نورا المطيري يكتب:
الناقلات في أعالي البحار
حرب ناقلات النفط ليست جديدة، فبسبب جار الخليج الشرير، عرفت ثمانينيات القرن الماضي، هذه الحرب الإرهابية، حين لغّمَت إيران، في العام 1987، خلال الحرب العراقية الإيرانية، وهاجمت براً وبحراً ناقلات النفط الخليجية، وكانت معظم الخسائر من نصيب ناقلات الكويت، وقُدّرت الخسائر في تلك الحرب بمليارات الدولارات، وألحقت أضراراً بيئية وبشرية ومادية كثيرة، وقتل حوالي 430 بحاراً مدنياً، ويومها اضطرت السفن الحربية الأمريكية أن تنشر حراسة مشددة على مضيق «أعالي البحار»، بسبب الأفعال الإرهابية..!.
تعود حرب ناقلات النفط إلى واجهة الصراع بين الخير والشر، بين الاستقرار والفوضى، في ظل وجود نظام الملالي الذي تخصص في زرع الفتن والاضطرابات، وزرع الألغام البرية والبحرية، في محاولة جادة منه لخلخلة النُظم الاقتصادية وضرب أسعار النفط، ما أغضب المجتمع الدولي، ودفعه إلى تشكيل تحالف عالمي، لشل حركة الميليشيات الإيرانية في مضائق البحار، وتتجلى الأحداث، هذه المرة، بشكل أوسع وبصورة خطيرة، في ظل تحالف يسعى لتأمين الملاحة الدولية ويتصدى للنظام الإيراني وميليشياته وأذرعه الإرهابية.
إيران تلعب بالنار، بل وتختبر الصبر الأمريكي، والأخير يمسك بخيوط اللعبة كلها، ويراهنان كلاهما على الانتخابات الأمريكية القادمة. في إيران وحسب تطمينات الديمقراطيين المتآمرين، فإن الملالي متأكد، أن أمريكا في الوقت الحالي لن تبدأ حرباً عسكرية، فأدرك ترامب المكيدة، وراح هو الآخر يلعب في المساحة المتاحة لذلك، وبين فرض المزيد من العقوبات المرهقة لإيران، والتحشيد مع الحليف البريطاني، بعلانية تشبه السر، والسر المعلن، بات ينشر القوات والمعدات هنا وهناك، على مقربة من مضيق أعالي البحار (هرمز سابقاً)، وفي ذات الوقت، فتح طاولة الوساطة، للعودة إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.
تصريحات عشوائية متلاحقة متناقضة، تصدر عن النظام الإيراني، تؤكد غياب الإجماع على قرار الحرب أو المفاوضات، لكن الدائرة الضيقة، بين الحرس الثوري والمرشد علي خامنئي، التي تهمش الدبلوماسية، وتتجاهل رئاسة حسن روحاني، تضع مخ النظام الإيراني في حالة تشويش، وتدلل على خلل حقيقي في وظائفه وبياناته.
جواد ظريف، وزير خارجية إيران، ينفي إسقاط واشنطن لطائرة مسيرة تابعة لطهران، وقال: «ليست لدينا أي معلومات عن فقدان طائرة مسيّرة»، ثم خرج نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بتصريحات أكثر غرابة، قائلاً: «إن الولايات المتحدة قد تكون أسقطت واحدة من طائراتها المسيرة، عن طريق الخطأ»، كذلك تصريحات أخرى بعيدة عما يدور حقاً، لكنها تشي كلها، أن التوتر الداخلي قد نشب فعلاً بين القوى السياسية الحاكمة وبين أقطاب الحكم في إيران.
أوروبا، في ذلك الجانب من العالم، أظهرت نوعاً من الموافقة الضمنية للسياسات الأمريكية، وانضمت إلى مشروع إعادة العقوبات على طهران، ولم يعد خافياً، أن المملكة المتحدة قد أصبحت جزءاً من مخطط يود الضغط، بشكل جدّي، على إيران، سياسياً أو عسكرياً، فيما تذهب إليه، لذلك بادرت، بشكل مفاجئ إلى احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مياه جبل طارق، وباتت بريطانيا، مع فريق ترامب، المؤلف من مايك بومبيو وجون بولتون، يواجهون آلة الشغب الإيرانية، بما لديهم من ملفات.
وجهة نظري، أن نجاح أمريكا في تشكيل تحالف بحري دولي لتحصين الملاحة في مضيق «أعالي البحار»، هرمز سابقاً، وإيجاد آلية للتواجد الدائم وعمليات الرصد والإشراف والرقابة لحركة السفن البحرية في الخليج، سوف يردع بلا شك، الحرس الثوري الإيراني، على القيام بأية ألعاب بهلوانية، سيتسبب الخطأ الواحد فيها على جر إيران إلى ما لا تعرف نتائجه..!.
* كاتبة وإعلامية