مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
هل تستثمر السعودية لمصلحتها أم لضمان الحماية الأمريكية؟
الرئيس ترامب قد يُلزِم المملكة العربية السعودية باستثمار أكثر من 600 مليار دولار داخل أمريكا مع تخفيض سعر النفط كمرحلة أولى تتلوها مراحل وتأكيدا ستلبي هذه الدولة المسلمة العربية مثل الإلزام مضاف اليه قبلة طويلة عريضة تطبعها على الراية الأمريكية المرفرفة فوق رأسها معبرة عن المفهوم لدى العرب من الخليج إلى المحيط كثيراً وقليلاً غير المفهوم ، الرئيس ترامب لا يُلام ببحثه عن ايسر الطرق لجلب منافع قيِّمة لبلده وخدمة لبرامج يريد بتنفيذها أن يُعوض أمريكا دولة وشعباً ما خسِراه في الأربع سنوات الماضية كأمرٍ بإرادة الأقوياء فكراً وسياسةً مختوم ، وهكذا تبرهن المملكة العربية السعودية للمرة الألف بعد الألف أنها أبعد ما تكون عن زعامة المسلمين العرب دولاً وشعوبا لعدم التحكم حتى فيما يخصها وأهمه المال كأغلى محور للسيادة الفعلية المفروض أن يُخَصَصَ صرفه أو استثماره بقوانين تحمي حقوق السعوديين وتنمي ما هم في حاجة لتنميته والدفع بأشباح فاقة أصبحت تلوِّح على سطح مجتمعهم في بعض الجهات وتقرِّبهم يوماً عن يوم لما يترتَّب عن ذلك من هموم ، حكام ذاك البلد اختاروا ما يناسبهم مهما نأوا به عن محيطهم البيني ولغتهم والأمَرّ من ذلك العقيدة المتحملين مسؤولية تصريف شؤونها المرتبطة بتوقير واحترام تعاليمها الجاعلة من المعتنقين لها عن إيمان راسخ أَوْلَى بتقاسم الخيرات وتعميم التضامن في السراء والضراء ورفع الأهمية لإزاحة المنكر بكل صنوفه مهما ظهر علانية أو عن تستُّر بين أطراف المؤمنين حكاما أو محكومين يحوم .
كان على السعودية انطلاقاً مما ذُكر الاستثمار الأحق بالجوار والأردن من الأخيار بشهادة العموم، أو في مصر العزيزة أم هو الأجنبي مَن يحظَى بالأسبقية المُطلقة طناً من السعودية الرسمية انه القادر على حمايتها أو بالأحرى تحصين حكامها من غضب إرادة لا تُقهر نابعة من شعب حالما يقرِّر تحرير كيانه ممَّا أذاقوه هؤلاء من مذلة تفوق ألم تجرُّع أخطر وأفتك السموم . والسؤال المطروح بعناية قصوى الآن لدى كل العقلاء في المحافل الدولية وبعدها المحلية أهو مال الشعب كي يقرر مآله أو ملكية خاصة لطبقة حاكمة تبدده كما تشاء والجواب ذاهب لا محالة لتغليب الوصف الأخير جاعلاً الشعب في الموضوع آخر مَن يعلم بادي على معظم وجوه الواعين منه وما أكثرهم بعمق الحقائق الوجوم .
قد تكون تلك المبالغ الهائلة موجهة لخلق مشاريع تخفف من وطأة ما تعرَّضت اليه أمريكا من كوارث طبيعية غير مسبوقة ومنها ولايات ست تعاني من شبح الضياع الزاحف بغضب لا يراعي التخفيف بل التصاعد في تضييق الخناق وتلك مظاهر لم تألفها تلك الولايات الست من قبل على امتداد سنوات طويلة ماضية ، وإن كانت النار أتت على معظم مقاطعة لوس أنجليس حرقا وتشريدا لأهاليها وهم من أغنياء أغنياء أمريكا على الإطلاق ، ففي الولايات الست المشار إليها لاحقاً عاقبها البرد المفرط وتهاطل الثلوج بكثافة مدمِّرة ، ليسجل المِحرار 25 درجة تحت الصفر ، الولايات الست (حيث يُواجه أكثر من 60 مليون من الأمريكيين حالة طوارئ قد تستغرق لبعض الوقت) وهي كنتاكي وفرجينا ووست فرجينيا، وكانساس واركانساس وميسوري .
المسالة تجاوزت الصدف غير المرغوب فيها المرتبطة بظروف يمكن التغلب على مخلفاتها ، تجاوزت عن اختلاف كلي قد يجعل الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بما شعر به معظم سكان غزة وهم يتلوون في الطرقات جوعاً ومن فوق رؤوسهم بنادق قناصة يختارون من يسقطوا منهم والدم يصبغ وجوههم بالأحمر التارك في مذكرة تاريخ الصهاينة الأسود ما سيؤدون ثمنه غاليا آجلا وعاجلا ، ومعهم تلك الإدارة الأمريكية التي ساعدت ومولت وخططت لتتم اكبر مجزرة في تاريخ الإجرام الدولي ، الثمن بدأ ببروزه انطلاقا من لوس أنجليس وما لحق ولايات الوسط من تلك الدولة التي أصبحت في حاجة لأموال السعودية كي تلبي متطلبات أعمار ما احترق أو تدمر أو انهار ، علما أن أموال الدنيا كلها لن تسعف أي ظالم تحدى عظمة الخالق الذي لا يملك أي مخلوق مهما ملك إلا الاستكانة لتلقي أمر كائن بين الكاف والنون عند القادر على كل شيء سبحانه وتعالى الحي القيوم ذو الجلال والاكرام ، أقول هذا وأمري لله .