم ، يتحدثون كما يفكرون جهرا لثقتهم المتينة في النفس ويقينهم الممتد لمستوى تربيتهم الدينية ، فيعلنون أن ثورتهم غير خاضعة لجهة بقدر ما هي ملك مُحفَّظ للشعب برمته ، لذا لن يؤثر فيهم ما يروج مهما كان القائم على ما يروج لابسا الزي العسكري أو المرتدي البذلة المدنية لجهة من الجهات ، على الأقل في الوقت الحالي ريثما تتيقن الدول الداعمة لاستعباد السودان أنها تراهن على السراب فالأحسن أن تنشغل بأمور بلدانها الداخلية ما دامت لافتضاح أمرها أقرب من الأقرب .